المياه المكلورة تنذر بمخاطر صحية على نساء وأطفال إدلب

يزيد شرب المياه المعالجة بالكلور من خطر الإصابة بسرطان المعدة والأمعاء، وعلى الرغم من الآثار الإيجابية والمنافع التي حققها تعقيم المياه بالكلور على الجسم إلا أنه بالمقابل له تأثرات ضارة على صحة الإنسان.

هديل العمر

إدلب ـ تعاني عوائل نازحة في مخيمات إدلب من خطر الإصابة بأمراض سببها المياه المعقمة بمادة الكلور التي تقدمها بعض المنظمات هناك، دون النظر في مخاطر ما قد تسبب هذه المياه على حياة الناس الذين يعيشون أصلاً في بيئة هشة صحياً.

حتى وإن استفادت العوائل النازحة من الدعم الذي تقدمه بعض منظمات المجتمع المدني من ناحية توزع مياه الشرب مجاناً على بعض المخيمات، إلا أن تلك المياه يتم تزويدها بمقادير غير مدروسة وعشوائية من مادة الكلور بهدف تعقيمها من الميكروبات، لتشكل تلك النسب العشوائية تحدياً جديد يهدد حياة تلك العوائل نظراً لما تسببه لهم من أمراض ومشاكل صحية عديدة، جل ضحاياها من النساء والأطفال.

تضطر عائلة حياة البري ذات الـ 44 عاماً نازحة من مدينة خان شيخون ومقيمة في مخيمات دير حسان، لشرب المياه التي توزعها عليهم المنظمات كل فترة والمنبعثة منها رائحة الكلور بشكل واضح والتي تسبب لهم مشاكل صحية متعددة وذلك بسبب عدم قدرتهم على شراء المياه النظيفة من الباعة لغلاء أسعارها التي باتت تفوق قدراتهم المادية المتردية.

وقالت حياة البري إن استنشاق رائحة الكلور أثناء الاستحمام أو الشرب يزيد لدى أفراد أسرتها من أعراض الربو والحساسية بشكل كبير، "أطفالي يعانون بعض الأمراض الصدرية منذ زمن ولكن أعراضها زادت بعد استخدام المياه المضافة إليها الكلور التي تقوم المنظمات بتوزيعها علينا، حيث تكررت لديهم نوبات الربو وأمراض الحساسية كالسعال وتدمع العيون والسبب ظهر بشكل واضح بسبب المياه المكلورة التي لا يمكننا التوقف عن استخدامها لارتفاع أسعار المياه النظيفة"، مؤكدةً أن شراء خمس براميل من المياه النظيفة يحتاج مبلغ باهض من المال يفوق قدراتهم الاقتصادية، بينما لا يستطيع زوجها تأمين قوت يومهم بسبب قلة فرص العمل.

أما ريم العبد الكريم ذات الـ 33 عاماً تعاني وأطفالها الثلاثة من أمراض جلدية وخشونة الشعر وتساقطه نتيجة استخدامهم للمياه المكلورة التي توزع في مخيمات مشهد روحين، حيث لاحظت أن الاستحمام والاغتسال بهذه المياه يسبب احمرار الجلد خاصة فروة الرأس، ويجعل البشرة جافة كما يصعب تسريح الشعر وتمشيطه.

وتقول إنها وأطفالها يعانون من زيادة قشرة الرأس والحكة والحرقة في العينين منذ استخدامهم لتلك المياه، في الوقت الذي لا تستطيع أن تغير مصدر المياه نظراً لتردي أوضاعهم المادية حيث لا يمكنها شراء المياه بشكل دائم لفقرهم وضيق الأحوال الاقتصادية بسبب قلة فرص العمل والبطش الذي تعانيه المنطقة، حيث أن زوجها يتقاضى أجر زهيداً مقابل عمله في أحد الأفران، وهو مبلغ لا يكاد يكفي ثمناً للخبز وبعض الخضار.

أما بالنسبة للسبعينية صبحية الشمة فتعاني أمراض هضمية جراء شرب المياه المضاف إليها الكلور، حيث قالت "منذ إقامتي في المخيم وأنا أعاني من التهاب في الأمعاء واضطرابات معوية والتهاب في المجاري البولية جراء شرب تلك المياه، نصحني الطبيب بشرب المياه المفلترة بشكل دائم غير أن تلك المياه مكلفة بينما نشكو الفقر وضيق الحال".

ونددت بأحوال النازحين/ات وصحتهم التي باتت متدهورة جراء الاستخدام المتزايد لتلك المياه المكلورة، فقد تسببت لهم بأمراض يصعب علاجها على المدى البعيد.

من جانبها قالت الطبيبة المخبرية رزان الحلاق إن وضع نسب محددة من مادة الكلور في المياه وعلى المدى القصير وتحت إشراف مختصين ليس له أي تأثير على الصحة، لكن الخطورة تكمن في التلاعب بالنسب المعتدلة للكلور في المياه، وعدم قياس الكمية المضافة مع ليترات المياه له والاستخدام الطويل الأجل للكلور في تعقيم مياه الشرب يمكن أن يسبب العديد من الآثار السلبية على صحة الإنسان، ذلك أن الكلور مادة كيميائية قد تتراكم في جسم الإنسان مما يزيد من خطر الإصابة بالأورام السرطانية أو أمراض القلب والشرايين والأوعية الدموية.

كما حذرت من أن تؤدي الكميات العالية من الكلور في المياه لتقليل الكفاءة الإنجابية وحالات إجهاض لدى الحوامل إلى جانب التأثير السلبي على الجهاز المناعي، واحتمالية حدوث التهابات تنفسية وهضمية وأمراض جلدية مختلفة، لذلك من الضروري الاهتمام بجودة مياه الشرب والتأكد من عدم تجاوز الحدود الآمنة لاستخدام الكلور في تعقيمها.

وأثبتت وكالة حماية البيئة EPA الأمريكية إن أحد أسباب سرطان الكلى والقولون والمثانة لدى الكثير من البشر تسببه مادة الكلور التي تضاف إلى مياه الشرب بغرض التعقيم وقتل البكتريا حيث يتفاعل الكلور مع المواد العضوية المعروفة باسم الهيدروكربونات المكلورة أو الترايهالوميثانات (Trihalomethanes) واختصارا تعرف بـ (THMs)، ولها علاقة مثبتة ببعض أمراض السرطان خصوصاً في الكلى والمثانة والقولون، وتفيد أبحاث مجلس الجودة البيئية بأمريكا إلى ارتفاع الإصابة بمرض السرطان بنسبة 44% بين من يستخدم المياه المكلورة على من يستخدم ماء غير مكلور.