لصنع أطباق مبتكرة... حنان العبيدي تبدع في إعداد الطعام الصديق للبيئة

نجحت حنان العبيدي خلال السنوات القليلة الماضية، في احتراف الطهي المستدام وإعداد الأطعمة الصحية والصديقة للبيئة بطرق مبتكرة، لتجعل منه اختصاص عملها ومن خلاله نالت العديد من الجوائز المحلية والعربية.

إخلاص الحمروني

تونس ـ أكدت الشيف حنان العبيدي، أنها اتجهت للتخصص في إعداد الأطعمة الشعبية الصديقة للبيئة، من أجل المحافظة على المستقبل الغذائي، عبر إحياء الموروث الغذائي القديم المحافظ على الصحة والطبيعة.

تقول الشيف حنان العبيدي عن تجربتها في طبخ الأطعمة الصديقة للبيئة "كان لدي شغف بالطبخ منذ صغري، لذلك خضعت للكثير من الدورات التدريبية لتعليم هذا الاختصاص وإتقانه خاصة الطبخ الصديق للبيئة، وإحياء الموروث الغذائي القصريني نسبة الى مدينتي القصرين، وأعمل الآن على الطبخ الذي يختص بالطعام الغذائي الطبيعي أي الاستغناء الكلي عن السكر الأبيض واستغلال المنتوجات الطبيعية لاسيما الخضروات والنباتات الموجودة في مناطق القصرين".

واعتبرت نفسها من "الطهاة البيئيين في تونس" اللذين يسعون لإضافة لمستهم إلى المطبخ المعاصر، مستلهمين أفكارهم من البيئة لصنع أطباق مبتكرة شهية وصحية وأكثر استدامة، عبر التفكير بمكونات جديدة لا تحظى عادة بالاهتمام ضمن قائمة مكونات الأطباق المعروفة.

وأشارت إلى أنها اتجهت للتخصص في إعداد الأطعمة الشعبية الصديقة للبيئة، واستخدام مختلف أنواع الحيوانات في صنع أطعمة مستدامة، وإعادة تدوير الأطعمة المتبقية لصنع وجبات جديدة، والإقلال من استهلاك اللحوم والإكثار من تناول الخضروات والفواكه والبقوليات.

وقالت إن الطبخ الصديق للبيئة الذي يسمى بالطهي المستدام يعتمد على المنتوجات الغذائية أو الفلاحية دون المساس بحقوق الأجيال القادمة في طبيعة أمنة وأمن غذائي دون هدر وإفراط الثروة الطبيعية والمحافظة على المستقبل الغذائي، عبر إحياء الموروث الغذائي القديم المحافظ على الصحة والطبيعة.

ولفتت إلى أن الأجيال الجديدة تجهل الكثير عن خصائص الموروث الغذائي الخاص بجهتها الغنية بثرواتها الباطنية الفلاحية، الأمر الذي شجعها على البحث عن هذا الموروث من أجل إحياءه وحمايته، موضحة أنها اكتشفت في رحلة بحثها أن النساء نجحن في تحقيق الاكتفاء الذاتي التام لأنهن لم تهدرن أي منتوج وترمين به في سلة المهملات، بل على العكس كن تعمدن إلى الاستفادة من كل الفضلات مثل استغلال بقايا الخضروات كغذاء للمواشي أو كسماد للنباتات بعد تجفيفها.

وأوضحت أنه بالرغم من افتقار جهتها بوصفها منطقة ريفية مهمشة إلى أبسط مقومات التنمية، إلا أنها تتميز بتراث وأصالة وهذا ما شجعها على التخصص في هذا المجال القديم المتجدد، مشيرة إلى أن جل نساء منطقتها تمارسن الطبخ المستدام دون علم لأنهن ورثن عن أسلافهن السابقات بعض ميزات الطهي المستدام مثل الطبخ في أواني من الطين على نيران الحطب.

وأضافت أن الطهي المستدام يساعد على التمتع ببنية صحية ممتازة، وساعدتها هذه الممارسات على المزيد من التخصص بالطهي المستدام بحكم انتشار هذه العادات التاريخية المتأصلة عند نساء الجهة.

وحول أهمية هذا النوع من الطبخ أكدت أنه "عندما نتحدث عن الطهي المستدام نتحدث عن أهميته الاقتصادية بحكم أنه مجال يحافظ على البيئة والطبيعة والإنسان معاً، بمعنى أن المرأة عندما تعتمد على الطهي المستدام ستركز على استعمال الخضروات والأسماك، وبالتالي ينقص استهلاك اللحوم، الأمر الذي يحافظ على الطبيعة لأن تربية الماشية والدواجن تعتمد كثيراً على استهلاك المياه والزراعة، ونحن الآن على حافة الجفاف ومن واجبنا المحافظة على الموارد المائية".

ونوهت إلى أن اعتماد المرأة على الطهي المستدام من شانه المحافظة على البيئة بمختلف الطرق، لأن المرأة عندما تطبخ بطريقة مستدامة تحد من استهلاك الكربون واستهلاك الغاز، رغم أنها ستعتمد طرق بدائية نوعاً ما تضمن مذاق شهي من جهة والمحافظة على صحتها وجمالها من جهة أخرى.

وبينت أنه في السابق كانت النساء واعيات بضرورة المحافظة على البيئة والطاقة وثروات البلاد من أجل الأجيال القادمة أكثر من هذه الجيل "المرأة في الماضي لم تكن ترمي ببقايا الخبز القديم لإعادة استعماله وتجفيفه تحت الشمس وتحويله إلى مسحوق يضاف إليه بعض البهارات مثل إكليل الجبل واستعماله في إعداد الدجاج وبعض المأكولات الأخرى، كما كانت تجفف عدة منتوجات أخرى مثل الخضروات لاستعماله في الطبخ خلال فصل الشتاء، وهي بذلك تحقق اكتفاءها الذاتي من منتوجات طبيعية صحية متوفرة سواء في المنزل أو الحقل".

 وفي ختام حديثها قالت حنان العبيدي، إن حرص المرأة على إتباع أسلوب الطهي المستدام من شانه المحافظة على التنوع البيولوجي "أدعو الأجيال القادمة للاهتمام والحفاظ على العادات الطبيعية عند الطبخ وخاصة ممارسة الطهي المستدام والتقليص من الطبخ العصري، لأن تداعياته لا تقتصر على الناحية الصحية بل تطال البيئة أيضاً".