التعليم السوري أمام تحدي قبول الآخر
يفتقر المنهاج السوري والكثير من المعلمين إلى أدوات وأساليب حديثة لنقل قيم مثل التسامح وحقوق الإنسان.

لميس ناصر
دمشق ـ في ظل ما تعانيه سوريا من أزمات متراكمة منذ أكثر من عقد، لا يزال النظام التعليمي يدفع الثمن الأكبر، ليس فقط في بنيته التحتية، بل أيضاً في بنيته القيمية والثقافية، وتحديداً فيما يتعلق بتكريس ثقافة قبول الآخر والتعدد.
"نظام تعليمي متهالك وبنية تحتية مزرية"
المعلمة هبة البقاعي، الحاصلة على إجازة في التربية، ترسم صورة قاتمة عن واقع المدارس السورية. وتقول "نظام التعليم لدينا خلال السنوات الـ14 الماضية كان سيئاً بشكل كبير. البنية التحتية شبه منهارة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على جودة العملية التعليمية، ويجعل من المستحيل تقريباً العمل على مفاهيم كقبول الآخر واحترام الاختلاف".
وترى أن غياب الكوادر التعليمية المؤهلة يمثل أحد أخطر التحديات، حيث يفتقر الكثير من المعلمين إلى أدوات وأساليب حديثة لنقل قيم مثل التسامح ورفض الانتهاكات وحقوق الإنسان.
منصات التعليم أم منصات التفرقة؟
وأوضحت أن المعلم أو الأستاذ الجامعي في سوريا يتعامل مع طلاب من خلفيات متنوعة، قادمين من مختلف المدن والعادات والتقاليد "هذه ميزة يفترض أن تُستثمر لتكريس ثقافة المواطنة، لكن ما يحدث أحياناً هو العكس، حيث يتم تجاهل هذه التعددية بدلاً من توظيفها بشكل إيجابي".
وتشدد على أن دور المرشد النفسي بات اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، واصفة إياه بـ"الدور التكاملي والخطير"، لما يمكن أن يلعبه في ترسيخ مفاهيم الاحترام والتقارب داخل الفصول الدراسية.
نسيج تعليمي ممزق ومهمة إعادة الترابط
وأكدت هبة البقاعي أن النسيج الاجتماعي السوري انعكس بشكل مباشر على التعليم، الذي بات يعاني من تفكك عميق "هناك فجوات كبيرة بين منطقة وأخرى، من حيث المفاهيم والتقاليد وحتى فرص التعليم. مهمتنا كمعلمين أن نعيد وصل هذا النسيج وأن نقرّب بين هذه المناطق المختلفة".
وأضافت "رغم كل ذلك، فإن هناك شبه إجماع شعبي على الرغبة بسوريا مختلفة، أكثر عدلاً وتنوعاً".
غياب التشريعات الرادعة
وحول دور وزارة التربية والتعليم في مواجهة الانتهاكات داخل المدارس، بينت هبة البقاعي أن هناك فراغاً قانونياً واضحاً "نحتاج إلى مرجعية واضحة وصارمة، مثل وزارة التعليم العالي التي سنت قوانين ضد خطاب الكراهية. وزارة التربية يجب أن يكون لها صوت واضح وموقف حازم، لمنع أي ثغرة يمكن أن يستغلها أي معلم أو طالب لبث التفرقة أو التمييز داخل المدارس".