أفين باشو: نموذج الأمة الديمقراطية حل شامل للأزمة في سوريا والشرق الأوسط
أكدت أفين باشو، الإدارية في المعهد العالي للفنون في الحسكة أن نموذج الأمة الديمقراطية يُعد الحل الأنسب لمعالجة الأزمة في سوريا والشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن هذا النموذج يمثل رؤية شاملة وقادرة على تجاوز كافة التحديات التي تواجها المنطقة.

رونيدا حاجي
الحسكة ـ نموذج الأمة الديمقراطية تم تطبيقه في نظام الإدارة الذاتية بإقليم شمال وشرق سوريا، حيث تجسد من خلاله نموذج قائم على الحياة المشتركة والتكافل المجتمعي، وأصبحت مصدر أمل لشعوب الشرق الأوسط والعالم بأسره.
من خلال حديثها لوكالتنا، تناولت أفين باشو، الادارية في المعهد العالي للفنون في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا نشأة مشروع الأمة الديمقراطية وتجربته الحية في المنطقة.
"الخطوات والمبادئ نحو الأمة الديمقراطية"
وأكدت أفين باشو أن مسار بناء الأمة الديمقراطية قد شُيّد بقيادة الشعوب، مشيرةً إلى أن هذه التجربة لم تكن وليدة ثورة 19 تموز فحسب "في إقليم شمال وشرق سوريا، لم تكن الخطوات الريادية التي أُطلقت مرتبطة فقط بثورة 19 تموز، بل سبقتها تجربة طويلة بدأت بقيادة شعبية من النساء والرجال، وسط ظروف قاسية ونظام سلطوي لا يعترف بالهوية أو اللغة أو الوجود القومي، شقّ طريق الريادة رغم كل التحديات".
وأضافت "في تلك المرحلة، استُهدف العديد من النساء والرجال، وتعرض الكثير منهم للاعتقال والتعذيب من قبل النظام البعثي البائد والدولة التركية، لكن رغم ذلك، لم تكن تلك المعاناة سبباً للتراجع، بل دفعتهم نحو خطوات أكثر تقدماً"، لافتةً أنه "قبل أيام، عُقد مؤتمر لكوادر الأمة الديمقراطية، لكنني أستطيع القول إن هذا المسار قد بدأ منذ سنوات، وهو بالفعل ثمرة ريادة شعبية متواصلة".
وأشارت أفين باشو إلى أن مواصلة المسار الثوري تتطلب وجود كوادر مؤمنة بنموذج الأمة الديمقراطية ومستعدة للتضحية "في ظل النظام القائم في إقليم شمال وشرق سوريا، وبعد ثورة 19 تموز، تمكنا من تأسيس مئات المراكز والمجالس، إلى جانب تطبيق نظام الرئاسة المشتركة، كما تم تشكيل قوات عسكرية وتنظيم بنية سياسية ودبلوماسية جديدة".
وشددت على أن "هذا المسار بحاجة إلى قيادة ريادية قادرة على نقله إلى مرحلة أكثر تطوراً، وتحمّل أدوار ومهام أكبر من قبل أولئك الذين يؤمنون فعلياً بنموذج الأمة الديمقراطية، بحيث يعمقون فهمهم لها ويعملون على توسيعها وتوضيحها في محيطهم".
ولفتت إلى أن "العديد من الأشخاص الذين انخرطوا في هذه المنظومة، وفي فكر القائد أوجلان باعتباره منبعاً لتطوير الأمة الديمقراطية، كانوا على وعي تام، خاصة أن القوى السلطوية كانت تسعى دائماً إلى زرع الكراهية في قلوب أبناء الأمة تجاه الأمم الأخرى، لكنهم لم يسمحوا بحدوث ذلك".
"حرية المرأة ركيزة المقاومة والتنظيم المجتمعي في وجه الإبادة"
واصلت أفين باشو طرح تقييماتها، متطرقةً إلى المبادئ الأساسية التي تقوم عليها منظومة الأمة الديمقراطية "الركيزة الجوهرية في هذه المنظومة هي حرية المرأة، وهي قيمة تم ترسيخها فعلياً وتجسيدها في الحياة اليومية، سواء داخل المراكز، أو الكومينات، أو حتى في البيوت، وبحسب مبادئ الأمة الديمقراطية، ينبغي أن تتولى المرأة دور الريادة".
وشددت على أن "المسؤولية الأساسية تقع على عاتق كوادر الأمة الديمقراطية في تعريف وتوضيح هذه المنظومة، انطلاقًا من مبدأ حرية المرأة والعيش المشترك الحر"، مشيرةً إلى أنه رغم التحديات الكبيرة التي تواجه سوريا، فإن مستوى التنظيم الشعبي لا يزال دون المطلوب، كما أن آليات الحماية لا تعكس حقيقة الشعب الثوري.
وأوضحت أن كل شيء يصبح أكثر تعقيداً عندما لا تكون معايير حرية المرأة في مستوى متقدم، وعندما يغيب الاقتصاد المجتمعي "إذا لم تُحمَ أفكارنا ووجودنا، وإذا لم نمتلك نظاماً قوياً، فإننا سنواجه الإبادة الجماعية، ولهذا، يجب أن يكون الشعب هو الحامي الحقيقي لنفسه، وعلى هذا الأساس، تم خلال مؤتمر كوادر الأمة الديمقراطية مناقشة نقاط محورية، وجرى التركيز بشكل خاص على دور المرأة، لأن الهجمات التي تُشن على المجتمعات غالباً ما تستهدف النساء بشكل مباشر".
وأكدت على أن "دور الكوادر النسائية في منظومة الأمة الديمقراطية يُعد بالغ الأهمية، وينبغي أن تتمكنّ النساء من تعميق فهمهن لمعايير حرية المرأة، والنضال من أجل ضمان حقوقهن".
"الكومينات المنظمة تمنحنا الثبات في الحوارات"
وسلّطت أفين باشو الضوء على أهمية دور الكومينات، مشيرةً إلى أن أحد المحاور الأساسية التي نوقشت في مؤتمر كوادر الأمة الديمقراطية كان موضوع الكومينات، مؤكدةً أن الجميع يدرك تماماً أن الكومين يشكل الأساس الجوهري لنموذج الأمة الديمقراطية "إذا لم يتم تفعيلها بشكل صحيح، فإن أعمالنا في المؤسسات، المجالس، الفرق، والمجالات السياسية والعسكرية لن تكون بالمستوى المطلوب".
ولفتت إلى أنه "من الضروري أن تكون الكومينات قوية، لأن الحياة الكومينالية التي تم إقصاؤنا منها هي إحدى الركائز الأساسية للأمة الديمقراطية، ففي الكومينات تُمارس قيم التعاون، التنظيم المشترك، التربية، والقيادة، لذلك، كان من أبرز النقاشات في المؤتمر كيفية بناء تنظيم كومينالي أكثر تطوراً".
وشددت على أن "الكومين هو القوة المحركة لنظام الإدارة الذاتية، خاصة في الحوارات الجارية مع دمشق، وما يميز نظامنا عن النظام الدولتي هو طبيعته الكومينالية، وليس الفردية، وبالتالي، كلما كان أساسنا التنظيمي الكومينالي أكثر صلابة، كان الحوار أكثر قوة وتأثيراً".
"مهمة ودور كوادر الأمة الديمقراطية يكمن في تثقيف الذات والمحيط"
كما تناولت أفين باشو دور كوادر مشروع الأمة الديمقراطية داخل المجتمع، موضحةً أن من أبرز مهامهم هو تثقيف أنفسهم ومحيطهم، وتعميق فهمهم للمشروع الديمقراطي والعمل على نشره "في هذا السياق، يُعد مجال التربية من المجالات الحيوية والأساسية، فعندما نتحدث عن التربية، لا نعني فقط التعليم الأكاديمي، بل نشير إلى التحول الفكري الواعي".
وأكدت على أن "نشر أفكار الأمة الديمقراطية في مجال التربية لا يتم فقط عبر المناهج، بل من خلال تربية تفاعلية، ونقاش مباشر مع الأفراد، وتربية تنبع من الحياة الإنسانية ذاتها، وعلى هذا الأساس، فإن البرامج التربوية الأكاديمية التي تُنفذ داخل الأحياء والمدن تُعد من المهام الجوهري لكوادر الأمة الديمقراطية".
"جاهزون للتغيير والتحول وسنكون الرد المناسب"
وأكدت أفين باشو أن تلبية دعوة القائد عبد الله أوجلان يمثل خلاصاً من الإبادة الجماعية، مشيرةً إلى أن المسار لا يمكن أن يبقى على حاله، بل يجب أن يكون قابلاً للتغيير والتحول "دعوة السلام وبناء مجتمع ديمقراطي قد أُطلقت، وتنظيم مؤتمرات كوادر الأمة الديمقراطية هو استجابة مباشرة لهذه الدعوة، فقد ركّز القائد أوجلان على أهمية تنظيم الشعوب ضمن منظومة الأمة الديمقراطية، وعلى تعزيز الأسس المجتمعية للشعوب لمنع تكرار الإبادة الجماعية".
وأشارت إلى أنه "خلال فترة وجيزة، شهدنا مدى التماسك داخل سوريا، وفي مواجهة الفتنة التي تُزرع بين مكونات المجتمع السوري، فإن اتخاذ قرارات في المؤتمر يُعد خطوة مهمة ورداً مباشراً على تلك الفتن، فهناك تماسك شعبي واضح في إقليم شمال وشرق سوريا، وقد تعزز هذا التماسك بعد دعوة القائد أوجلان، مما مكّننا من حماية وجودنا المشترك".
"بنضالنا سيغدو نموذجنا مثالاً يُحتذى به"
وفي ختام حديثها، دعت أفين باشو إلى رفع مستوى النضال، مؤكدةً أن "العقلية التي تحكم سوريا هي عقلية الحرب، لا السلام؛ هي عقلية الإقصاء، لا التعدد؛ عقلية الأحادية، لا التعددية، لهذا، عندما تظهر قوة شعبية حقيقية، فإن هذه العقلية تتصدع، فمنذ انطلاق ثورة 19 تموز، كانت دعوتنا الدائمة أن نموذج الأمة الديمقراطية هو النموذج الأنسب لحل أزمة سوريا والشرق الأوسط، لأنه لا يقوم على التمييز بين المرأة والرجل، أو بين الأديان والمعتقدات، أو بين القوميات، فعندما يوجد نظام، يجب أن أرى نفسي فيه، أن أكون صاحبة وجود وهوية مهما كانت ديانتي أو معتقداتي أو قوميّتي مختلفة، فلا ينبغي أن تكون سبباً للمشكلة. نحن نناضل من أجل أن يتحول النموذج القائم في إقليم شمال وشرق سوريا إلى نموذج يُحتذى به في عموم سوريا، لأن سوريا تمتلك موقعاً تاريخياً عريقاً، وقد لعبت دوراً محورياً في تاريخ الإنسانية، ومن خلال هذا المشروع، يمكن لسوريا أن تستعيد دورها الأساسي مرة أخرى، وأن تصل إلى السلام في مواجهة الحرب".