'الذكورية ليست إلا شكلاً من أشكال الإمبريالية تمارس على النساء'
طالبت لجنة حقوق المرأة اللبنانية بتكثيف الجهود للقضاء على الثقافة التسلطية القائمة على العنف والغلبة والقهر التي لا تزال تتحكم في المجتمع.
مركز الأخبار ـ أصدرت رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية عائدة نصر الله، بيان غضب ضد جريمة القتل التي ارتكبت بحق الإعلامية عبير رحال التي أصبحت رقماً يضاف إلى القائمة اللامتناهية للنساء اللواتي سقطن ضحايا للغطرسة الذكورية التي تبرر العنف ضد النساء وتستبيح قتلهن.
جاء في البيان الذي صدر أمس الاثنين 30 كانون الأول/ديسمبر، "لا لثقافة الغلبة والقهر، لا للعنف ضد المرأة، لا لقتل النساء، نعم لتعميم ثقافة المساواة المستندة إلى العدالة والمساواة في المواطنة وحقوق الإنسان، لقد قتلت الإعلامية الشابة عبير رحال على يد زوجها خليل مسعود الذي انتحر في اللحظة التي تلت ارتكابه جريمته النكراء في المحكمة الشرعية في بلدة شحيم في قضاء الشوف".
وأشار البيان إلى أن "عبير رحال" أصبحت رقماً أضيف إلى القائمة اللامتناهية للنساء اللواتي سقطن في لبنان ويسقطن يومياً أو يغتصبن في المنطقة والعالم "سقطن ويسقطن ضحايا غطرسة ذكورية مرضية فارغة تبرر العنف ضد النساء وتبيح قتلهن ببساطة! فالذكورية بهذا المعنى، ليست إلا شكلاً من أشكال الإمبريالية يمارس على النساء".
وأضاف البيان "نحن لجنة حقوق المرأة اللبنانية جمعية نسائية جماهيرية ديمقراطية علمانية تأسست عام 1947، أهدافها الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الطفل في المدينة والريف، والدفاع عن استقلال لبنان ووحدته وحريته وسيادته، نحن لسنا مع النساء بمعنى أننا ضد الرجال كرجال، إنما نحن ضد الذهنيات العتيقة والقوانين التي تظلم المرأة وتقلل من قيمتها وتجعلها في مرتبة دونية وتميز بينها وبين الرجل في كثير من القوانين القائمة كما في الممارسة".
وتابع البيان "هدفنا الإمساك بيد المرأة لرفعها وتحريرها من سجون الأعراف والتقاليد وإخراجها إلى الضياء والفضاء ومساواتها بالرجل في المواطنة حقوقاً وواجبات، باعتبار هذه الحقوق جزءاً من حقوق الإنسان، سيما وقد ثبت أن المرأة مثلها مثل الرجل لها قدرات وأفعال، وليس من اختلاف بينهما إلا في بعض الخصائص البيولوجية، المرأة، هي التي يجب دعمها والأخذ بيدها في معركتها ضد أعراف وتقاليد وقوانين لفظها الزمن المعاصر بعد التغييرات العميقة التي حصلت فأبرزت الإمكانات الهائلة التي تختزنها النساء على جميع الصعد والتي تكشفت بعد أن فتحت أمام المرأة أبواب العلم والعمل".
وأكد البيان على أنه لابد من العمل على مسألة العنف الممارس على النساء والفتيات، لافتاً إلى أن الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، فتحت في مقرها مركزاً لاستقبال المعنفات والاستماع إليهن وتوجيههن إلى المراجع الحقوقية أو الاجتماعية والنفسية، كون كل ما تتعرض له المرأة من ظلم وتمييز أو عنف، هو في صلب عمل اللجنة.
ولفت البيان إلى أن عبير رحال كانت قد تواصلت مع رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية عائده نصر الله، في الثالث عشر من كانون الأول/ديسمبر الجاري، لتحديد موعد للاستماع إلى مشكلة خاصة بها، والتوصل إلى سبل الحل، وأخبرتها أنها تتعرض للعنف والضرب والتعدي من قبل زوجها خليل مسعود، وأنها قدمت منذ أربعة أشهر العديد من الشكاوى إلى مخفر قوى الأمن الداخلي في بلدة شحيم، وكذلك تقدمت بطلب الطلاق من زوجها في المحكمة الشرعية في شحيم.
ونوه البيان إلى أن "الجاني خليل مسعود كان قد رفض الطلاق، لتؤكد عبير رحال فيما بعد أنه قد وافق على الطلب والمثول أمام المحكمة، إلا أنه أقدم على قتلها داخل المحكمة الشرعية، لينهي حياته كذلك، بعد أن لجأ إلى التحايل والكذب ليرتكب جريمته على مرأى من الجميع تاركاً وراءه "فيديو" كان قد أعده بدم بارد، مشهراً بأسماء رجال حقوقيين وشخصيات أمنية وإعلامية واجتماعية مرموقة".
وقالت عائدة نصر الله خلال البيان "أنت أيها الشاب القاتل لزوجته الشابة ولنفسه، أنا آسفة، وحزينة عليكما معاً، أما حزني عليك فنابع من قناعة لدي بأنك لست قاتلاً فقط، بل أنت قاتل وضحية في الوقت نفسه؛ أنت ضحية ثقافة "تسلطية" قائمة على العنف والغلبة والقهر لا تزال تحكم المجتمع؛ لكنك قاتل بجميع الحالات لأنك حكمت على زوجتك بالموت، ثم نفذت الحكم بهدوء وبرودة أعصاب معاقبةً لها لتمردها على ظلمك ولطلب الطلاق منك، إذ ليس من شأنك أنت أن تعاقب، ولا من حقك أن تحل محل القانون".
وأضاف البيان "لدينا قوانين في لبنان لها رجالها ونساؤها الحقوقيون، وإني لأكتفي بأن أحيلك إلى هذه القوانين المرعية الإجراء حالياً، مع تحفظي أو عدم قناعتي بعدالة العديد منها، ولكن أخبرك وأمثالك أن العمل جار لجعلها أكثر عدالة، جار ومستمر وسيبقى مستمراً؛ إذ أن القوانين هي بنى فوقية تنظم العلاقات بين الناس أفراداً وجماعات، وهي "متغيرة بتغير الأزمان" كما بحركة التطور الطبيعي والمعرفي".