'لن ننسى الفرمان ولن نتخلى عن شنكال'
قالت نوفه تيلو شاهدة على الفرمان الرابع والسبعين في شنكال "واجهنا الموت وهربنا للجبال بعد خيانة من كان يفترض أن يحمينا، أنقذنا مقاتلو الكريلا، ومن يومها قررنا ألا نعتمد إلا على أنفسنا، لن ننسى الفرمان، وسنحمي أرضنا بوعي وإرادة".

روناهي زردشت
شنكال ـ في الثالث من آب/أغسطس 2014، عند الساعة الثالثة فجراً، اجتاح مرتزقة داعش مدينة شنكال، في وقت كان يُفترض أن تحميها قوات الجيش العراقي وجيش حزب PDKلكن الحماية غابت، والخيانة حضرت، فاستيقظ الأطفال على أصوات الرصاص بدل الأحلام، وسقط البعض ضحية الموت، بينما فرّ آخرون إلى أحضان الجبال.
نوفه تيلو، من أهالي قرية كرزرك بشنكال، كانت شاهدة على ذلك اليوم الأسود الذي يُعرف بـ "الفرمان الرابع والسبعين"، حيث بدأت حديثها بنفس الحزن والألم اللذين خالجاها يوم حدوث الفرمان "كنا نعلم أن داعش دخل تلعفر ومحيطها، وفي ليلة الثالث من آب/أغسطس 2014 الساعة الثالثة فجراً، سُمع دوي إطلاق نار من قريتنا، توجه الرجال إلى نقطة التفتيش، واستمر القتال حتى الثامنة صباحاً، طلبت من زوجي أن نغادر، لكنه رفض، وعندما رأينا أن الجميع قد رحل، تبعناهم إلى الجبال".
مكثت نوفه تيلو مع عائلتها وآلاف الإيزيديين في جبال شنكال 18 يوماً، وسط ظروف قاسية من العطش والجوع، حتى وصل مقاتلو الكريلا الذين قدموا لهم الماء والطعام، وحملوا كبار السن العالقين في الوديان على أكتافهم، وفتحوا ممراً إنسانياً للنجاة وأنقذونا من الموت".
وروت مشاهد لا تنسى من تلك الأيام "رأينا الموت بأم أعيننا، رأينا الأطفال وكبار السن يموتون عطشاً، تشققت شفاه الأطفال من الجفاف، ولفظ كثيرون أنفاسهم الأخيرة، قد ننسى كل ذلك، لكن لا ننسى الفرمان"، مضيفةً أن ما حدث لم يكن مجرد هجوم، بل كان محاولة لقتل الأحلام واقتلاع الجذور، حيث حلّت عقلية الخيانة محل الرحمة، وجاء الموت ليحصد الأرواح البريئة.
وأضافت أنه "وفقاً للمعتقدات، يظهر عزرائيل لمن هم على شفير الموت، في لحظات السكرات الأخيرة، لكن في ذلك اليوم، لم يأتِ ليقبض الأرواح، بل جاء منتحلاً، ليجهز على الأحلام، ويغتال الآمال، ويقتلع جذور الحياة من أرضها، لم يكن عزرائيل وحده، بل حلّت مكانه عقول ملوثة، تحمل فكراً عدائياً لا يعرف للرحمة طريقاً، في ذلك اليوم، شاهدت كل الكائنات الحية الموت وجهاً لوجه، أما شنكال، فلم تستسلم له، بل واجهته بكل ما تبقى من كرامة".
وتحدثت نوفه تيلو بألم عن خيانة الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، الذي انسحب مقاتلوه وتركوا المدنيين في قبضة داعش، لكنها في المقابل تشيد بتضحيات مقاتلي الحرية "لقد أنقذونا من الموت، ولن ننسى خيانة من تركنا، ولن ننسى تضحيات من حملونا على أكتافهم".
بعد 19 يوماً من الفرار، توجهت نوفه تيلو وعائلتها إلى إقليم كردستان، حيث أقاموا لمدة 3 سنوات، قبل أن يعودوا إلى ديارهم في شنكال، وعن العودة قالت "علينا حماية أرضنا ومنع تكرار أي فرمان، لن نحمي أنفسنا فقط بالسلاح، بل سنقاتل من داخل بيوتنا، شهداؤنا في قلوبنا، وسنسير على دربهم دائماً".