قتل النساء وتغييب الحقيقة... مسؤولية لا يمكن تجاهلها

أكدت شهين عمر الباحثة في علم النفس، أن العقلية التي تسعى باستمرار إلى تهميش النساء وتغييب حضورهن، تستخدم كأداة لتغطية الجرائم وتضليل الرأي العام "كباحثين نتحمل مسؤولية أخلاقية ومهنية تجاهها، لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام عقلية تسهم في استمرار العنف

ميهربان سلام

حلبجة ـ العقلية الذكورية لدى أصحاب السلطة، الذين يروجون دائماً لخطاب عنيف ضد النساء، تتجلى في أحدث سياساتهم التي تهدف إلى التهرب من القانون، من خلال التعتيم على إحصاءات قتل النساء، وذلك كي لا تكشف هذه الجرائم أو تُعرض أمام القضاء والقانون.

في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات الرسمية إلى مقتل نحو 50 امرأة سنوياً في إقليم كردستان، ترى منظمة النساء المستقلة أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير، حيث يُسجّل العديد من هذه الجرائم تحت مسميات مثل "الانتحار" أو "حادث".

وفي بيان لها أوضحت المنظمة أن السلطات تتعامل بلا مبالاة مع هذه القضايا، مشيرةً إلى أنه خلال الأسبوع الماضي فقط، قُتلت امرأتان في حلبجة، وامرأة في دربندخان، وأخرى في كفري، دون أن تُعلن تفاصيل جرائمهن حتى الآن.

وقعت جريمة قتل في ليلة السابع من أيلول/سبتمبر الجاري، على إثر اندلاع شجار بالسكاكين بين عائلتين في مدينة كفري، وأصيبت امرأة بجروح قاتلة وفارقت الحياة، وفي السادس من ذات الشهر، قُتلت امرأة وابنتها، في حي باخي ميري بمدينة حلبجة، وفي مساء الرابع من أيلول/سبتمبر، في مدينة دربندخان التابعة لمدينة السليمانية، أقدم رجل على مهاجمة زوجته وقتلها.

هذه الوقائع تعكس تصاعد العنف ضد النساء، وسط صمت رسمي وتعتيم إعلامي، ما يثير القلق بشأن مستقبل النساء في ظل غياب العدالة والمحاسبة.

هذه الإحصاءات تُجمع داخلياً ولا تُنشر، في حين أن وكالتنا تقوم شهرياً بجمع ونشر بيانات حول حالات قتل النساء في إقليم كردستان، إلا أن الجهات المعنية، تحت ذريعة تحسين الوضع، تمتنع الكشف عن هذه الأرقام ولا تعرضها على الرأي العام.

وفي هذا السياق، قالت شهين عمر، الباحثة في علم النفس، أن "الأسباب في الإقليم تعود إلى ارتفاع مستوى اللاوعي الفردي والمجتمعي، وهي أسباب لا تسمح لنا حتى باستخدام لغة الحوار لحل المشكلات، كذلك فإن غياب مراكز الإرشاد النفسي والأسري، وغياب المستشفيات النفسية في الإقليم بشكل عام، يجعل الأفراد والمجتمع غير قادرين على تلقي التوجيه والعلاج في وقت الأزمات".

 

"التستر المجتمعي على جرائم قتل النساء"

إن العديد من حالات قتل النساء والتستر عليها يتم إخفاؤها من قبل المجتمع، العشائر والعائلات، وذلك بسبب البُعد الاجتماعي لهذه القضايا، بحسب شهين عمر "تسهيل الإجراءات القانونية، إلى جانب الضغوط الاجتماعية وعدم الجدية في التعامل، يؤدي إلى شلل القانون وعدم قدرته على محاسبة القاتل".

وأوضحت أن "الجهات المعنية مطالبة باتخاذ إجراءات صارمة تجاه هذه الحالات، وتوسيع نطاق الخدمات النفسية والاجتماعية، كما يجب أن يكون المجتمع أكثر وعياً قبل اتخاذ أي قرارات، وأن يُوجَّه الأفراد لزيارة المراكز المختصة قبل أن تتفاقم الأمور، كما أن المنظمات المدنية والمجتمع المدني مطالبون ببذل جهود جدية وفعالة في رفع مستوى الوعي المجتمعي، حتى لا يبقى الأفراد، وخاصة النساء، ضحايا لهذه الجرائم".

 

"مسؤولين عن كل حالة انتحار"

وفيما يتعلق بما إذا كانت النساء يتواصلن لطلب المساعدة في حل مشكلاتهن، قالت شهين عمر في ختام حديثها "كباحثين في علم النفس والمجتمع، نعتبر أنفسنا مسؤولين عن كل حالة انتحار"، مضيفةً "لقد تمكنت النساء من التواصل معنا لحل مشكلاتهن، ورغم عدم توفر أماكن مخصصة لذلك، استطعنا من خلال المنظمات والشخصيات المعنية أن نساعد في معالجة بعض القضايا، لكن هذا لا يكفي، وهناك حاجة ماسة إلى عمل جاد ومنظم في هذا المجال".