ما بين النكبة الحديثة والقديمة... كيف أصبحت أحوال الفلسطينيات؟

تتعلق النكبة القديمة بنزوح الفلسطينيين عن أراضيهم في عام 1948، بينما النكبة الجديدة ترتبط بالوضع المستدام من الأزمات الإنسانية والظروف المعيشية الصعبة في قطاع غزة.

رفيف اسليم

غزة ـ عاشت النساء الفلسطينيات في قطاع غزة خلال حرب 2023 ـ 2025 ظروف إنسانية مأساوية للغاية، وذكريات لن تمحى، فما بين النكبتين القديمة والجديدة كيف أصبحت أحوال النساء، وما هي رسالة المرأة الفلسطينية التي أنهكها النزوح، والجوع، والتشريد، والقتل الممنهج.

سوسن أبو عيادة تقول إن هناك قاسم مشترك ما بين نكبة عام 1948 وحرب الإبادة الحالية التي يعشيها سكان قطاع غزة على الرغم من الفارق الزمني الكبير، لافتة إلى أنها حتى في أحلامها لم تكن تتوقع إعادة تلك الأحداث خاصة بعد إنشاء الهيئات والمحاكم الدولية لحفظ حقوق الإنسان، والتطور الإعلامي الكبير الذي أتاح للأفراد نقل الحدث بالصورة والصوت.

 

القاسم المشترك بين نكبة عام 1948 وحرب الإبادة الفلسطينة

وأضافت أنها لطالما سمعت عن النكبة الفلسطينية، لكن عندما عاشت تفاصيلها لم تكن تتخيليها بتلك القسوة، فمن النزوح للخيمة جمعيها تفاصيل لا يمكن لأي امرأة أن تعي ما هي دون عيشها، مشيرة إلى أن النساء والفتيات قبل الحرب كن يعشن حياة مرفهة في بيوت تتوافر داخلها كافة وسائل الراحة، لكن خلال الحرب عرفن معنى الشقاء وضراوة العيش.

ولفتت إلى أن تلك الضغوطات جعلت المرأة الفلسطينية، دوماً منهارة عصبياً ونفسياً، تستفيق مع شروق الشمس وحتى غروبها وهي تعمل، فاقدة بالكامل الحياة التي كانت تعيشها ليلاً من زيارات وترفيه عن النفس حتى النوم الهادئ أصبح حلم، متمنية انتهاء تلك النكبة عما قريب والخلاص من ذلك الكابوس.

وأشارت إلى أنه لا يمكن للمرأة نسيان الخيمة والنزوح، خاصة أنها اقترنت بحياة صعبة وشاقة جسدياً ونفسياً وكانت مغلفة بالفقد، فقد الأحبة ومنزلها الذي تعتبره وطنها الصغير وحياتها وأمانها، مؤكدة أنها اشتاقت لتفاصيل بيتها الصغيرة، ولما جمعته داخله على مدار عدة سنوات ليضحي الآن عبارة عن ركام ورمال لا ملابس لا أثاث، لا مكان تذهب إليه عندما تشعر بالتعب وتريد الحصول على بعض الراحة.

 

 

فلسطين تصرخ ألماً

بينما ترى ياسمين العبسي، أنه لا حاجة لتصف النساء الفلسطينيات ما يعانين منه كون كل شيء واضح للعيان وينقل بالصوت والصورة على مدى سنة ونصف، فالمرأة الطبيبة والصحفية والمعلمة اليوم تسكن في خيمة بالكاد تستطيع توفير احتياجاتها وتقف في طوابير منتظمة للماء والطعام، ولجلب الحطب وإشعال النار.

أما عن النكبة الجديدة لم تكن ياسمين العبسي، تتوقع أن تنزح لمدة عام ونصف في الجنوب ظناً منها أنها ستذهب زائرة للمغازي وسط قطاع غزة لدى شقيقتها وستعود بعد أسبوعين على الأكثر لبيتها، لكنها عادت لم تجد شيء، فقد اختفت مدينتها التي تعرفها وبيتها وحل بدلاً منها المخيمات ببؤسها.

وبينت أن ما ساعد على خلق تلك الكارثة الإنسانية والعمرانية هي الإمكانيات التي لدى القوات الإسرائيلية سواء من قدرات استخباراتية قائمة على الذكاء الاصطناعي وما تلاها من مجازر بحق أبرياء دون التأكد من المعلومات، أو أطنان المتفجرات التي أسقطت على 365 كيلو مربع فقط بدعم من دول العالم الكبرى، بينما خلال نكبة 48 لم يكن هناك سوى الرصاص والمدفع وبعض التقنيات التي تعتبر بدائية بالوقت الحالي.

 

"المرأة الفلسطينية قدوة في الصبر"

وأوضحت أن المرأة الفلسطينية قدوة في الصبر، فقد أصبحت محاربة اليوم في جميع مجالات الحياة لتنجو بعائلتها، لافتة إلى أنه لا يمكن للمرأة نسيان ألم الخيمة والفقد إلا إذا ما فتح لها مجالات جديدة للعمل والحياة كون عمل المرأة والفتاة هو أمانها في توفير حياة كريمة لها بعيداً عن المساعدات الإنسانية.

وتتمنى ياسمين العبسي، أن تساندهن نساء العالم بالمظاهرات والفعاليات المختلفة ويتحدثن عن قصص من يقتلن خلال الفعاليات والمؤتمرات، وكذلك في وسائل الإعلام التي تترجم موادها بأكثر من لغة سواء خلال النكبة القديمة أو الحديثة، فهذا حق النساء لذا على النساء نقل صوتهن وآلامهن ومعاناتهن، خاصة الفقيدات منهن.