محامية تونسية: مشروع قانون الطلاق ضرب للمكتسبات الدستورية للنساء

أثار مشروع قانون يتعلق بأن يتم الطلاق بالتراضي مستقبلاً لدى عدول الإشهاد عوض القضاة جدلاً في تونس، واعتبرته الحقوقيات والناشطات في المجتمع المدني ضرباً لمكاسب المرأة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ يعد تعديل الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية في اتجاه منح القيام بالطلاق بالتراضي لعدول الإشهاد عوض القضاة بمعنى أنه عوضاً أن يتم الطلاق داخل المحكمة وأمام القاضي يتم في مكتب عدل إشهاد، اعتداء آخر على حقوق ومكتسبات النساء.

حول هذا الجدل، قالت المحامية يسرى دعلول وعضو اللجنة القانونية للنساء الديمقراطيات إن "هذا الموضوع أثار جدلاً كبيراً لأنه يمس المكتسبات الدستورية للنساء ويضرب في الصميم الحماية القانونية القضائية التي تتمتع بها النساء"، مضيفةً "عندما نتحدث عن الطلاق نتحدث عن مسألة تمس المرأة بشكل مباشر ثم نتحدث عن الأسرة والمجتمع ولا يمكن لهذه المشاريع إلا أن تزيد من حجم معاناة الجميع".

وأوضحت أن الدستور التونسي نصّ على أنه بالنسبة لمكتسبات المرأة وللحقوق والحريات التي تتمتع بها النساء لا يمكن تغييرها أو المس بها وأن أي تغيير ضروري يحتاج عملاً كبيراً ونقاشاً هاماً والتغيير لا يحدث إلا بقوانين أساسية لكن ليس هو واقع الحال.

ولفتت إلى أنه للقيام بالطلاق بالتراضي يوجد مسار قضائي كامل وقوانين تحمي النساء لتعبر بشكل واضح وصريح عن إرادتها ورضاها وعما يمكن أن يخالجها، وهل رضاها سليم أم تحت ضغط الزوج أو العائلة؟ خاصة في ظل العقلية الذكورية ووجود علاقات قوى غير متكافئة بين النساء والرجال في المجتمع.

 

مشروع قانون الطلاق اعتداء آخر على النساء

واعتبرت يسرى دعلول أن الطلاق وفقاً لهذا المشروع هو اعتداء آخر لأن المسألة تخص سلامة النساء ورضاهن وتخص التصريح الإرشادي من مؤسسة العدالة "عندما نتحدث عن النساء فإننا نتحدث عن تقوية قدراتهن لمواجهة أزواجهن أمام السلطة القضائية وأمام هيئة قضائية تحمي حقوقها المختلفة وحقوق أطفالهن".

وأشارت إلى مسألة أساسية تتعلق بالقضاء المتخصص والمجاني بمعنى تتمتع النساء اللواتي ترغبن في الطلاق بالتراضي أو غير ذلك بالحماية وإمكانية التعبير عن رأيهن دون خوف أو ضغط "لو عدنا إلى مراكز الاستماع للنساء المعنفات التابعة لجمعية النساء الديمقراطيات وما يتم التصريح به من قبل النساء ندرك أنه فعلاً هناك ضغوطات كبيرة جداً عليهن وأنهن لم تخترن الطلاق بالتراضي".

وأكدت أن اللجوء إلى مؤسسة قضائية تتضمن مراحل الحكم الابتدائي والاستئناف والتعقيب، بالإضافة إلى التروي في إصدار الأحكام، يتيح للمرأة فرصة التصريح بأمور أمام القضاء، وهو أمر لا يمكن مقارنته بمسائل أخرى. وبالتالي، لا يمكن أن تُعتبر هذه المشاريع بديلاً عن الحماية القانونية والقضائية التي يجب أن تتمتع بها النساء وأطفالهن.

وأكدت أنه سيضر مباشرة بالنساء والأسرة والتوازن المجتمعي لأنه ليس كما هو الحال اليوم حيث أن هناك مسألة راسخة عبر الزمن ومكسباً كبيراً حيث جاءت مجلة الاحوال الشخصية في فترة زمنية معينة والتي رغم ما فيها من قوانين تمييزية "نطمح إلى تغييرها".

 

تغيير القوانين يستوجب نقاش على مستوى موسع

وشددت يسرى دعلول على ضرورة إلغاء القوانين التمييزية وترسيخ ودعم حقوق النساء وليس ضرب المكتسبات التي توفر الحماية القانونية القضائية، وهذا المسار هو بحاجة إلى المحافظة عليه ودعمه وتطوير الإجراءات بما يجعلها مواكبة.

واعتبرت أنه مشروع قانون لم يراعِ أي طرف ويحمل رؤية ضيقة جداً ولم يأخذ بعين الاعتبار نضالات الحركة النسوية والمكاسب الدستورية التي تتمتع بها النساء والتي لا يمكن المس منها، بل يجب تطويرها ودعمها والعمل على ترسيخها.

وفي ختام حديثها قالت المحامية يسرى دعلول إن مجلة الأحوال الشخصية لا يمكن أن تتغير بمجرد قوانين أو مقترحات قوانين وإنما تتغير بقوانين أساسية تستوجب دراسات ونقاش على مستوى موسع جداً حتى يتم احترام ما جاء به الدستور وتعهدات الحكومة من خلال مصادقتها على العديد من الاتفاقيات الدولية واحترام القانون عدد 58 وما جاء به وغيره من القوانين التونسية في اتجاه تقديم مشاريع قوانين لإلغاء القوانين التمييزية وترسيخ الحماية القضائية وتجذيرها.