نساء أفغانيات: نقلنا النضال إلى ميدان الفروسية
في أرض منسوجة بالتقاليد والتمييز بين الجنسين، تشهد الفروسية، هذا المجال الذكوري قديماً، حضور النساء اللواتي امتطين خيول الحرية بشجاعة لا مثيل لها، في سعياً منهن لإثبات أن المهارة والشجاعة ليست ذكورية ولا أنثوية، بل هي بشرية.

بهاران لهيب
كابول ـ ركوب الخيل، أو "چاپاندازی" في اللغة المحلية، أحد الرياضات الوطنية في أفغانستان، والمعروف أيضاً باسم "بزکشی"، تحظى بشعبية كبيرة في المناطق الشمالية من البلاد وكانت تُعرف دائماً بأنها حكر على الرجال، إلى درجة أن النساء لم يكنّ حاضرات كلاعبات أبداً.
تتمتع أفغانستان، بالإضافة إلى كونها مجتمعاً تقليدياً ودينياً، أيضاً ببنية أبوية، ويتم تحديد تقسيم العمل والأدوار على أساس الجنس، والرياضة لا تحظى باستثناء في هذه القاعدة، فأول امرأة بدأت رسمياً ركوب الخيل في أفغانستان هي "رابوجان"، لتحقيق حلمها، كان عليها أن ترتدي ملابس رجالية حتى تتمكن من التأقلم مع المساحة التي يهيمن عليها الرجال في هذه الرياضة.
على مدى العقدين الماضيين، ورغم الضغوط والتهديدات العديدة، حاولت المرأة الأفغانية ترسيخ حضورها في مختلف المجالات، وفي الوقت نفسه، أبدت مجموعات من الفتيات في مقاطعتي باميان وباروان اهتمامهن بركوب الخيل وواصلن تدريبهن على الرغم من معارضة أسرهن ومجتمعهن.
ليلى فروغ وشقيقتها أسماء فروغ؛ من ولاية بروان، هن من النساء اللواتي لا تزلن يمتلكن الخيول ويمتطينها أحياناً في الفناء وحول المنزل، وتواصلن تدريباتهن سراً على أمل الظهور في الساحة الرسمية يوماً ما.
قالت ليلى فروغ "كنت في الثالثة عشرة من عمري عندما امتطيت حصاناً لأول مرة بدافع الفضول والسرية، وعندما شدّت لجام الحصان وبدأ بالركض شعرت وكأنني أطير، أنا وأختي أسماء كنا نتدرب في الحديقة كل يوم"، لافتةً أنه "كان من الصعب للغاية إقناع عائلتنا بالمشاركة في السباق الذي أقيم في باميان، وكان الشرط الوحيد للعائلة هو عدم الكشف عن هوياتنا، لقد قبلنا هذا الشرط لتحقيق حلمنا".
وأشارت إلى أنهن تواصلون تدريباتهن حتى الآن، ولكن مع وصول طالبان، تفكك فريق الفروسية النسائي في باميان "قمع طالبان عنيف لدرجة أننا لا نستطيع ممارسة حياتنا بحرية، لكن الآن عائلتنا معنا ويسمحون لنا بالتدرب في الحديقة والحقول المحيطة بالمنزل، نحن نؤمن بأن هذه القاعدة ليست دائمة وأن المرأة سوف تحصل على حريتها يوماً ما".
تُعد راكبات الخيل الأفغانيات رمزاً للمقاومة والأمل ضد الهياكل الجامدة والأبوية، وبالاعتماد على الإرادة والمثابرة، تحدين التقاليد وطالبن بحقهن في التواجد في الساحات التي كانت تعتبر ذكورية لعدة قرون، وتظهر قصص ليلى وأسماء وعشرات النساء الأخريات أنه لا يوجد عائق يمكنه أن يكبح الرغبة في الحرية؛ حتى لو كان اسمها طالبان.