جائزة "زبيدة بشير"... اعتراف بإبداع الكاتبات التونسيات وتخليد لنضالات مشتركة

نظمت جائزة "زبيدة بشير" في دورتها الثلاثين بإشراف وزارة الأسرة والمرأة، وحضرتها أكاديميات ومثقفات، حيث أجمعن على أنها مكسب وطني لنساء تونس لتحفيزهن على البحث والابداع وتعزيز حضورهن في المجال الثقافي والفكري وإجراء الرصيد النسائي.

زهور المشرقي

تونس ـ أجمعت المشاركات في الدورة الثلاثين للجائزة الوطنية "زبيدة بشير" على أن الجائزة تُعد مكسباً وطنياً يُحفّز النساء التونسيات على الإبداع والبحث، ويثمن مساهماتهن في بناء المخيال الوطني، لأن لكتابة النسائية هي جزء من مخزون ثقافي شامل لها دور كبير في التنشئة والتوعية.

نظّم مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" أمس الأربعاء السادس من آب/أغسطس، الدورة الثلاثين للجائزة الوطنية "زبيدة بشير" للكتابات النسائية التونسية لعام 2024 وقد تم الإعلان عن أسماء الفائزات في الأصناف الخمسة للجائزة، فيما تم حجب جائزة البحث العلمي باللغة الفرنسية.

وحصلت على جائزة الابداع الأدبي باللغة العربية الكاتبة آمنة اليحياوي عن كتاب "أغشية تتمزق" وهي رواية فيما حصلت الروائية زبيدة الخالدي على جائزة الابداع الأدبي باللغة الفرنسية عن روايتها "J'ai oublié d'aimer" فيما كانت جائزة البحث العلمي باللغة العربية من نصيب حياة الرايس عن كتابها "الامهات العازبات: وصمة عار أم اختيار".

ونالت سمية المستيري جائزة البحث حول المرأة التونسية أو اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي عن كتابها Pour" un féminisme décentré,recadrer,résister" وآلت جائزة أحسن سيناريو لإيمان الغزواني عن سيناريو بعنوان "الاطفال يذهبون الى المقابر... أحيانا".

وتكريماً للراحلة زبيدة بشير ولأول مرة خلافاً للدورات السابقة قدم الكريديف 6 قصائد ملحنة للشاعرة الراحلة زبيدة بشير في عرض موسيقي متميز بعنوان حنين ومن غناء الفنانة وفاء غربال.

 

اعتراف بمجهود الكاتبات

وأكدت المديرة العامة "للكريديف" سنية بن جميع، أن الجائزة تمثل تكريماً لجهود الكاتبات التونسيات، حيث نالتها منذ انطلاقها عام 1995ما مجموعه 167 تونسية، وقد بدأت الجائزة في إطار تعاون بين "الكريديف" والمركز الثقافي الطاهر الحداد، حيث وُلدت فكرتها قبل أن تتطور لاحقًا تحت رعاية الكريديف "أن الجائزة كانت في بداياتها مخصصة للأعمال الأدبية من شعر ونثر، لكنها توسعت فيما بعد لتشمل ست فئات مختلفة، من بينها جائزة أفضل سيناريو".

وأشارت إلى أن رمزية الجائزة تتمثل في دعم النساء في المجال الثقافي واعتراف بقدراتهن في مجال الابداع الأدبي والعلمي، مضيفةً أنها تأتي أيضا في إطار الاحتفاء بيوم المرأة الوطني بتونس الذي تحتفل به التونسيات في الثالث عشر من آب/أغسطس من كل عام.

وأكدت أن رمزية الجائزة تكمن في إحياء ذكرى الرائدة زبيدة بشير، داعية الكاتبات إلى مواصلة اثراء المشهد الثقافي والمضامين السامية التي تساهم في تنشئة الأجيال وتكوين مخيال يعكس الهوية الوطنية وقدرتهن على الإبداع والبحث، معتبرةً أن الكتابة النسائية هي جزء من مخزون ثقافي شامل لها دور كبير في التنشئة والتوعية وإعادة الترويج لقيم وأفكار كتابات سامية يؤكد أنه يجب أن تكرس عبر الفعل الثقافي والنسائي.

 

 

"الجائزة علامة فارقة في مسيرتي الأدبية"

وعبرت آمنة اليحياوي، الفائزة بجائزة الإبداع الأدبي باللغة العربية عن سعادتها بهذا التتويج الذي يُعد الأول لها ككاتبة، وفي أول مشاركة لها على المستوى الوطني والإقليمي "من الجميل أن يُعترف بقدرتي على التعبير، وأن تصل كلماتي إلى الآخرين، أشعر بالفخر لأن اسمي ارتبط بجائزة تحمل اسم الكاتبة الكبيرة زبيدة بشير، وهو ما يمثل علامة فارقة في مسيرتي الأدبية".

وعن روايتها أوضحت أنها كتبتها خلال فترة الحجر الصحي في ظل جائحة كورونا "تلك المرحلة التي عايشنا فيها مشاعر الخوف والقلق، وتملّكتنا تساؤلات وجودية ماذا ستغيّر فينا هذه التجربة؟ من سيرحل؟ ومن سنودع؟ كانت هذه التجربة المؤلمة حاضرة بقوة في الرواية، وشكّلت جزءاً جوهرياً من مضمونها".

وقالت إن الرواية تحمل جانباً من السيرة الذاتية، وتنقل مجموعة من القصص التي تسلط الضوء على تجارب أسر مختلفة خلال فترة الحجر الصحي، وما رافقها من هواجس وظروف خاصة، تحتوي الرواية على يوميات تلك المرحلة، لكنها تتجاوزها لاحقاً لتتناول التحولات التي طرأت على تصورات الأسر وعلى علاقاتها وروابطها وعلى الكثير من الأمور التي تمس المستقبل".

 

 

"دعم معنوي لي"

أما حياة الرايس الفائزة عن كتابها "الأمهات العازبات: وصمة عار أم اختيار؟"، فقد أكدت على أهمية هذا التتويج بالنسبة لها، خاصةً لارتباطه باسم زبيدة بشير الشاعرة الرائدة في الشعر النسائي التونسي، بما يحمله ذلك من رمزية وتخليد لمسيرتها"، مشيرةً إلى أن حصولها على الجائزة من قبل الكريديف، هذه المؤسسة العريقة المعنية بالبحث والإبداع النسائي، يُعد دعماً معنوياً كبيراً يعزز من قيمة العمل ويمنحه بعداً أعمق.

وأوضحت أن كتابها يتناول قضية غالباً ما تُطرح في المجتمع كفضيحة أو وصمة، وتُعامل بصمت وتجاهل، وهي معاناة الأمهات العازبات اللواتي تعشن في الخفاء خوفاً من نظرة المجتمع والعائلة، معتبرة أن هذا الصمت يمثل شكلاً من أشكال العنف النفسي ضد هذه الفئة من النساء، اللواتي تجدن أنفسهن أمام إدانة مجتمعية قاسية.

 وأكدت أن الأم العازبة لم تُنجب الطفل بمفردها، بل هناك شريك يتحمل جزءاً من المسؤولية، إلا أن المجتمع الذكوري غالباً ما يتجاهل هذه الحقيقة، ولا يرى فيها سبيلاً للإنصاف، لافتةَ إلى أنها تناولت في كتابها مظاهر العنف، والإقصاء، والتهميش الذي تعاني منه الأمهات العازبات "أن هذه الممارسات تمثل أقسى درجات العنف المجتمعي، ما يستدعي مواجهتها بكل الوسائل، وعلى رأسها الكتابة.

وأضافت أنها سعت من خلال هذا العمل إلى تسليط الضوء على قضية حساسة، ومعالجتها بوعي وجرأة، بهدف إثارة الاهتمام بها، وإنصاف هؤلاء النساء واحتضانهن كضحايا لا كمذنبات.

 

 

"كانت الكلمة النسائية محجوزة"

أما الروائية زبيدة الخالدي، الحائزة على جائزة الإبداع الأدبي باللغة الفرنسية عن روايتها J'ai oublié d'aimer، فقد أكدت أن هذه الجائزة منحت الكاتبات فرصة حقيقية لإبراز قدراتهن ومساهماتهن الفكرية في قضايا الوطن والمرأة "مثل هذه الفرص لم تكن متاحة في السابق، حيث كانت الكلمة النسائية محجوزة وممنوعة لكن اليوم أصبح الحلم واقعاً، والكلمة أداة للتعبير والتغيير"، مضيفةً أن اليوم سلاح القلم "بايادينا، وبإمكاننا الكتابة في كل القضايا، كنساء اليوم نكتب ونعبر ونقاوم وسعيدات أنه بإمكاننا الحديث والتعبير".