ورشة عمل في السويداء تسعى لغرس القيم الإنسانية في نفوس الأطفال

بهدف بناء بيئة تعليمية تشجع على السلوك القويم وتعزز قيم المحبة والاحترام والسلام، نظّمت ورشة تدريبية في مدينة السويداء.

السويداء ـ نظمت منظمة عين النسور اليوم الأحد 16 تشرين الثاني/نوفمبر ورشة تدريبية لإعداد مدربات، بهدف تأهيلهن لنشر القيم الأخلاقية والإنسانية بين الأطفال والشباب.

وفي خطوة مهمة لتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية في المجتمع المحلي، وللمساهمة في تجاوز التحديات الاجتماعية والنفسية التي خلفتها أشهر من النزاعات، عقدت منظمة عين النسور في السويداء ورشة تدريبية لتأهيل معلمات قادرات على نشر القيم النبيلة والمساهمة في إعادة بناء الوعي الاجتماعي.

وتمثل الورشة بداية مرحلة جديدة من العمل التربوي الهادف إلى ترسيخ بيئة تعليمية داعمة للسلوك القويم، ومعززة لقيم المحبة والاحترام والسلام.

وتقول مدربة مهارات الحياة والتواصل عبير جنود إن الورشة تأتي في وقت بالغ الأهمية بعد شهور من النزاعات التي عصفت بالسويداء " تعرضنا في السويداء للعديد من المجازر، بالإضافة إلى صعوبات وإساءات كبيرة طالت أطفالنا ونسائنا ورجالنا، لكننا اليوم أمام خطوة جديدة تهدف لنشر القيم الإنسانية والأخلاقية عبر مناهج تعليمية متكاملة".

وأضافت أن المشروع يسعى لبناء جيل يعتمد على السلوك النبيل، ويجسّد قيم المحبة والصدق والانتماء للوطن، مشيرةً إلى أن "التحديات النفسية التي تعرضت لها المرأة السورية نتيجة الأزمات كانت كبيرة، وأن المبادرة تهدف لإعادة بناء هذه القيم عبر قصص وأشعار وأنشطة تفاعلية تساعد المعلم والطالب والأسرة على تخطي هذه الظروف" وأكدت أن المنهج يرتكز على ثلاث ركائز رئيسية: المعلم، الطالب، والأسرة.

وتشيرعبير جنود إلى أن "المرأة لها دور محوري في المجتمع، فهي الأم والمدرسة، وهي القادرة على تغيير المجتمع من خلال نشر القيم الإنسانية، ومن خلال هذه الورشة سننشر القيم الأخلاقية في كل أرجاء السويداء، من مدارس، ورياض أطفال، وحتى في البيوت".

أما المتدربة في الورشة مشيرة الصحناوي فشددت على أهمية الدورة في ظل الأزمات التي مرّت بها المدينة، مؤكدةً أن الظروف الصعبة انعكست بشكل كبير على القيم الإنسانية، ليس فقط لدى الأطفال، بل لدى الأسر أيضاً، مضيفةً "عشنا حالة من القلق والخوف بسبب الحرب والتهديدات الأمنية المستمرة، ورغم ذلك كنت مصدر قوة لأسرتي، وحاولت أن أبقى ثابتة أمام بناتي وزوجي "، لافتةً إلى أنها انضمت للدورة لتعزيز القيم الإنسانية بين طلابها وأطفالها في المنزل، لأن المرأة تتحمل مسؤولية كبيرة في نشر المحبة والسلام في محيطها.

وفي السياق ذاته، قالت المتدربة ضحى بلان أن "القيم الإنسانية تراجعت في ظل الانتهاكات الأمنية المستمرة، مضيفةً "أصبحنا نعيش في حالة من اليقظة الدائمة، نراقب الحدود ونتخوف من تكرار المجازر التي شهدناها سابقاً". وأوضحت أن المرحلة الأخيرة التي مرت بها السويداء دفعت الأطفال للاهتمام بالأسلحة وما شابه، ما أبعدهم عن اللعب والأنشطة الاجتماعية، وترك آثاراً نفسية عميقة على جميع أفراد المجتمع.

وشددت على أهمية دور المرأة في إعادة ترتيب اهتمامات الأطفال واستقرار نفوس أفراد المجتمع عبر نشر التسامح والمحبة والصدق، سواء داخل الأسرة أو بين الطلاب، لبناء مجتمع متماسك يتحلى بالقيم الإنسانية، والخروج من الأنماط التقليدية في التعليم، مؤكدةً ضرورة الابتعاد عن الأساليب التعليمية التقليدية واعتماد طرق بحث تحفّز فضول الأطفال وتمكنهم من اكتشاف المعرفة بأنفسهم.

وأضافت أن هذه الدورة أصبحت أكثر أهمية بالنسبة لها في ظل الأزمات التي غيرت حياة الناس، لأنها منحتها الأدوات المناسبة للتعامل مع التحديات وتعزيز القيم لدى الجيل القادم، بهدف بناء جيل قوي قادر على مواجهة المستقبل.

أما المتدربة وخريجة معلم صف راما رضوان فأوضحت أن "المرأة هي العامل الرئيسي في بناء المجتمع، ودورها لا يقتصر على المنزل، بل يمتد إلى المدرسة والمجتمع ككل"، مضيفةً "إذا أردنا أن نزرع شجرة، يجب أن نبدأ بالبذرة، والمرأة هي تلك البذرة القادرة على إحداث تغيير جذري عبر غرس القيم الإنسانية في أطفالها".

كما تطرقت إلى التحديات النفسية الكبيرة التي واجهتها هي وزميلاتها خلال الفترة الماضية، مؤكدةً أن المرأة تستطيع أن تكون مصدر القوة في المجتمع عندما تبدأ بتطوير ذاتها ثم تنقل هذا التطور إلى أطفالها.

واعتبرت أن الورشة جاءت في وقت بالغ الأهمية، لأنها تسعى لتقديم نموذج جديد للتمكين الاجتماعي والتربوي في زمن الأزمات، من خلال تدريب المعلمات وتفعيل دورهن في نشر القيم الإنسانية، وكما تسعى إلى تحقيق التغيير التدريجي نحو بناء مجتمع أكثر تسامحاً وأماناً.