ثورة 19 تموز تتوهج مجدداً في إقليم شمال وشرق سوريا
في مشهد يعكس روح المقاومة والتجدد، أحيا أهالي إقليم شمال وشرق سوريا الذكرى السنوية لانطلاقة ثورة 19 تموز، التي شكلت نقطة تحول في تاريخ المنطقة نحو بناء مجتمع ديمقراطي تعددي يسوده السلام والعدالة.

مركز الأخبار ـ تحت شعار "بروح ثورة 19 تموز، نبني معاً حياة يسودها السلام ومجتمعاً ديمقراطياً حراً"، توحدت أصوات الأهالي في مختلف المدن والبلدات احتفاءً بذكرى انطلاق ثورة التاسع من تموز التي تعتبر مناسبة تاريخية.
انطلقت ثورة 19 تموز عام 2012 من مدينة كوباني، لتشكل بداية مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، الذي بات نموذجاً قائم على أخوة الشعوب والمساواة بين المكونات، ومنذ ذلك الحين، تحولت هذه الذكرى إلى مناسبة سنوية للاحتفاء بالإنجازات، واستذكار الشهداء، وتجديد العهد على مواصلة النضال.
وقد شهدت مختلف مدن إقليم شمال وشرق سوريا اليوم السبت 19 تموز/يوليو، فعاليات جماهيرية واسعة، شاركت فيها مؤسسات الإدارة الذاتية، الأحزاب السياسية، التنظيمات النسائية، ووجهاء العشائر، إلى جانب فرق فنية وموسيقية، في مشهد يعكس التعددية الثقافية والانتماء المشترك للثورة.
الرقة... الفن والدبكة يحييان الذكرى
وبدأ الاحتفال بإلقاء عدة كلمات من بينها كلمة باسم منسقية تجمع نساء زنوبيا القتها جيهان محمد التي ذكرت من خلالها بأن ثورة ۱۹ تموز بداية للمسار الجديد نحو مشروع ديمقراطي تحرري معتبرة أن "ثورة 19 تموز كسرت قيود الدولة القومية والاستبداد، وفتح أفقاً أمام بناء مجتمع تعددي تشاركي، يُنهي عصور الإقصاء والتهميش، ويمنح لكل مكون وشخص مساحة حقيقية في صنع المصير. فهذه الثورة لم تكن للشعب الكردي فحسب بل أصبحت أملاً للعدالة والحياة المتساوية للعرب والسريان والأشوريين والأرمن والتركمان ولجميع المكونات الأخرى "
وأكدت جيهان محمد من خلال كلمتها بأن "هذه الثورة لم تكن فقط انتفاضة ضد الظلم، بل كانت بداية ثورة مجتمعية شاملة، أعادت تعريف معنى الحرية والعدالة، وجعلت من نضال المرأة ركيزة أساسية. وها نحن اليوم، في كل ساحات الحياة ومؤسسات المجتمع، نرى ثمرة هذا النضال في بروز إرادة المرأة الحرة، التي أسست ثورة فكرية وأخلاقية، يتجلى فيها صوت المرأة في القيادة، والدفاع، والتعليم، والتنظيم، والسياسة".
وشيدت جيهان محمد بأن المرأة بكامل وعيها وإرادتها، لعبت دورها في قلب هذا التحول التاريخي حيث تحولت من ضحية نظام الهيمنة إلى قائدة للتغيير، وصانعة للقيم والمبادئ الجديدة".
واختتمت جيهان محمد كلمتها بتجديد عهدهن كنساء إقليم شمال وشرق سوريا للحفاظ على مكتسبات الثورة قائلة "بدورنا كنساء نعاهد بالحفاظ على مكتسبات الثورة، ونوجهه نداء لكل أبناء سوريا بمختلف مكوناتها للوقوف صف واحد من اجل بناء وطن تعددي لامركزي".
واستمرت الاحتفالية بعرض فقرات مسرحية وعروض غنائية تعبرن عن التراث الكردي والعربي، حيث انتهت الحفلة بعقد حلقات دبك من قبل المشاركين.
قامشلو... احتفالات حاشدة وتأكيد على استمرار النضال
بمشاركة جماهيرية واسعة ضمت المئات من أبناء المدينة من مختلف المكونات، نظمت حركة الثقافة والفن في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، احتفالاً جماهيري لإحياء الذكرى السنوية لانطلاقة ثورة 19 تموز.
أكد المشاركين في كلماتهم وشعاراتهم أن هذه الثورة ستبقى رمزاً لإرادة الشعوب الحرة ومقاومتها، مشددين على استمرار النضال من أجل بناء سوريا ديمقراطية تعددية تضمن الحقوق والحريات لجميع أبنائها.
ورفع المشاركين لافتات تؤكد تمسكهم بمكتسبات الثورة تحت شعار "بروح ثورة 19 تموز سنبني سوريا ديمقراطية، في رسالة واضحة على استمرار السير على درب الحرية والمقاومة حتى تحقيق تطلعات الشعوب.
في مثل هذا اليوم، تتجدد في إقليم شمال وشرق سوريا روح الحرية والإرادة الشعبية التي أطلقتها ثورة 19 تموز. هذه الثورة التي كسرت قيود الاستبداد، وفتحت الطريق أمام مشروع ديمقراطي يعترف بالتنوع والعدالة والمساواة، ومنذ عام 2012، تتحول هذه الذكرى إلى محطة لتجديد العهد على المقاومة والنضال من أجل بناء سوريا ديمقراطية، يتشارك فيها الجميع إدارة حياتهم وصناعة مستقبلهم المشترك.
جواهر عثمان إدارية في مجلس المرأة لعوائل الشهداء في إقليم شمال وشرق سوريا، تقول إن "هذا اليوم العظيم والمناسبة الكبيرة التي نستذكر فيها تضحيات شهدائنا الأبطال. نبارك هذا اليوم الذي تجسد فيه الانتصار على الظلم والعبودية بفضل ثورة الحرية والكرامة، الثورة التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء الذين قدموا حياتهم ليحيا شعبهم حراً عزيزاً مكرماً".
وأضافت "لقد كانت ثورة عظيمة بمعانيها ومكتسباتها ثورة داخل ثورة لأنها فتحت أمام المرأة أبواب الحرية، وأعادت لها حقوقها المسلوبة عبر ثورتها النسوية الرائدة. نعيش اليوم في كنف الأمن والأمان ونجني ثمار هذه التضحيات التي رسخت أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بين جميع مكونات المنطقة، وصانت حقوقهم وأعطت لكل مكون مكانته واحترامه في لوحة تعكس التعايش المشترك".
وأشارت إلى أن "هذه الثورة لم تكن مجرد تغيير سياسي، بل كانت ثورة على كل أشكال الاستبداد والظلم. ثورة على الذهنية الذكورية التي همشت المرأة، وثورة على التفرقة بين المذاهب والقوميات. إنها ثورة إنسانية بامتياز حملت في طياتها معاني التضحية والصمود والإرادة الحرة، وأثبتت أن إرادة الشعوب أقوى من كل قوى الظلام".
واختتمت جواهر عثمان حديثها بتجديد العهد بـ "السير على درب الشهداء والتمسك بمكتسبات الثورة والدفاع عنها في وجه كل التحديات"، مؤكدة أن دماء الشهداء ستبقى منارة تضيء درب الشعوب لتصل به إلى الحرية والعدالة والكرامة.