هجمات متبادلة وقمع داخلي يطوق حياة المدنيين في إيران

أعرب نشطاء حقوق الإنسان والمراقبون الإقليميون عن قلقهم البالغ إزاء التدهور الإنساني في إيران، حيث يجد المواطنون أنفسهم عالقين بين نيران الصراع الخارجي والتضييق الداخلي.

مركز الأخبار ـ تسببت الهجمات المتبادلة بين القوات الإسرائيلية وإيران لليوم التاسع على التوالي بخسائر بشرية واسعة النطاق وأضراراً مادية جسيمة، ورغم أن شدة الهجمات الإسرائيلية تُقدر بأنها أشد من الناحية العسكرية، إلا أن قلق المراقبين بشأن العواقب الوخيمة لأي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد ازداد.

وفقاً لخبراء البيئة فإن كل ضربة على المنشآت النووية الإيرانية ستكون مصحوبة بانبعاث جزيئات دقيقة ملوثة بمواد مشعة، مما يُعرّض الصحة العامة خاصة الجهاز التنفسي لخطر جسيم، ورغم التحذيرات الجدية لم تتخذ السلطات الإيرانية أي إجراءات لحماية السكان، وزاد صمت السلطات المطبق من مخاوفهم.

وأعرب ناشطون عن قلقهم إزاء استمرار هذا الوضع، مؤكدين إن الشعب الإيراني معرض لـ "موت بطيء" سواء نتيجة القصف الإسرائيلي، أو الرصاص، أو حبل الموت، أو الغبار السام.

في غضون ذلك، تشير التقارير إلى إجلاء محدود للسكان من طهران وهي خطوة لم تؤثر إلا على شريحة صغيرة من السكان، مما تسبب بموجة من الأزمات النفسية والاجتماعية. ووفقاً للتقارير فإن ثلثي سكان طهران غير قادرين على مغادرة المدينة، ولا يملكون الإمكانيات المالية اللازمة للمغادرة، ولا مأوىً في أي مكان آخر بالبلاد.

من ناحية أخرى، أثار انقطاع الإنترنت على مستوى البلاد، والذي دخل يومه الثالث، مخاوف بشأن انقطاع الناس التام عن العالم، وقالت المتحدثة باسم السلطات فاطمة مهاجراني، في مؤتمر صحفي عن إمكانية تطبيق "إنترنت وطني"، وهي سياسة يعتقد ناشطون أنها تهدف إلى السيطرة الكاملة على تدفق المعلومات واحتكار الشعب الإيراني.

كما فاقمت موجة الاعتقالات المتزايدة من أجواء عدم الاستقرار الداخلي، وأصدرت أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي أمس بياناً أعلنت فيه أن الأول من تموز/يوليو هو "الفرصة الأخيرة لتسليم من خدعتهم إسرائيل" وفي هذا الصدد، نُشرت أمس أنباء عن اعتقال 54 شخصاً في خوزستان وشخصين في طهران بتهمة "التعاون مع الموساد"، ليصل إجمالي عدد المعتقلين إلى أكثر من 350 شخصاً، ووفقاً للبيان الأولي الصادر عن السلطة القضائية، سيتم إصدار أحكام سريعة على أي شخص له صلة بالموساد خلال أيام الحرب.

ويعتقد نشطاء حقوق الإنسان، أن السلطات الإيرانية استغلت حالة الحرب لتكثيف القمع الداخلي واتخذت الهجمات الإسرائيلية ذريعةً لتكثيف عمليات الإعدام والاعتقالات الجماعية، كما يتعرض السجناء خاصة النساء، لضغوطات نفسية وأمنية، وهناك تقارير عن تدهور الأوضاع في السجون.

كما أرسلت السجينات رسائل من داخل السجن، حللن فيها عواقب هذه الحرب داعيات إلى تحرك فوري من قبل الشعب والمجتمع المدني للخروج من الوضع الخانق.

في المناطق الكردية، أرسلت السلطات الآلاف من قواتها إلى هذه المناطق خوفا من اندلاع موجة ثانية من الانتفاضة الشعبية، كما فرضت أجواءً أمنية مشددة على السكان، وبينما انسحبت هذه القوات من القواعد والمراكز الرسمية خوفاً من الغارات الجوية الإسرائيلية، حوّلت المساجد والمدارس والمكتبات، وحتى منازل المواطنين إلى ملاجئ مؤقتة لها دون أدنى اهتمام بالعواقب على السكان المحليين.

وتحاول السلطات استخدام الناس كدروع بشرية لحماية أرواحهم. إلا أن هذه السياسة لا تجلب الأمن بل تضاعف الخطر وتترك الناس عاجزين ووحيدين، وسط نيران القمع ونيران الهجمات الخارجية.

في هذه الأثناء، تُشدّد النساء في السجون على ضرورة التضامن والتنظيم بين القوى الشعبية ومنظمات المجتمع المدني والحركات ذات التوجهات المتشابهة داخل إيران وخارجها، وبحسب رأيهنّ يُمكن لهذا التضامن أن يُخفف عبء هذه الحرب عن كاهل الشعب، وأن يُعلي صوت المقاومة المدنية.

ودعوا الفنانين والكتاب والرياضيين والناشطين الاجتماعيين إلى كسر الصمت وإظهار تضامنهم الإنساني والأخلاقي مع الشعب الإيراني من خلال الإجراءات العملية.