دفاعاً عن حرية الصحافة... نقابة الصحفيين التونسيين تدعو إلى تحرك وطني

أكدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين على تمسّكها بالنضال السلمي والمشروع دفاعاً عن الحقوق المكتسبة للعاملين وعن الصحافة الحرة والمستقلة وتحمّل السلطة التنفيذية كامل المسؤولية عن تداعيات استمرار سياسة الصمت والهروب إلى الأمام في ملفات مشروعة ومحسومة.

تونس ـ تأكيداً على وحدة الصف الصحفي ودفاعاً عن حرية الصحفيين والصحفيات وكرامتهم دعت نقابة الصحفيين التونسيين إلى تحرك وطني في العاصمة والجهات.

دعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عموم الصحفيات والصحفيين، وممثلي وسائل الإعلام، والمنظمات الحقوقية، ومكونات المجتمع المدني، من خلال بيان أصدرته اليوم السبت 15 تشرين الثاني/نوفمبر إلى المشاركة المكثفة في التحرك الوطني الذي تدعو إليه بساحة الحكومة بالقصبة يوم الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، الساعة العاشرة والنصف صباحا، وكذلك في الجهات، تأكيداً على وحدة الصفّ الصحفي ودفاعاً عن حرية الصحفيين والصحفيات وكرامتهم.

وجاء في نص البيان "يشهد وضع قطاع الصحافة في تونس تراجعاً خطيراً وغير مسبوق نتيجة سلسلة من التجاوزات والانتهاكات الصادرة عن السلطة التنفيذية، والتي طالت الصحفيين والصحفيات والمؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة على حدّ سواء. هذا الوضع يعكس اتجاها ممنهجاً نحو التضييق على حرية التعبير واستقلالية الإعلام وحقوق الصحفيين والصحفيات المكتسبة، بما يتعارض مع الدستور التونسي والالتزامات الدولية للدولة في مجال حماية حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة".

وأوضح البيان أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين استوفت كل مسارات التواصل والحوار مع الهياكل الرسمية، وقدّمت مراسلات وملفات تفصيلية حول الإشكالات القائمة، غير أنّ هذه الجهود قوبلت بالتجاهل والتملّص والصمت المريب من قبل السلطة التنفيذية التي ألحقت أضراراً فادحة بالمهنة وكرامة العاملين فيها.

وأكدت النقابة أن كل الملفات المطروحة تمسّ جوهر الحقوق المهنية والقانونية للصحفيين والصحفيات وممارستهم لمهنتهم بكل حرية واستقلالية، وأن استمرار تجاهلها يهدّد مستقبل المهنة وجودتها.

 في هذا الإطار، سجلت النقابة من خلال البيان جملة من التجاوزات الخطيرة والتي تضمنت:

ـ حرمان ما لا يقل عن 2000 صحفياً وصحفية من بطاقة الصحفي المحترف لسنة 2025 بسبب تعطيل استكمال تركيبة اللجنة المستقلة لإسنادها، وتقصير مصالح رئاسة الحكومة في التمديد الرسمي لبطاقة سنة 2024، وهو ما خلق عراقيل حقيقية أمام ممارسة المهنة وتنقّل الصحفيين أثناء أداء مهامهم.

ـ المنع التعسفي لمراسلي وسائل الإعلام الدولية في تونس من الحصول على تراخيص العمل منذ أيلول 2025 دون مبررات قانونية، في خرق واضح لمبدأ حرية الإعلام والتغطية المستقلة.

ـ تعطيل تنفيذ تنقيحات النظام الأساسي لمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين، ووكالة تونس أفريقيا للأنباء رغم حلول آجال التنفيذ منذ تشرين الثاني 2024، وهو ما حرم مئات العاملين في هذه المؤسسات من حقوقهم المادية والمهنية، وعرّض استقلالية الإعلام العمومي للخطر.

وبحسب بيان النقابة تستمر وضعيات التشغيل الهش في كل من مؤسسة الإذاعة التونسية ووكالة تونس أفريقيا للأنباء في تحدّ صارخ للقوانين المنظمة للمهنة، بالإضافة إلى معاناة عشرات الزميلات والزملاء في الإعلام الخاص حيث يتم حرمانهم من أدنى حقوقهم المهنية على غرار عقود قانونية وتغطية اجتماعية وخلاص أجور في مواعيدها.

وأوضح البيان أنه صدر يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 2024 قانون عدد 48 لسنة 2024 مؤرخ في 9 كانون الأول 2024 يتعلق بقانون المالية لسنة 2025 وقد انتفع الصحفيون وفق التنقيحات التي مست فصله 67 بامتيازات مالية واجتماعية في إطار نظام المبادر الذاتي، غير أن تواصل التعطيلات يُفقد الصحفيين المستقلين كل هذه المكاسب على غرار:

- عدم إمكانية الإيداع الإلكتروني للتصريح بالمداخيل على المنصة خاصة وأن القانون ينصّ على أنه في صورة عدم التصريح بذلك لأربع ثلاثيات تلغى صفة المنتفع.

- المنصة تستقبل التسجيل في نظام المبادر الذاتي ولكنها لا تسمح بتعديله أو إلغاءه في صورة تغير الوضع الاجتماعي أو المهني للمنتفع.

- عدم تفعيل إجراءات الانخراط بمنظومة الضمان الاجتماعي.

- عدم إصدار الإدارة العامة للدراسات والتشريع الجبائي لمذكرة عامة توضح الالتزامات الجبائية والإعفاءات المتعلقة بالمنتفعين بنظام المبادر الذاتي والذي يترتب عنه إخضاع معاملات المنتفعين بنظام المبادر الذاتي إلى اقتطاعات خاطئة ومجحفة بعنوان الخصم من المورد، رغم إصدار الإدارة العامة للأداءات العديد من المراسلات الداخلية لأعوانها والتي تحيل جميع المنتفعين إلى متاهات إدارية وبيروقراطية.

ـ استمرار المحاكمات الجائرة بمقتضى المرسوم عدد 54، واستعماله كأداة لتكميم الأفواه، بدل الاقتصار على المرسوم 115 المنظم للقطاع، بما يشكّل تهديداً مباشراً لحرية التعبير والنشر، وخرقا لمبادئ المحاكمة العادلة التي تغلب مبدأ الحرية على الإيقاف.

ـ استمرار محاكمة الزميلات والزملاء حيث يقف كل من مراد الزغيدي وبرهان بسيس مجدداً أمام القضاء يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وتحاكم سنية الدهماني يوم 21 من الشهر ذاته، في حين تنعقد جلسة الإستئناف الأولى لشذى الحاج مبارك في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2025.

ـ تعليق نشاط موقعي "نواة" و "انكفاضا" بقرار قضائي وإداري دون مبررات قانونية وتعطيل عمل صحفييها، ومضايقة موقعي "الكتيبة" و"المفكرة القانونية" في استهداف واضح وممنهج للصحافة المهنية والمستقلة، وخطوة تمسّ بالحق في الإعلام وحرية النشاط الجمعياتي.

 وانطلاقا من مسؤوليتها في الدفاع عن حرية الصحافة وحقوق العاملين في القطاع، تطالب النقابة بما يلي:

1. الإسراع في استكمال تركيبة اللجنة المستقلة لإسناد بطاقة الصحفي المحترف وتمكين الصحفيين من بطاقاتهم لسنة 2025.

2. التجديد الفوري لتراخيص عمل قطاع الصحافة الدولية في تونس الذي يشغل العشرات من صحفيات وصحفيين تونسيين أثبتوا تميزهم ومهنيتهم، وإيقاف كل أشكال المنع والتضييق والعراقيل الإدارية.

3. التنفيذ الفوري لتنقيحات النظام الأساسي للإذاعة والتلفزة التونسيتين، ووكالة تونس أفريقيا للأنباء، وصرف الاعتمادات المخصصة لمنحة الصحافة ومنحة الإنتاج السمعي البصري.

4. إنهاء حالة تعطيل الصحفيين المستقلين من الانتفاع بنظام المبادر الذاتي.

5.الإفراج عن الزميلات والزملاء الموقوفين منذ مدة طويلة على خلفية عملهم الصحفي. ومواقفهم وآراؤهم، وإيقاف التتبعات والمحاكمات خارج إطار المرسوم 115.

6. الرفع الفوري لقرار تعليق نشاط موقعي "نواة" و"انكفاضا"، وإنهاء سياسة التوظيف القضائي والإداري والأمني لخنق حرية العمل الصحفي والجمعياتي، والكف عن هرسلة موقعي "الكتيبة" و"المفكرة القانونية".

وتجدّد النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في ختام بيانها تمسّكها بالنضال السلمي والمشروع دفاعاً عن الحقوق المكتسبة للعاملين في قطاع الصحافة، وعن الصحافة الحرة والمستقلة وتحمّل السلطة التنفيذية كامل المسؤولية عن تداعيات استمرار سياسة الصمت والهروب إلى الأمام في ملفات مشروعة ومحسومة.