حركة سوفراجيت ... 'أصوات من أجل النساء' (4)

ناشطة وكاتبة سياسية اهتمت بقضايا المرأة، ناضلت من أجل حصول النساء على حق التصويت، وعضوة في حركة سوفراجيت

امرأة الحركة السلمية ميليسنت فوسيت

مركز الاخبار ـ .
لم تكن ميليسنت فوسيت توافق رفيقاتها في حركة سوفراجيت على أساليب العنف لتحصل النساء على حق التصويت وهو ما جعل اسمها غير بارزاً في الحركة. 
ولدت ميليسنت جاريت فوسيت في مدينة الدبرغ بإنجلترا، في 11حزيران/يونيو 1847، وهي ابنة نيوسون ولويزا جاريت، تلقت اهتماماً كبيراً من قبل عائلتها بتشجعيها على القراءة والتعبير عن آرائها السياسية، درست في مدرسة داخلية خاصة في بلاكهيث.
 
تعرفها على قضية حق المرأة في التصويت
اهتمت ميليسنت فوسيت بالسياسية وحقوق المرأة وزاد اهتمامها من خلال صداقتها مع الناشطة السياسية إيميلي دافيسون صديقة أختها الكبرى إليزابيث جاريت أندرسون.
في الخطاب الذي ألقاه جون ستيوارت ميل عن المساواة في حقوق المرأة كانت ميليسنت فوسيت وشقيقتها اليزابيث وإيميلي دافيسون من بين الحاضرين. خطاب جون ميل وهو أول الداعمين لحق المرأة في التصويت ترك انطباعاً كبيراً لديها فكتبت "لقد أشعل هذا الاجتماع عشرة أضعاف حماسي لمنح المرأة حق التصويت"، وتعهدت بالانضمام إلى حملته.
انشأت ميليسنت فوسيت مع إيميلي دافيسون وناشطات أخريات جمعية كينسنجتون في عام 1865، وهي مجموعة نقاش ركزت على حق المرأة في التصويت، كما تولت سكرتارية جمعية لندن لحق المرأة في التصويت وبدأت بجمع التواقيع لدعم عريضة جون ستيوارت ميل الذي كان سيقدمها للبرلمان من أجل حق المرأة في التصويت، حيث جمعت أكثر من 1499 توقيعاً، تم تقديم العريضة إلى البرلمان في عام 1866 إلا أنها لم تحقق نجاحاً.  
حضرت ميليسنت فوسيت معرض للسيدات في مجلس العموم عندما قام عضو البرلمان جون ستيوارت ميل بحملة من أجل تعديل قانون تمثيل الشعب، حيث أراد استبدال كلمة "رجل" بكلمة "شخص" على أمل إدراج النساء في السجل الانتخابي، إلا أن الاقتراح قوبل بالرفض بأغلبية 81 صوتاً، هذه الحملات ألهمت ميليسنت فوسيت بضرورة حصول المرأة على حقها في التصويت. 
 
اهتمامها بالتعليم والكتابة
في نيسان/أبريل 1867، تزوجت ميليسنت فوسيت من السياسي اليميني وعضو البرلمان وأستاذ الاقتصاد السياسي في كامبريدج هنري فوسيت، دعم هنري أنشطة زوجته أثناء عملها كسكرتيرة له بسبب إصابته بالعمى، وشجعها بدوره في حياتها المهنية ككاتبة. 
نشرت أول مقال لها بعنوان "تعليم النساء في الطبقات المتوسطة والعليا"، وكتبت في عام 1870 كتاب "الاقتصاد السياسي للمبتدئين"، وألقت في نفس العام محاضرة في برايتون تاون هول حول "الإعاقات الانتخابية للنساء".
أصبحت متحدثة معروفة ليس فقط في قضايا المرأة ولكن في الموضوعات السياسية والأكاديمية، كما أنها كانت داعمة لحق المرأة في التعليم، وكانت واحدة من مؤسسي كلية نيونهام للنساء في كامبريدج عام 1875.
 
إلقاء الخطب
انضمت في تموز/يوليو 1867 إلى اللجنة التنفيذية لجمعية لندن الوطنية لحق المرأة في التصويت، تحدثت علناً في أول اجتماع عام مؤيد للجمعية في عام 1869، كانت اللحظة حاسمة بالنسبة لها؛ لأنه في ذلك الوقت كان من غير المعتاد السماح للنساء بالتحدث على منصة عامة.
واصلت انخراطها في الانتخابات العامة وبدأت بإلقاء الخطب، وبتاريخ 1 أيلول/سبتمبر 1872 و 6آيار/مايو 1880 ألقت خطبٌ في لندن لدعم حق المرأة في التصويت وتحدثت أيضاً عن القوانين الغير عادلة بالنسبة للنساء.
استقالت من العمل مع اللجنة التنفيذية لجمعية لندن الوطنية لحق المرأة في التصويت، وعملت مع اللجنة المركزية لحق المرأة في التصويت. وعند دمج اللجنتين في عام 1887 باسم اللجنة المركزية الجديدة لحق المرأة في التصويت تم تشكيل لجنة تنفيذية جديدة كانت ميليسنت فوسيت من أبرز أعضائها، ساعدت في دعم اللجنة وتوجيهيها نحو السياسة والأساليب المعتدلة.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت حركة سوفراجيت قد بدأت، فانضمت إليها ميليسنت فوسيت بعد وفاة زوجها في عام 1884 وكرست وقتها للعمل فيها، بدأت بإلقاء المحاضرات للتعريف بأهمية حصول المرأة على حق التصويت، وانضمت في عام 1886 إلى الحزب الاتحادي الليبرالي لمعارضة الحكم الداخلي الإيرلندي؛ لأنها شعرت بأن السماح لإيرلندا الكاثوليكية بالحكم الذاتي سيضر بازدهار إنجلترا وسيكون كارثة على الإيرلنديين.
 
تشكيل اتحاد "NUWSS" وتولي رئاسته 
في عام 1893 تولت ميليسنت فوست رئاسة لجنة الاستئناف الخاصة التي كانت تحث الجمعيات التي تتمتع بحق التصويت على العمل معاً، وفي 19تشرين الأول/أكتوبر 1896 ترأست الاجتماعات المشتركة لجمعيات الاقتراع، التي أدت إلى تشكيل الاتحاد الوطني لجمعيات حق المرأة في التصويت (NUWSS) بعد اتحاد 17 جمعية مع بعضهن، ضم الاتحاد نساء الطبقة المتوسطة والعليا وبعض من نساء الطبقة العاملة ودعم النساء العاملات في المصانع والمناجم، وبذلك انضمت إلى حملتها آلاف النساء.  
في عام 1890 تولت رئاسة الاتحاد وبقيت بهذا المنصب حتى عام 1919، أخذ نشاطها ضمن الحركة منحى سلمياً ولم توافق على الاستراتيجيات المتشددة التي اتبعها الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة، بل فضلت الاستراتيجيات القانونية والديمقراطية لتحقيق أهدافها السياسية بتقديم الالتماس والمنشورات وعقد الاجتماعات وتنظيم المظاهرات.
هذه النشاطات كان لها أثر ايجابي، ففي عام 1910 اقترح مشروع قانون من شأنه أن يسمح لمجموعة صغيرة من النساء اللواتي يملكن العقارات بالتصويت، هذا دعا اتحاد (NUWSS) بقيادة ميليسنت فوسيت و(WSPU) بقيادة إيميلين بانكهورست إلى إيقاف نشاطاتهم، ولكن رئيس الوزراء هربرت أسكويث أوقف مشروع القانون مرتين؛ بحجة الانتظار حتى يحصل حزبه على أغلبية واضحة في البرلمان، مما دعا أعضاء الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة إلى اتباع أساليب متشددة للحصول على حق التصويت.
 
 حملاتها
بالإضافة إلى نضالها من أجل حق المرأة في التصويت، قادت ميليسنت فوسيت لجنة النساء المرسلة إلى جنوب إفريقيا للتحقيق في الظروف الوحشية التي وقعت في معسكرات الاعتقال البريطانية أثناء حرب البوير الثانية في عام 1899، التي نشبت بين الإمبراطورية البريطانية وجمهوريتي البوير "جمهورية جنوب افريقيا وجمهورية البرتغال الحرة"، دعمت حقوق العمال، واحتجت ضد القوانين التمييزية ضد النساء في بيئة العمل. 
كما أنها قامت بحملة لإلغاء قوانين الأمراض المعدية لعام 1964 و1866 و1869، التي عكست المعايير الجنسية المزدوجة، وكان يتم ذلك عن طريق فحص النساء اللواتي يعملن في البغاء بحثاً عن الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس، وإذ تبين أنهن نقلن المرض يتم سجنهن أما الرجال فلم يكونوا خاضعين لهذه القوانين، كما أنها قامت بحملة ضد العبودية ورفع سن الرشد وتجريم سفاح القربى.
دعمت ميليسنت فوسيت المجهود الحربي مع بدء الحرب العالمية الأولى في عام 1914، وركزت على دعم خدمات المستشفيات في معسكرات التدريب، كما حثت النساء على بذل كل ما لديهن لإثبات ذواتهن. 
في عام 1917 كانت مندوبة عن 24 جمعية لطرح مشروع حق المرأة في التصويت إلى رئيس الوزراء الجديد ديفيد لويد جورج، هذا الحدث حرك البرلمان لمناقشة القضية وبتاريخ 10كانون الثاني/يناير 1918 منح قانون تمثيل الشعب حق التصويت للنساء اللواتي تجاوزن ثلاثين عاماً، وبعدها بعام تقاعدت ميليسنت فوسيت من رئاسة الاتحاد الذي تغير اسمه إلى الاتحاد الوطني لجمعيات المواطنة المتساوية.
حتى بعد تقاعدها بقيت نشطة وتعمل بلا كلل لدعم حقوق المرأة، ناضلت من أجل عمل المرأة في مهنة المحاماة والخدمة القانونية، ومن أجل المساواة في حقوق الطلاق وتعليم النساء والفتيات في الهند. 
توفيت في عام 1928 أي بعد عام فقط من منح النساء الحقوق المتساوية في التصويت، ونتيجة لنضالها منحت في عام 1925 وسام الإمبراطورية البريطانية.
في عام 1953 تم تغيير اسم جمعية لندن لحق المرأة في التصويت إلى جمعية فوسيت تكريماً لها، وفي عام 2017 أحيت ذكراها بوضع تمثال لها في ساحة البرلمان. 
 
غداً... كريساتبيل، سيلفيا، أديلا أعضاء حركة سوفراجيت وتناقض الآراء
 
(غدير العباس)