الحركة النسوية العريقة يجب أن تستوعب الأجيال الشابة وطرق النضال الجديدة

يبقى الصراع بين الجيل النسوي العريق والحديث قائماً ما دام الحوار عن أسبابه لم يفتح بعد ولم تتجرأ النسويات على تفكيكه لمعالجة الهوة وتجاوز الأخطاء.

زهور المشرقي

السليمانية ـ تقول الكاتبة والمناضلة النسوية الفرنسية سيمون دي بوفوار "لا يُولد الإنسان نسوياً، بل يصبح كذلك"، وهو ما ينطبق على الأجيال النسوية الشابة التي لا تصبح نسوية إلا بعد التوغل في بحر قضايا النساء والايمان بها واستيعاب أن النساء في المنطقة لا زلن مقيدات بعيدات عن الحق في أن يكن أحرار في مناطق تنكل بالنساء بأشكال مختلفة، وتحاول الأجيال الشابة ترسيخ هويتهن النسوية ورسم مسار لمحاولة وضع حدّ للهيمنة الذكورية.

اعتبرت الناشطة النسوية والمختصة في علم الاجتماع إنصاف سليطين، أن النضال النسوي للشابات أو الفتيات وانتقال الشعلة من الرعيل الأول إليهن هو التحدي الأول خاصة مع كثرة المؤثرات سواءً على مستوى الإعلام الذي يستهدف النساء خاصة الأجيال اليافعة الجديدة سريعة التأثر، علاوة على ما تشهده المجتمعات الإقليمية والإفريقية من متغيرات يصعب أحياناً على الناضجات استيعابها، لافتة إلى أن أدوار الأجيال النسوية هنا تبرز وتُظهر لتوعي وتُرشد مع الوعي أن حماية الجيل النسوي الجديد ودعمه لحمل المشعل هو مسؤوليتهن.

وأكدت أن مسؤولية الأجيال النسوية السابقة توعية الجيل الجديد لفهم التحديات واستيعاب التغيرات وفهم العوائق التي تحاول المتغيرات كالإعلام ومواقع التواصل الافتراضي زرعها وتحمل لتسليع النساء وعرضها كديكور وهو ما تعمل عليه الأنظمة الرأسمالية العالمية، مشيرة إلى الأجيال النسوية الشابة التي تحمل طرق نضال مستحدثة يمكن أن تمس الفتيات والشابات باتت مستهدفة من أطراف كثيرة وخصوصاً من الامبريالية والرأسمالية التي تُسلع المرأة مع الصورة النمطية المراد تكريسها عن دور المرأة ووظيفتها.

ودعت إلى إيجاد منهج واعي يعتمد على العلم وأساليب حديثة ترتكز على علم النفس للتمكن من استقطاب هذه الأجيال بشكل جيد وواعي، مضيفةً "يمكن كشابة أن تكوني عصرية وحرة وحاملة لقضايا النساء بعيداً عن غطرسة الرأسمالية والإمبريالية والنمطية المجتمعية التي تحصر دور النساء في جانب واحد".

 

 

النضال النسوي أخذ نوعاً من النمطية

بدورها قالت الإعلامية والناشطة روشن قاسم، إن النضال النسوي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أخذ نوعاً من النمطية، ولم يعد يتماشى مع العصر الحالي ما دفع العديد من الشابات إلى عدم الانضمام لهذا الحراك أو حتى التأثر به ودعمه.

وأكدت أن عزوف الشابات عن المشاركة أصبح ملموساً، وذلك بسبب احتكار بعض الأطراف للنضال وعدم إتاحة الفرصة للجيل الجديد من النسويات اللواتي تحملن قضايا النساء بشكل مختلف قد يكون أسرع في إيصال الهدف والوصول لأكثر عدد من النساء "نتيجة الاستحواذ على النضال هناك شابات بتن منفصلات عن الواقع نتيجة الظروف الحالية برغم أنه عصر العولمة ومواقع التواصل الافتراضي، لكن هناك نفي لوجود هذه الحركات الجديدة واستغلالها لضربها"، لافتة إلى أن الاستغلال كان من قبل شركات مناهضة لحقوق النساء وحتى من قبل الأحزاب التي تستغل الحركات النسوية الشابة لصالحها.

واعتبرت روشن قاسم أن الحركات النسوية الشابة خرجت من عمق التطور الحالي وقد يكون وصولها للنساء وتأثيرها أسرع وقد تنجح في إيصال الأهداف المرجوة وتحقيق المساواة لاعتبار أن طرق نضالها حديثة ومؤثرة.

وأضافت "هناك حركات نشأت قبل ثلاثين عاماً ولازالت تمارس نفس الممارسات وتناضل بطرق لا تتماشى والجيل الشاب الذي يمكن الاتكاء عليه لأنه أكثر عصرية ولغته مختلفة بعيداً عن التنظيمات السابقة التي لم تعد تؤثر كثيراً".

 

 

أهمية تضافر الجهود بين الحركتين

واعتبرت الناشطة الحقوقية من السودان آلاء اسماعيل، أن النضال النسوي الشبابي في بلادها تطور وبات أكثر جرأة، مذكرة بمشاركتهن في ثورة ديسمبر2019 برغم الاضطهاد الممارس على الفتيات وفرض الرقابة على أجسادهن وتقييد تحركاتهن ومحاولات كتم أصواتهن الذي دفع بتفجير ثورتهن المسالمة في وجه القهر والظلم.

وأوضحت أن الحركات النسوية في السودان وجدت منذ عقود وساهمت في عدة حقوق وتحرير العقول، لكن الحراك الشبابي يعتبر حديثاً وأكثر قرباً للأجيال الحالية لاعتبار وسائل المقاومة الحديثة التي تعتمد على مواقع التواصل وسرعتها وحتى الألفاظ التي تعتمد للإقناع وهو ما يجب أن تتظافر فيه الجهود بين الحركتين السابقة والحديثة حتى تتكامل الخبرة مع الطرق الجديدة.

ولفتت إلى أن الجيل السابق والحالي برغم الاختلافات يتفقان في غالبية الأهداف وبات من المهم العمل على تجاوز الفجوة بينهما لتحقيق المطلوب، مناشدة الحركة النسوية بتقليص الفجوة من خلال تغيير أشكال النضال وطرق المطالبة.

ودعت الشابات إلى الاستمرار في التعبير عن قضاياهن بطريقتهن الحديثة واستغلال مواقع التواصل لإيصال معاناتهن للعالم حتى لا تقف عندهن ويتم استغلالهن بشكل مضاعف وتعنيفهن واضطهادهن، مع المحافظة على اتباع خط الحركة النسوية في السودان للاستفادة منها.

وطالبت آلاء إسماعيل الحركة النسوية في بلادها إلى إشراك الفتيات في كل المنابر وفسح المجال أمامهن خصوصاً في الوضع الحالي ليعبرن عن الانتهاكات بمختلف أشكالها التي عاشتها النساء هناك.