دورات فكرية ونشاطات عديدة تشهدها حلب في إطار حملة مناهضة العنف ضد المرأة

مع اقتراب يوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة المصادف 25 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري أطلق مكتب المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي سلسلة فعاليات.

حلب ـ أفتتح مكتب المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي في إطار حملة مناهضة العنف ضد المرأة دورة تدريبية للرجال والتي ستستمر لمدة ثلاثة أيام، ومن جانب أخر قدمت لجنة التربية والتعليم محاضرات تثقيفية في عدة مدارس.

ضمن سلسة الفعاليات التي تُقام كُل عام بحلول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أفتتح مكتب المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي اليوم السبت 15 تشرين الثاني/نوفمبر، دورة تدريبية للرجال ستستمر لمدة ثلاثة أيام تحت شعار "معاً نناهض العنف ببناء مجتمع ديمقراطي كومونالي".

وانضم للدورة التدريبية 15 شخصاً، وتناولت الدورة في يومها الأول موضوع التعصب الجنسوي، فيما خُصص اليوم الثاني لطرح قضايا مرتبطة بالجينولوجيا (علم المرأة) بينما ستتناول الدورة في يومها الثالث الحياة الندية التشاركية بين الرجل والمرأة، وتهدف هذه الدورة عبر المحاضرات التي ستلقيها نبذ ومناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين.

وأوضحت الإدارية في أكاديمية حركة المجتمع الديمقراطي زلوخ شيخو، في مستهل حديثها أن "جذور العنف تعود إلى الدولة السومرية التي اتسمت بالذهنية الذكورية المتعصبة الذي تقلص فيها دور المرأة بشكل كبير"، مؤكدةً أن التعصب يُعد موقفاً نفسياً واجتماعياً يقوم على الانحياز المفرط لأفكار محددة دون غيرها، مشيرة إلى أن "مع تراجع التوعية، ودور الدين في مناهضة العنف في المجتمعات الحديثة تطور العنف اتجاه المرأة، للتحول فيما بعد إلى تعصب قومي".

وشهدت الجلسة حوارات ونقاشات بين الحاضرين حول أنواع التعصب وتعريفاته، حيث خلصوا إلى مجموعة من الأفكار، معتبرين أن التعصب يتمثل في التمسك بأفكار دينية محددة ورفض أي معتقدات أخرى، مع النظر إلى المختلفين في العقيدة على أنهم "كفار"، أما التعصب القومي فيقوم على الانغلاق داخل مجتمع واحد وعدم تقبل المجتمعات الأخرى، مقروناً بانحياز مفرط لقومية بعينها، وفيما يخص التعصب الفكري فقد عُرّف بأنه الدفاع المفرط عن فكرة معينة ورفض النقاش فيه أو نقده، حيث يرى صاحبه أنه دائماً على حق وصواب ولا يعترف بأخطائه، بينما التعصب الاجتماعي يتجلى في التمسك المفرط بعادات وتقاليد مجتمع محدد، مع رفض عادات وتقاليد المجتمعات الأخرى.

 

التطرف والتمييز ناتج من بيئة خصبة للتعصب

واتفق المشاركون خلال النقاش على العديد من الأفكار أبرزها أن مرحلة ما بعد وفاة النبي محمد برز بعض الخلفاء الذين خلطوا سياساتهم وأفكارهم في الدين بما يخدم مصالحهم، وهو ما وُصف بـ التعصب الديني أو التعصب السلطوي، معتبرين أن هذا النوع من التعصب ساهم في تكريس التفرقة بين الطوائف والقوميات من الكرد والعرب والآشوريين، والسريان.

وتطرق الحضور إلى مخاطر الافكار السلبية على عقول الاطفال ليس على الصعيد الديني والقومي بل على صعيد التمييز الجنسي مؤكدين أن "التعصب السلطوي موجود ويُدك في عقول الأطفال منذ شرائهم لأول لعبة، فألعاب الفتيات تكون عبارة عن دمى بينما ألعاب الأولاد تكون عبارة عن أسلحة ودبابات وشخصيات شريرة، ومن هنا تبدأ الأفكار الذكورية المُتعصبة في النمو والتمكّن"، مشددين على أن الإنسان لا يولد متعصب لكن تعايشه مع بيئة وجماعات مُتطرفة ومتعصبة تولد لديه أفكار متعصبة وتجعله لا يقبل أفكار أخرى خارج هذه الجماعة.

 

الحكومة المؤقتة تقصي النساء  

وأشار المشاركون في الجلسة إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تمنح المرأة حقها في المشاركة، إذ يُنظر إليها على أنها لا تصلح لتولي أي دور في السلطة أو الوزارة، ويعتبر صوتها معيباً ومحرماً، ولمجابهة هذا الواقع شدد المشاركون على أهمية تنظيم جلسات ودورات تدريبية وتثقيفية مماثلة للرجال والنساء، بهدف ترسيخ الوعي بأهمية دور المرأة وضرورة مشاركتها في مختلف مجالات الحياة، بنسبة متساوية تصل إلى 50 بالمئة، والعمل على مواجهة الذهنية الذكورية المتعصبة.

 

"شرح خلفيات اختيار تسمية اليوم العالمي لمناهضة العنف"

ومن جانب أخر نظمت لجنة التربية والتعليم في المجتمع الديمقراطي اليوم ثلاث محاضرات متزامنة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وذلك في ثلاث مدارس جودي أمانوس في حي الأشرفية، قهرمان عفرين في حي الشيخ مقصود الشرقي، وآفشين في منطقة الشقيف.

وقد عرضت لجنة التربية والتعليم ضمن حملة مناهضة العنف ضد المرأة مقطع فيديو تناول دور المرأة في المجتمع وما تتعرض له من ظلم وقمع، وحرمان من حقوقها، إلى جانب عرض أسباب وخلفيات إقرار اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.

وتدور أحداث القصة التي عرضت عن ثلاث شقيقات من الجنسية الدومينيكية وهن باتريا، مينيرفا، ماريا تيريزا المعروفات باسم "الأخوات ميرابال"، اللواتي قتلن في الخامس والعشرون من تشرين الثاني/نوفمبر 1960 بأمر من الديكتاتور رافاييل تروخيلو، بسبب مقاومتهنَ لنظامه.

وشاركت الشقيقات في أنشطة سرية تهدف إلى إسقاط نظام الحاكم تروخيلو، ما أدى إلى اعتقالهن وزجّهن في السجن، وأدانت منظمة الدول الأمريكية في 1960 تصرفات تروخيلو، ليتم الإفراج عن الأخوات الثلاثة لاحقاً، إلا أن تصاعد نشاطهن المعارض عرضهن للإغتيال من العام نفسه، لتتحول الشقيقات إلى رمز للمقاومة وأيقونات نسوية عُرفن باسم الفراشات في أمريكا اللاتينية.

وفي عام 1999 أصدرت الأمم المُتحدة قراراً بتعيين اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة بذكرى اغتيال "الأخوات ميرابال" تكريماً لهنَ.

ويُصادف الخامس والعشرون من تشرين الثاني/نوفمبر اليوم العالمي للتوعية بمختلف أشكال العنف الممارس ضد المرأة، وفي هذا السياق أُشير إلى أن غياب القوانين الحامية للنساء في بعض الدول يدفعهن إلى الشعور بعدم الاستقرار والمطالبة بمزيد من الحقوق، الأمر الذي يستدعي من النساء التحلي بالشجاعة وعدم الاستسلام في مواجهة هذه التحديات.