"لن ننساكم وقلوبنا معكم"... أهالي لبنان يحيون الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت
في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيرت الذي أودى بحياة أكثر من 220 شخصاً وتسببت بإصابة الآلاف لا تزال المطالبات مستمرة بمحاسبة المسؤولين وسط تصاعد الغضب الشعبي من تأخر التحقيقات وعرقلتها.

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ "لن ننساكم وقلوبنا معكم" بهذه الكلمات عبرت المشاركات في المسيرة عن آلامهن من المأساة التي خلفها انفجار مرفأ بيروت، والذي حصد أرواح أكثر من 200 شخص، مشددات على ضرورة الكشف عن ملابسات الحادثة وتحقيق العدالة، لآن الكارثة بهذه الحجم تستوجب محاسبة حقيقية تحفظ حقوق الضحايا.
في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، والذي يعد أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث، خرج المئات من المواطنين أمس الاثنين الرابع من آب/أغسطس ضمن مسيرتين أحدهما من ساحة الشهداء في وسط العاصمة بيروت والأخرى من مركز الإطفاء في منطقة الكرنتينا في بيروت باتجاه تمثال المغترب قبالة موقع الانفجار.
وعلى الرغم من الوعود بالحصول على معلومات كافية خلال خمسة أيام حول قضية الانفجار لحوالي 2750 طناً من نيترات الأمونيوم أدت المماطلة والعقبات والعرقلات والمتاهات السياسية بوجه التحقيق إلى تأجيلات عدة وصولاً إلى خمس سنوات، وبالتالي إلى المزيد من المعاناة لأهل الضحايا الذين فاق عددهم 220 شخصاً بالإضافة إلى أكثر من 7 آلاف من الجرحى، وتدمير نصف العاصمة اللبنانية بيروت والتي قدرت تكاليفها بأكثر من 15 مليار دولار.
وأكدت الكلمات التي ألقيت على مطالبة الأهالي بالحقيقة والعدالة الكاملة، وسط عرض لأسماء الضحايا اللذين دعوا إلى إنصافهم بتحقيق العدالة في التحقيقات بشأن الانفجار.
وقالت الإعلامية بتول عبد الله خلال مشاركتها في المسيرة "كلبنانيين نحيي وللمرة الخامسة على التوالي، ذكرى الرابع من آب، تلك الفاجعة التي لم تهز الحجر فحسب بل هزّت البشر وزلزلت ضمائرنا، ومن بقي ضميره ساكناً تجاه هذا الانفجار فعليه أن يراجع ذاته، ما زلنا نعيش في ظل الأزمات التي تتوالى دون نهاية، ويبقى انفجار مرفأ بيروت جرحاً مفتوحاً في وجدان كل لبناني، أمنيتنا في الذكرى القادمة أن نكون هنا وقد كُشفت الحقيقة وهدأت قلوب ذوي الضحايا، نحن نحتاج إلى أن نشعر بأن في هذا البلد من يحمينا وأن هناك قضاءً وسلطة قضائية حقيقية تُنصف المظلومين".
"الحقيقة لم تظهر إلى الآن"
وبدورها قالت الناشطة السياسية والمرشحة السابقة للانتخابات النيابية رانيا باسيل "رغم مرور خمس سنوات على انفجار مرفأ بيروت، لا تزال هذه الذكرى الأليمة تنبض بالحزن في قلوبنا المحطّمة إذ لم تظهر الحقيقة بعد لا نعلم من أدخل نيترات الأمونيوم، ومن تسبّب بالانفجار، ومن أهمل، ومن استفاد، نريد الحقيقة وإذا أردنا فعلاً بناء دولة، فلا بد أن نستند إلى عدالة يُؤمن بها الناس، والعدالة لا تُبنى إلا بالكشف عن الحقائق في جريمة بهذا الحجم، انفجار أودى بحياة أكثر من 200 شخص وخلّف آلاف الجرحى وشرد الأهالي ودمّر نصف العاصمة وما زالت أصداؤه تتردد عالمياً، نقف اليوم وسنستمر حتى صدور القرار ومعرفة الحقيقة، فالمحاسبة هي أول حجر في أساس الدولة التي نريدها".
"نحن هنا لنطالب بالعدالة"
من جهتها قالت الناشطة السياسية والفنانة التشكيلية ندى صحناوي "نحن هنا من أجل أن نطالب بالعدالة، العدالة ليس فقط للضحايا وأهلهم وإنما لآلاف الجرحى وللآلاف ممن فقدوا منازلهم وأعمالهم، وللمئات ممن لا يزالون متضررين بأجسادهم وأرواحهم وهؤلاء ضحايا يتعذبون كل يوم، ونحن نطالب بالعدالة لكل هؤلاء الأشخاص، ولكل بيروت ولكل لبنان، لأنه لا يمكن بناء مؤسسات الدولة والعدالة بعد وهذا أمر تأسيسي لبناء الوطن".
وعبّرت عن عمق الألم الذي لا يُوصف أمام أم فقدت ابناً أو ابنة، أو أب خسر ولده، أو أخ أو أخت فقدا أحد أحبائهم، هذا ليس مجرد حزن بل هو جرح مفتوح يدوم مدى الحياة "نقول لهم لم ننساكم وقلوبنا معكم ما نحتاجه اليوم هو تحقيق العدالة وترسيخ الأمن والوصول إلى الحقيقة التي تُفضي إلى العدالة".
"لا تزال الذكرى مؤلمة"
وأكدت المخرجة الوثائقية والناشطة سولا سعد أن هذه الذكرى تخص كل اللبنانيين، سواء داخل الوطن أو في الخارج، فكيف بمن عاشوا لحظة الانفجار في بيروت؟ رغم مرور خمس سنوات، لا تزال الذكرى مؤلمة "كلنا تأثرنا وبالنظر إلى الأبنية المجاورة لموقع الانفجار تضررت قرابة 300 ألف شقة أي نحو 300 ألف شخص يعانون ظروفاً قاسية منذ تلك اللحظة، جئنا اليوم لنؤكد أن الصمت غير جائز فلا يمكن أن نتعامل مع ما حدث وكأنه لم يكن ونواصل حياتنا وكأن شيئاً لم يقع".
وعن أملها بتحقيق العدالة قالت "الأمل موجود بلا شك، فلا يمكن أن يمر حدث بهذا الحجم وهذه الخسائر دون كشف الحقيقة، الصمت لن يدوم وأنا أستمد قوتي من هذه الطاقة الجديدة التي نشهدها اليوم، نعم كنا مصدومين في البداية، لكن الآن حان وقت التحرك".
وأكدت "لو كانت المرأة شريكة فعلياً في الحكومات وفي صنع القرار لربما كنا تجنبنا الكثير مما حدث، الحوار هو قوتنا، وعلينا جميعاً أن نرفع صوتنا ونتحدث، لأن الصمت لا يصنع مستقبلاً ربما لم نكن لنصل إلى هذا المستوى من العنف لو كان هناك وعي أوسع ومشاركة أعمق، وأرى أن أولى مسؤولياتنا هي رفض الصمت والمشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات لا أن تُفرض علينا من دوننا، في نهاية المطاف المرأة هي من تتحمل الفقد دون أن تكون اتخذت قراراً بالحرب أو القتال، ومن هنا تنبع مسؤوليتها في الدفاع عن الحياة وفي رفض الصمت بكل قوة".