من الأحواض الجافة إلى السدود الفارغة... أزمة المياه تتفاقم في أورمية
تشهد مدينة أورمية بشرق كردستان أزمة مياه حادة بلغت مرحلة الإنذار، حيث دخل عدد من السدود في حالة طوارئ، ويعاني سكان المدينة من مشكلات مزدوجة تتعلق بنقص كميات المياه المتاحة، إلى جانب تدهور واضح في جودتها، مما فاقم من معاناتهم اليومية.

ویان مهربرور
مهاباد ـ أصبحت مشاهد الأحواض الجافة مألوفة للعيون، في وقت تصدّرت فيه أزمة المياه في إيران عناوين الأخبار وأثارت قلقاً واسعاً، فمدينة أورمية، التي كانت تُعرف بغناها المائي ضمن الجغرافيا الإيرانية، باتت على أعتاب أزمة حقيقية، حيث تراجعت مخزونات السدود بشكل ملحوظ، مما انعكس سلباً على قطاعات الزراعة وتربية المواشي، وأثّر حتى على ملامح المدن وقدرتها على تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
أصبحت الحياة اليومية بدون مياه مصدراً لمعاناة كبيرة باتت ملموسة في مدن وقرى أورمية، حيث تتكرر مشاهد الانقطاع والعطش، فالقرى التي كانت محرومة سابقاً من المياه في مناطق مثل مهاباد، أورمية، سردشت، خوي، بوكان وغيرها، تشهد اليوم تفاقماً في مظاهر الحرمان، فيما تمر قطاعات الزراعة وتربية المواشي بأيام عصيبة تهدد استمراريتها.
أما داخل المدن مثل أورمية، بیرانشهر، بوكان، شنو، نغده وغيرها، فقد تحولت أزمة المياه إلى جزء لا يتجزأ من الروتين اليومي للسكان، مما زاد من حجم التحديات التي يواجهونها.
سمیرة. ص من مدينة شنو تصف واقع انقطاع المياه "كل ليلة، تُقطع المياه عن مناطق مختلفة من شنو لعدة ساعات، ومؤخراً أصبح ضغط المياه منخفضاً بشكل ملحوظ، في بعض الأيام، انقطعت المياه تماماً، واضطر الناس لاستخدام مياه أحد المساجد المتصلة بنبع جبلي، وكانوا يصطفون للحصول عليها".
أما هونیا. ح من منطقة فجر في أورمية، فلفتت الانتباه إلى انتشار مضخات المياه والانقطاع المتزامن للكهرباء والماء الذي يرهق السكان وقت الظهيرة "ضغط المياه دائماً منخفض، ومعظم الناس اضطروا لتركيب مضخات، الوضع أصبح بحيث أن من يملك مضخة لا يحصل على الماء عند انقطاع الكهرباء، بينما من لا يملك مضخة يحصل على ضغط ماء أعلى قليلاً عندما لا يستخدم الآخرون المضخات، لكن بشكل عام، من الساعة 12 ظهراً حتى 6 مساءً لا تتوفر المياه".
وفي مدينة بوكان، تسبب انقطاع المياه في مشاكل كبيرة للسكان، بحسب دریا. ف "توفير المياه في هذه المدينة يواجه مشاكل منذ فترة طويلة، ومياه سد بوكان الكبير لا تُخصص لسكان المدينة، بل تُستخدم لأغراض صناعية في مدينة تبريز، ضغط المياه منخفض، والانقطاع يتم دون أي جدول زمني، الحياة في هذا الحرّ بدون ماء صعبة للغاية".
كما وردت تقارير من مدن مثل بیرانشهر، ماكو، خوي ومهاباد تؤكد استمرار أزمة المياه، سواء من حيث الانقطاع أو انخفاض الضغط، مما يدل على انتشار هذه المشكلة في معظم مدن محافظة أذربيجان الغربية، ويفرض تحديات يومية على السكان في ظل غياب حلول فعالة.
أزمة تهدد صحة السكان في مدن محافظة أذربيجان الغربية
يواجه سكان العديد من مدن محافظة أذربيجان الغربية أزمة حقيقية في الحصول على مياه شرب نظيفة، ما يشكل تهديداً مباشراً لصحتهم وسلامتهم، حيث أوضحت كلاویز. م، إلى تدني جودة مياه الشرب في مدينة سردشت "يبدو أن انقطاع الكهرباء يؤثر سلباً على عملية تنقية المياه، فمع كل انقطاع، تنخفض جودة المياه بشكل ملحوظ، ورغم أن مشكلة المياه النظيفة وانخفاض الضغط تظهر بين الحين والآخر، إلا أنه مع تزايد انقطاع الكهرباء في بعض المناطق، تصبح المياه عكرة ومليئة بالطين، وأحياناً تنقطع تماماً، فالمياه غير صالحة للاستخدام، لذلك نضطر للجوء إلى ينابيع جبلية طبيعية للحصول على الماء، لكن العديد منها لم يعد كما كان في السابق، كما أن السد يبدو شبه جاف".
أما في مدينة نغده، فقد اضطر السكان منذ سنوات إلى حفر آبار منزلية بسبب ثقل المياه، واستخدموا مياه الشبكة فقط لأغراض غير الشرب، إلا أن خديجة. س أكدت أن أزمة المياه باتت تطال هذه المدينة أيضاً "مياه الشبكة غير صالحة للشرب، والآن أصبحت عكرة، معظم السكان لديهم آبار في منازلهم، لكن عند انقطاع الكهرباء لا يمكنهم استخدامها، وفي بعض المناطق لم تعد الآبار تحتوي على كميات كافية من المياه".
هذه الشهادات تعكس واقعاً مقلقاً في مدن المحافظة، حيث تتداخل أزمة الكهرباء مع أزمة المياه، وتُفاقم من معاناة السكان الذين يواجهون تحديات يومية في تأمين أبسط مقومات الحياة.
بين التقنين الحكومي وسوء الإدارة
تواجه محافظة أذربيجان الغربية أزمة مياه جدية، حيث يحاول المسؤولون الحكوميون نسب هذه الأزمة إلى الاستهلاك المرتفع من قبل المواطنين والتغيرات المناخية، وقد بدأوا مؤخراً بالسعي نحو إقرار خطة لتقنين المياه عبر نظام الحصص.
إلا أن العديد من المراقبين والخبراء يشيرون إلى أن الاستخدام المفرط في القطاع الصناعي، وسياسات بناء السدود بدوافع اقتصادية، إلى جانب غياب الإدارة العلمية الفعالة، هي العوامل الأكثر تأثيراً في تفاقم هذه الأزمة.
في الوقت الراهن، دخلت ثلاثة سدود رئيسية في المحافظة هي مهاباد، بوكان، وحسنلو، في حالة طوارئ، كما أن مصادر المياه من أنهار وينابيع طبيعية قد جفّت أو انخفضت بشكل كبير.
وتشير التقارير إلى أن منسوب مياه نهر مهاباد قد انخفض بنسبة 90% مقارنة بالعام الماضي، وهو مؤشر خطير يعكس مدى تفاقم الوضع.
هذه الظروف تؤكد أن أزمة المياه في المحافظة وصلت إلى مرحلة حرجة، تستدعي تحركاً عاجلاً وشاملاً لمعالجة الأسباب الحقيقية وراءها، بعيداً عن تحميل المواطنين وحدهم مسؤولية ما يحدث.