دعوة للسلام في وجه سياسات الهيمنة والتجويع في غزة
أكدت خناف خليل، عضوة مؤتمر ستار، أن ما تشهده غزة من مجاعة يُعد انتهاكاً صارخاً لكافة المبادئ والمعايير الإنسانية، مشيرةً إلى أن دعوة القائد أوجلان تمثل نهجاً يمكن أن يسهم في التوصل إلى حل عادل ومستدام لقضية غزة أيضاً.

برجم جودي
كوباني ـ لا تزال غزة تنزف تحت وطأة الجوع والقصف، وسط استمرار الهجمات الإسرائيلية العنيفة التي حولت حياة المدنيين إلى مأساة يومية، فمنذ اندلاع الحرب عام 2023، يعيش سكان القطاع ظروف لا تُحتمل، حيث أعلنت وزارة الصحة أن أكثر من 60 ألف شخص فقدوا حياتهم، فيما تجاوز عدد المصابين أكثر من 100 ألف، معظمهم من النساء والأطفال.
في ظل الواقع المرير الذي تعيشه غزة، أطلقت العديد من المؤسسات الإنسانية تحذيرات عاجلة بشأن تفاقم أزمة الجوع، مؤكدين أن غزة تقف على حافة كارثة غير مسبوقة في القرن الحادي والعشرين، وإن ما يحدث هناك ليس مجرد أزمة، بل انهيار كامل للكرامة الإنسانية، يستدعي تحركاً عالمياً عاجلاً لإنقاذ ما تبقى من الحياة في هذا المكان المنكوب.
وفي هذا السياق قيمت خناف خليل مديرة لجنة الصحة في مؤتمر ستار في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا الوضع في غزة، لافتةً إلى أن هذه العملية هي إحدى نتائج حرب الهيمنة.
"يُدمر المجتمع في حرب الهيمنة"
سلّطت خناف خليل الضوء على السياسات التي تنتهجها القوى المهيمنة وتدخلها العميق في المجتمعات، مشيرةً إلى أن ما نشهده اليوم من أزمات وصراعات متفاقمة يعكس واقع حرب عالمية ثالثة غير معلنة، تتصاعد وتتشكل بأشكال متعددة.
وأوضحت أن هذه القوى، بدافع مصالحها الضيقة وسعيها الدائم للسيطرة، تخلق أزمات إنسانية واقتصادية وثقافية خانقة داخل المجتمعات، وتستخدم أدوات القمع والتجويع والتدمير كوسائل لترسيخ هيمنتها واستمرار حكمها.
وأضافت أن الشعوب تُدفع قسراً إلى الانشغال بتأمين لقمة العيش ومواجهة ظروف البؤس، بدلاً من التركيز على قضاياهم المصيرية ومطالبهم العادلة، فالصراعات التي تُفتعل ليست سوى وسيلة لإشغال الأهالي عن جوهر حقوقهم، وإبقائهم في دوامة من المعاناة اليومية.
وتطرقت إلى الوضع المأساوي في غزة، حيث قالت إن العديد من الدول والشعوب تكبّدت خسائر جسيمة خلال هذه المرحلة الحرجة من التاريخ، لكن غزة اليوم تعيش معاناة تفوق الوصف، وتدخل مرحلة من الألم لم يشهدها العالم من قبل، حيث أن آلاف المدنيين يواجهون الجوع يوماً بعد يوم، بينما يُقتل المئات من الأطفال والنساء والشباب والرجال تحت وطأة القصف والحرمان.
وأضافت بأسى "من المؤلم أن نعيش في القرن الحادي والعشرين، ونتحدث عن السلام والاستقرار والمساواة والحرية، بينما لا تزال شعوب تُقتل وتُجوّع عمداً كجزء من سياسات ممنهجة، فاستمرار الجوع في هذا العصر ليس مجرد فشل أخلاقي، بل جريمة بحق الإنسانية كلها".
"لا وقف إطلاق النار ينجح ولا المساعدات تصل"
وأشارت خناف خليل إلى أن غزة تعيش اليوم تحت حصار خانق، يترافق مع هجمات يومية مكثفة تحصد أرواح المدنيين بلا توقف، وأن القوى المهيمنة لم تعد تلتزم بالمعايير والمبادئ الإنسانية، بل تنتهكها بشكل صارخ، بينما يخيّم الصمت على المجتمع الدولي.
وأكدت أن الحديث عن قوانين واتفاقيات حماية حقوق الإنسان يبدو فارغاً في ظل هذا الواقع، رغم أن تلك القوانين تستند في جوهرها إلى قيم أخلاقية وضميرية يفترض أن تُحترم.
وأوضحت أن هناك محاولات من بعض الدول لكسر الحصار المفروض على غزة وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، إلا أن هذه الجهود لم تُثمر حتى الآن، فلا وقف إطلاق النار يُنفذ، ولا المساعدات تصل إلى من هم بأمسّ الحاجة إليها.
"غزة ليست وحدها فسياسة التجويع والتهجير تمتد عبر القارات"
وأكدت خناف خليل أن ما يجري في غزة ليس حالة استثنائية، بل جزء من سياسة ممنهجة تطال العديد من المناطق حول العالم "ما يحدث في غزة يسلّط الضوء مجدداً على حقيقة مؤلمة، هي أن الشعوب باتت ضحايا لصراعات القوى المهيمنة، حيث يُقتل الفلسطينيون جوعاً وعطشاً نتيجة حرب لا تهدف إلا إلى ترسيخ النفوذ والسيطرة".
وأضافت أن هناك أمثلة عديدة مشابهة، فالقارة الإفريقية تعاني اليوم من الفقر والجوع، وسوريا تشهد أحداثاً مأساوية مستمرة، وكلها تعكس نفس نمط من التدمير الممنهج.
وأوضحت أن هذه الصراعات، سواء بين القوى العالمية أو بين القوى الداخلية، تؤدي إلى تفكيك المجتمعات بوسائل متعددة، فمن المجازر والتهجير القسري، إلى التجويع ونشر الأمراض، في محاولة لإعادة رسم الخرائط الجغرافية والسياسية على حساب حياة الإنسان وكرامته.
"رؤية القائد أوجلان لحل النزاعات العالمية"
وشددت خناف خليل على أهمية دعوة القائد عبد الله أوجلان إلى السلام وبناء مجتمع ديمقراطي، معتبرةً أن هذه الدعوة تمثل رؤية شاملة لحل الأزمات التي تعصف بالعالم "في كثير من الأحيان، تُطرح تصريحات أو مواقف فردية تبدو معزولة، لكنها في الحقيقة تنبع من مشروع سياسي متكامل، لو كانت هناك إرادة حقيقية لتطبيق هذا النهج، لكان الوضع في غزة قد وجد طريقه إلى الحل منذ زمن، ما يحدث اليوم يتطلب تحركاً عاجلاً، فغياب الإجراءات الملموسة لا يهدد غزة وحدها، بل ينذر بامتداد المأساة إلى دول ومجتمعات أخرى".
وأضافت أن العالم لا يمكن أن يُبنى على أسس من القمع والتجويع والدمار، بل يحتاج إلى رؤية إنسانية تُعلي من شأن التعايش والعدالة، مؤكدةً على أن القوى المهيمنة تواصل تحركاتها لتفكيك المجتمعات، بينما تظل دعوة القائد أوجلان للسلام والديمقراطية بمثابة العلاج الحقيقي والمفتاح لحل النزاعات المتفاقمة.
وفي ختام حديثها أكدت خناف خليل "نؤمن بأن شعوب العالم ستقف إلى جانب هذه الدعوة، وستسعى لتجسيدها على أرض الواقع، وإذا تحقق ذلك، فسنتمكن من بناء عالم يعيش فيه الجميع بأمان، حيث تُحترم الهويات، وتُصان الكرامات، وتُزهر التعددية بكل ألوانها".