النظرة الدونية ومواعيد العمل والأجور... أبرز التحديات التي تواجه الممرضات
تعاني الممرضات من وصمة اجتماعية لما تقمن به من عمل رغم جهودهن الكبير في المنظومة الصحية وهو ما اتضح جلياً خلال فترة جائحة كورونا الأمر الذي يتطلب مواصلة العمل لتسليط الضوء على أزماتهن.

أسماء فتحي
القاهرة ـ لسنوات طويلة والممرضات تطالبن بتحسين أوضاعهن خاصة في تلك الصورة التي يتم تغذيتها عن عملهن ووصمهن الدائم وإخراجهن في صور تنال من كرامتهن خاصة من قبل الأعمال الدرامية التي باتت ترسخ تلك النظرة لهن وفاقمت من تعقيدات ما يمارس ضدهن من انتهاكات.
من خلال تقريرنا التالي عملنا على فتح المجال أمام عدد من الممرضات للحديث عما تعانينه في المنظومة الصحية من انتهاكات خاصة تلك المتعلقة بالوصمة المجتمعية وسبل العمل على كسرها، فضلاً عن إشكاليات الأجور وساعات العمل وغيرها من الحقوق التي استمرت المطالبة بها لسنوات.
وأكدت الممرضات أنهن لا تجدن الدعم الكافي أو التقدير لما تقمن به من عمل بين ذويهن وكذلك المجتمعات المحيطة بهن وأنهن تأملن أن تتغير الأوضاع خاصة أن هناك تحسن نسبي بإقبال الرجال على المهنة وكذلك رغبة بعض الأسر في إلحاق الفتيات به ولكنهن ترين أن الأمر سيحتاج وقت أكبر ويتطلب عمل جماعي من مختلف المؤسسات والأفراد الذين يمتلكون وصول وتأثير على المجتمع.
مواعيد العمل وبدل العدوى أزمات العرض المستمر
قالت سيدة السيد محمد، ممرضة عمليات، إن أهم الأزمات التي تعاني منها الممرضات تتمثل في مواعيد العمل التي تحول دون قدرة الكثيرات على المواصلة بشكل يضمن لهن الاستقرار النفسي ولا يعرضهن للأخطاء خاصة في المستشفيات الحكومية.
وأكدت أن التمريض في المستشفيات الحكومية سبق وصدر قرار بشأنه من رئيسة الإدارة التنفيذية وهو ما ترتب عليه أن تعمل الممرضة مساءً وتكمل كذلك "شيفتها الصباحي" وهذا تسبب في أزمة كبيرة لأن العمل لشيفتين متواصلين من الطبيعي أن ينتج عنه أخطاء فتمكن البعض من التصدي لهذا القرار بالوقفات الاحتجاجية ووقفوه كما ما هو الحال في مدينة بورسعيد بينما أغلب الأماكن مازالت تطبقه.
وأوضحت أن بدل العدوى واحد من الأزمات التي مازالت عالقة حتى اليوم، فهناك صعوبة في الحصول عليه ويتطلب ذلك العديد من الإجراءات حتى يتسنى الحصول على "فقط 15 جنيه" أي أقل من واحد دولار، وهو مالا يتناسب مع حجم الضرر الذي تتعرض له الممرضات.
ولفتت إلى أن النظرة المجتمعية للمرضات تغيرت والوضع تحسن نسبياً خاصة بعد اتجاه الذكور للعمل في المهنة واهتمام الأسر بهذه الدراسة وتلك المهنة، إلا أنها مازالت "مهنة إناث" بالدرجة الأولى للارتباط الفتيات بالدور الرعائي، كما أن أغلب المستشفيات والعيادات تفضل الإناث على الذكور لكونهن الأكثر قدرة على تحمل التعنيف.
وكشفت سيدة السيد محمد أنها لا ترى للتنظيم النقابي وجود وأنهن تحرمن من حضور الجمعية العمومية ولا تجدن مساحات للمطالبة بحقوقهن أو الوصول لتمثيل نقابي حقيقي يعبر عن التمريض وأزماته.
الممرضات بحاجة لنظرة أكثر احتراماً لما تبذلنه من جهود
بدورها أكدت الممرضة زينب محمد، أن الممرضات تعانين من أزمات كبيرة فهي على سبيل المثال كممرضة عمليات تعمل 12 ساعة في اليوم داخل العمليات ولا تحصل سوى على ساعة واحدة للراحة والغداء وهو ما يجعلها في وضع قاسي طوال الوقت، لافتة إلى أن التمريض بحاجة للدعم الإعلامي من أجل تغيير النظرة المجتمعية في تلك المهنة خاصة أن هناك نمط من الدراما التي تتعمد تشويه الممرضات، وهو أمر غير لائق في ظل ما يتم تقديمه من تضحيات وجهود بالمنظومة الصحية.
وأوضحت أن الكثير من الانتهاكات الاجتماعية يتم لصقها بالتمريض وكأن الأمر متعلق بممارسي المهنة وليست بالممارسات الشخصية والتي ربما تكون استثنائية كالتحرش من قبل مقدم الخدمة (الممرض) وغير ذلك، مشددة على أن المريض هو أمانة في يد التمريض وهناك ميثاق عمل وأخلاقيات يصعب كسرها، إلا فيما هو استثنائي كما يحدث بين جميع فئات المجتمع.
وأشارت إلى وجود جهود كبيرة للعمل على رفع الوعي بشأن المهنة وممتهنيها، فضلاً عن وجود جيل جديد حمل على عاتقه كسر الصورة النمطية المسيئة لهم في تلك المنظومة.
وعن أدوات تحسين الواقع، فقد أكدت أن الأمر بات يحتاج لتدخل من القوى الناعمة تجاه تلك الفئة، كما أن الدخل لم يعد كاف لممتهني التمريض خاصة في القطاع الحكومي ما جعل عدد كبير ينفر منها باحثين عن القطاع الخاص لأن فارق الأجور كبير.
العاملات في التمريض تتعرضن لانتهاكات مركبة
أوضحت كاريمان محمود، ممرضة من الإسكندرية، أن التمريض جزء مهم من الحكومة وكياناتها العاملة لما له من دور تجاه المجتمع ولكنه بعيد عن السياسات ومن ثم لا يجد من يتحدث عن آليات تحسين وضعه وهو ما ينتج عنه خلل في وظيفته ودوره المجتمعي خاصة أن من يتحدث عادة عن تلك الفئة لا يمت لها بصلة.
ولفتت إلى أن الممرضة كامرأة تتعرض للانتهاكات التي تنال من أغلب النساء في الشارع أو في منزلها وغير ذلك من ضغوط وفي عملها تجد الكثير من المضايقات سواء من الزملاء والزميلات أو من المدراء، فضلاً عن وجود تحرش وكذلك تمييز ينال من حق الكثيرات.
وبينت أن هناك فجوة بين النقابة والتمريض تحول دون وجود النقاش البناء أو بحث آليات تحسين الوضع الراهن فلا يعلم أحد شيئاً عن أية معلومات تخص النقابة علماً بأن الانتخابات لم تتم منذ نحو 15 عام مضى.
وكشفت أن الممرضات تتعرضن لانتهاكات نتيجة أي قصور يحدث في المنظومة الصحية وعليهن تحمل وابل من التعنيف وقد يصل الأمر للاعتداء، كما أن الغالبية لا يتجه في هذه الحالات للمسار القضائي للشكوى لتهربن من دائرة المحاكم والإجراءات، فضلاً عن كون الكثيرات منهن لا تجدن دعم من الأهل أو حتى المؤسسات التي تعملن بها فينتهي الأمر بالتنازل عن الحقوق.