عقود تاريخية حافلة بنضال النساء (2)

عقود من الزمن مرت على مسيرة نضال المرأة التي ماتزال مستمرة إلى يومنا هذا، قطعت فيها النساء شوطاً كبيراً بمساواة الوضع القانوني للنساء مقارنة بالرجال

نساء مقاومات في ساحات النضال من أجل المساواة

غدير العباس

مركز الأخبار ـ ، وحوّلن الشوارع والأحياء والمصانع والقرى ومرافق الحياة إلى ساحات للمقاومة وتولين قيادة العديد من الانتفاضات. كما أنهن ناضلن في وجه الحداثة الرأسمالية، فسطرن أروع البطولات عبر التاريخ ووضعن بصمتهن في كافة المجالات. في هذا الملف نستذكر النساء المقاومات من كافة أنحاء العالم.
 
كونستانس ماركفيتش القائدة الطليعية في الانتفاضة
كونستانس ماركفيتش إحدى القادة الكبار للجيش الجمهوري الايرلندي في انتفاضة عيد الفصح، كانت مهمتها في البداية الإشراف على عمليات بناء المتاريس في دبلن. ومع اندلاع الحرب الشرسة في متنزه ستيفنز غرين تولت كونستانس مهمة القيادة وقاومت على مدى أيام في الخنادق التي حفرت في المتنزه ضد الجيش الانكليزي وقناصته.
اعتقلت كونستانس ماركفيتش وتم وضعها مع 70 من رفيقاتها في السجن، لكنه تم إطلاق سراحها نتيجة إصدار الحكومة في لندن عفواً عاماً عن كل من شارك في الأحداث، انضمت كونستانس مباشرة إلى السياسة وتعرضت للاعتقال عدة مرات وتركت بصمتها على عدة انتصارات سياسية. وكانت أول امرأة تنتخب لعضوية مجلس العموم البريطاني ولكنها لم تشغل مقعدها تعبيراً عن رفضها لاستغلال الحكومة، بعدها تم انتخابها للمجلس الثاني وتولت منصب وزيرة العمل وبذلك تكون كونستانس أول امرأة على مستوى ايرلندا والثانية على مستوى أوروبا تتولى منصباً وزارياً.
كونستانس ماركفيتش التي كانت رسامة انضمت إلى رابطة الجاليك والنشاطات المتعلقة بالحفاظ على اللغة الأم والثقافة. في عام 1905 شاركت في تأسيس نادي الفنون المتحدة وجمعت الحركات الفنية تحت سقفه. وللمطالبة بحق النساء في التصويت شاركت مع الممثلة والثورية مود غون في عدة مسرحيات عرضت على مسرح آبي والتي كان لها تأثير كبير في الثورة الإيرلندية.
 
 
مارغريت سكينيدر: انضممت إلى الانتفاضة لتحقيق المساواة
ولدت مارغريت سكينيدر في اسكتلندا وعملت كمدرسة رياضيات، سمعت بالثورة ونضال المرأة من أجل الحصول على حق التصويت والاقتراع وانضمت إلى مجلس المرأة الايرلندية. وكانت تقوم بتهريب معدات صنع القنابل إلى دبلن. مارغريت التي كانت تهرب بدراجتها الهوائية من طلقات القناصة أدت عدة مهام خلال انتفاضة عيد الفصح عام 1916 كالاستطلاع والإعلام والقنص. في البداية انضمت إلى المقاومة في متنزه ستيفنز جرين Stephen's Green بالإضافة إلى عمليات أخرى كثيرة.
في مذكراتها تحدثت مارغريت سكينيدر عن موقف أحد القادة الرجال الرافض لانضمامها للانتفاضة وقالت "أخيراً وافق القائد مالين على انضمامي وقال "نعم" ولكن موافقته لم تكن عن قناعة لأنه لم يكن يريد أن تتحمل المرأة مخاطر كهذه. ردي على هذا المفهوم كان أن للنساء أيضاً الحق في المخاطرة بحياتهن تماماً كالرجال. في دستور الجمهورية الايرلندية يتمتع الرجال والنساء بالحقوق ذاتها ولأول مرة في التاريخ كُتب دستور يضمن حق المرأة في الاقتراع".
 
 
لوسيا شانسيز ساورنيل
تعد لوسيا شانسيز ساورنيل واحدة من النساء المناضلات في إسبانيا. ولدت لوسيا في 13 كانون الثاني/يناير 1895 في مدريد. وناضلت من أجل حصول المرأة على أجر متساوي مع الرجل. كانت تسعى إلى إثبات أن عمل المرأة لا يقتصر على إنجاب الأولاد والأعمال المنزلية وتلبية متطلبات الرجل. كانت تسعى إلى تغيير عقلية الرجل القائمة على التمييز الجنسي.
ساهمت لوسيا ساورنيل في 1936 بتأسيس منظمة النساء الأحرار (Mujeres Lîbres) بمساعدة مرسيدس كومابوسادا وأمبارو بوخ إي غاسكون ووضعت بذلك أسس نضال حرية المرأة من أجل بناء (المرأة الحرة) والنضال من أجل إنهاء التمييز الجنسي. ومع تأسيس "النساء الأحرار" انتشر صدى صوت المرأة ونضالها من أجل الحرية، ويوماً بعد يوم تصاعد عدد النساء اللواتي استيقظن على ذلك الصدى وانضممن إلى النضال. وتطورت المنظمة حتى وصل عدد أعضائها إلى عشرين ألفاً من النساء. 
وبعد تأسيس منظمة "المرأة الحرة" كتبت لوسيا ساورنيل في العديد من المجلات مثل مجلة "دعم الكادحين"، "المجلة البيضاء" و"الأرض والحرية"، وتمكنت من خلال كتاباتها كسر العديد من القوالب ووجهات النظر التي تبنتها الحركات اليسارية والفوضوية والتي تتنكر لوجود المرأة. وتوفيت لوسيا ساورنيل في المنفى في عام 1970 جراء مرض السرطان.
 
 
دولورويس إيباروري
دولورويس إيباروري هي صاحبة شعار "No Passaran" (لن تمروا) الذي لا يزال حياً حتى يومنا هذا، انضمت دولورويس إلى الحزب الشيوعي عبر مجموعة سوموروستو الاشتراكية، في تلك المرحلة كتبت في الصحيفة الشيوعية "El Mînero Vizcaîno" باسم مستعار "La Pasionaria" الزهرة العاشقة. 
وفي عام 1920 أصبحت دولورويس إيباروري عضوة في الحزب ورشحت لتمثيل فرع الباسك. وفيما بعد عملت محررة في مؤسسة الحزب الإعلامية (عالم العمال) كما ترأست تنظيم النساء في الحزب. في عام 1930 انتخبت في اللجنة المركزية للحزب.
في تلك الفترة تعرضت للاعتقال وأمضت سنتين في السجن. في عام 1934 خرجت من السجن وأسست "اللجنة الوطنية للمرأة لمناهضة الفاشية". وفي العام التالي انتخبت لعضوية اللجنة التنفيذية في حزب IKP. وانضمت إلى الأممية الشيوعية باسم مندوبي إسبانيا، لتنتخب في عام 1935 لعضوية اللجنة القيادية في الأممية الشيوعية خلال المؤتمر السابع.
وفي شتاء عام 1936 رشحت من قبل الجبهة الشعبية في الانتخابات البرلمانية وأصبحت عضوة في البرلمان عن منطقة أستروياس.
خلدت أقوال وعبارات دولورويس إيباروري في ذاكرة كل المناضلين، من أشهر عباراتها "الموت واقفاً أفضل من الموت خانعاً. أن تكوني أرملة أفضل من أن تكوني زوجة رجل جبان". كانت تحث النساء على المقاومة والنضال، وتقول إذا لم تجدن سلاحاً للحرب فيمكنكن استخدام سكاكين المطبخ، وحتى يمكنكن استخدام المياه الساخنة والتصدي للعدوان على مدريد. وقالت دولورويس عبارتها الشهيرة "No Passaran" (لن تمروا)، ذلك الشعار الذي انتشر في جميع ميادين النضال ضد الفاشية.
 
 
كابرييلا سيلانغ
انضمت كابرييلا سيلانغ إلى صفوف حرب الحرية، ونظراً لنجاحاتها المتواصلة سميت خلال فترة قصيرة باسم جنرال. 
في العاشر من شهر أيلول/سبتمبر عام 1763 شاركت كابرييلا سيلانغ في حصار فيغان إلا أنها وقعت أسيرة في أيدي الإسبان، وأعدمت في الـ 20 من نفس الشهر عام 1763. وتحولت شجاعة وبطولة كابرييلا منذ ذلك التاريخ إلى مصدر للروح المعنوية وتحولت إلى أسطورة بالنسبة لكل من هم في الصفوف الأمامية في معركة الحرية. بعد الحرب العالمية الثانية استقلت البلاد. كابرييلا التي حاربت ضد الاستعمار في القرن الثامن عشر، وقادت انتفاضة الشعب الفلبيني، تركت ميراثاً ثرياً للمرأة الفلبينية.
في عام 1984، وأثناء اشتداد المقاومة ضد دكتاتورية ماركوس في الفلبين، عقدت 200 منظمة نسائية اجتماعاً، وأعلنوا فيه عن تأسيس مجلس المرأة الوطني، وفيما بعد سمي هذا المجلس باسم حزب كابرييلا النسائي تيمناً باسم أول امرأة (جنرال) حاربت ضد الاستعمار وهي كابرييلا سيلانغ.
ولكابرييلا سيلانغ مكانة مهمة في تاريخ استقلال الفلبين. واليوم تنتشر العديد من تماثيل هذه المرأة المقاتلة في العديد من ساحات مدن الفلبين. ويقود حزب كابرييلا النسائي اليوم وبمشاركة العديد من الأحزاب والتنظيمات النسائية مئات الآلاف من النساء الفلبينيات على خطى وميراث كابرييلا.
 
 
أساتا أولوغبالا شكور
من الأسماء البارزة في الحركة النسوية في الولايات المتحدة الأمريكية، هي الثائرة، ورائدة حركة حرية الملونين في أمريكا والمعتقلة السياسية أساتا أولوغبالا شكور، التي انضمت إلى حزب الفهود السود الذي كان يمثل حركة حرية الملونين (الزنوج)، وأصبحت من رواد وقادة الحركة في فرع الحزب في حي هارلم، وهو حي الزنوج في نيويورك. في البداية وبهدف إنهاء التمييز القومي داخل الحزب قدمت وجبات إفطار مجانية للأطفال الزنوج الجياع في العشرات من الأماكن. وناضلت في نفس الوقت ضد الدكتاتورية العسكرية وناهضت حرب فيتنام، وانضمت في تلك الفترة إلى (جيش التحرير الأسود) Black Liberation Army.
تعرضت أساتا أولوغبالا للتعذيب وشروط اعتقال تتنافى مع قوانين لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أرسلت أساتا إلى سجن الرجال، رغم أنها كانت حاملاً، وقد ولدت في ظروف سيئة. أمضت ستة أعوام في المعتقل، وفي عام 1979 تمكنت من الفرار من سجنها بمساعدة من جيش التحرير الأسود. وخلال الخمس سنوات التالية لاحقت الشرطة الفدرالية واغتالت كل من كان على علاقة مع أساتا. 
اضطرت أساتا أولوغبالا خلال سنوات العيش مخفية تحت الأرض إلى أن انتقلت إلى دولة كوبا لتعيش هناك كلاجئة سياسية. وفي كوبا التقت أساتا مع المجتمعات التشاركية الحرة والتي تضم العديد من العبيد الذين فرو خلال أيام الاستعباد إلى كوبا.
 
 
شيماماندا أديشي
تتعالى في نيجيريا أصوات تبث الأمل، فيما يتعلق بمناهضة ومواجهة حياة النساء التي تحولت في نيجيريا إلى جحيم ومعاناة متواصلة من قبل الرجال والذهنية الذكورية. واحدة من هؤلاء النساء اللواتي تبعثن على الأمل شيماماندا نغوزي أديشي.
ولدت شيماماندا أديشي عام 1977 في نيجيريا، قضت طفولتها في البلاد. الأحداث التي شهدتها في طفولتها، ومعايشتها لحياة النساء النيجيريات دفعتها لتبني قضايا النسوية. وقبل أن تتعرف على معنى كلمة النسوية، كانت تتبنى أفكاراً تتعلق بحرية المرأة، وكانت تدرس ذهنية الرجل وربطت حياتها بحرية المرأة. انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الدراسة حيث درست هناك في قسم العلوم السياسية والإعلام. صدرت لها أول رواية عام 2003 بعنوان زهرة الكركديه الأرجوانية وترجمت إلى 23 لغة عالمية. ونالت شيماماندا عدة جوائز منها جائزة أورانج وبوكر، وكذلك جائز الآداب الأفريقية، وجائزة أفضل رواية تمنحها مجموعة الكتاب الإنكليز التي تمنحها الـ بي بي سي.
شيماماندا أديشي تناهض الزواج القسري للنساء، وترفض فكرة إهانة النساء اللواتي ترفضن الزواج أو تتزوجن في عمر متأخرة، واعتبارهن فاشلات، غير مقبولة، وتعتبرها من أكبر المشاكل التي تتعلق بالجنسوية الاجتماعية، وأن الحل ممكن من خلال تقديم وصفات بديلة من مفهوم "ماذا كنا" وأن يقال بدلاً عنها "ماذا سنكون". تؤمن شيماماندا بإمكانية تغيير مفاهيم الجنسوية الاجتماعية، وتشير إلى أن هذه الذهنية لا تنسجم مع طبيعة البشر، بل تم ابتكارها لاحقاً، وتقول في ذلك "الثقافة لا تبني الإنسان، بل البشر هم من يبتكرون الثقافة. فإذا كانت ثقافتنا لا تعتبر المرأة من البشر، فيجب علينا أن نغير ثقافتنا".
 
 
واريس ديري 
قضت واريس ديري حياة صعبة وعسيرة، لم تكن تعلم أنها فتحت عيناها على حياة مليئة بالألم والمعاناة والعذاب بالنسبة للنساء. فرت واريس ديري بعد تعرضها للختان إلى الصحراء لرفضها الزواج وهي في عمر 13 عاماً، قصت حكاية تعرضها للختان لأحد الصحفيين وتحدثت عن الموضوع لممثل الأمم المتحدة. وفي عام 1997 أصبحت أول شخصية مشهورة تتحدث عن ختان الفتيات. أرادت أن تتحدث للعالم عن المعاناة التي تعاني منها الفتيات في الصومال وفي الدول الأفريقية. ولأجل ذلك بدأت مرحلة نضال طويلة.
تحدثت واريس ديري عن حياتها في رواية حملت عنوان "زهرة الصحراء"، كما أن واريس نفسها عرفت في العديد من دول العالم باسم "زهرة الصحراء". والحقيقة أن واريس تحدثت عبر قلمها وروايتها عن قصة وحكاية الملايين من النساء. لقد شرحت للعالم أجمع حكاية معاناة ومأساة الملايين من النساء في أفريقيا. وفور صدور رواية "زهرة الصحراء" تم إعادة طباعتها في 11 دولة، وانتشرت في أوروبا وأمريكا الجنوبية وغانا ونيجيريا وجنوب أفريقيا، وتحولت روايتها إلى فلم "زهرة الصحراء" الذي عرض في العديد من دول العالم.
واريس ديري عملت في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وأسست جمعية نسائية تحمل اسم "زهرة الصحراء"، قضت حياتها في النضال من أجل حقوق المرأة وبشكل خاص من أجل القضاء على عادة الختان الرجعية. كما ألفت واريس خلال حياتها ثلاثة كتب أخرى وهي "فجر الصحراء" عام 2002، "أطفال الصحراء" عام 2005، و "رسائل إلى أمي".
 
 
أيلين موريتون روبنسون... الدفاع عن البيض
تناضل النساء في استراليا من أجل هويتهن القومية من جهة، وهويتهن النسوية والجنسية من جهة أخرى. أيلين موريتون روبنسون أكاديمية من السكان الأصليين وناشطة نسوية معروفة، ناضلت على صعيدين. وهي ترى أن هناك صلة وترابط بين البنية "البيضاء" والعنف الجنسي.
شغلت مناصب في دراسات المرأة في جامعة فلندرز ودراسات السكان الأصليين في جامعة جريفيث وجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا. وهي حالياً عميدة أبحاث ومديرة الشبكة الوطنية لأبحاث ومعرفة السكان الأصليين (NIRAKN). أكملت شهادة الدكتوراه في جامعة غريفيث في عام 1999، في كتابها بعنوان "حديث مع المرأة البيضاء: نساء السكان الأصليين والحركة النسائية في استراليا" الذي صدر عام 2000، توضح الطرق التي يتم بها تمثيل نساء الشعوب الأصلية من خلال منشورات وتعاليم المرأة الاسترالية البيضاء.
 
 
فاندا نينيزس مناضلة ضد العنصرية
يتمثل نضال الناشطة النسائية الزنجية فاندا نينزس بمحاربة العنصرية والتمييز الجنسي في ولاية آلاغواس في البرازيل. عندما بلغت الثامنة عشرة من عمرها منعت من الانضمام إلى إحدى النوادي مع زميلاتها بسبب لونها. في عام 1979 أسست جمعية قائمة على جذور أفريقية وثقافية برازيلية. في عام 1982 انضمت فاندا إلى الحركة النسائية البرازيلية، وانشغلت في تلك الفترة بموضوع النساء المفقودات، وأعدت تقارير حول التمييز العنصري، ودافعت عن حقوق المواطنة والمساواة للنساء الملونات لدى الحركة النسائية البرازيلية. في عام 2002 رقيت فاندا نينيزس إلى منصب وزير في ولاية آلاغواس، عملت في كتلة الشبكة الديمقراطية والنسوية، وعلى التواصل بين النساء الملونات والحركة النسوية.