لأول مرة في الانتخابات البلدية بلبنان لائحة يغلب عليها العنصر النسوي

تضم إحدى اللوائح المتنافسة في العاصمة اللبنانية بيروت نساء أكثر من الرجال، بينما برز الحضور النسائي في لوائح أخرى، كما وتترأس امرأة إحدى اللوائح، في مشهد يعكس رغبة النساء في العمل التنموي عبر الوصول إلى مراكز صنع القرار.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تنطلق المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية في عاصمة لبنان بيروت توازياً مع مدينة البقاع وبعلبك الهرمل يوم الأحد 18 أيار/مايو الجاري، وتعتبر هذه الانتخابات مفصلية لترسيخها مبدأ التغيير في ظل الواقع المتأزم للمناطق المختلفة بعد حرب ضروس وأزمة اقتصادية خانقة، ما يرشح أن تحمل مفاجآت تعكس المزاج المتقلب للناخبين.

تستقطب الانتخابات البلدية في بيروت الأنظار، وفي سابقة ولأول مرة بتاريخ العاصمة اللبنانية بيروت، حيث تضم إحدى الخمس لوائح المنافسة للبلدية لائحة مكتملة مكونة من 13 مرشحة من أصل 24، فضلاً عن نساء في اللوائح الأخرى، إحداها رئيسة للائحة وأخرى نائبة للرئيس، ما يعكس اتجاه النساء للقيام بالدور التنموي المحلي البناء، عبر الوصول إلى مراكز صنع القرار وإبراز رؤيتهن المميزة للنهوض بالعاصمة التي شهدت أزمات متعددة وأهمها الأزمة الاقتصادية والهجمات الإسرائيلية الأخيرة وسابقاً جائحة كورونا.

وقد بلغ عدد المقترعين في بيروت خلال العام الماضي حوالي 512 ألفاً منها 245 ألفاً من الرجال، بينما النساء حوالي 267 ألف، بينما بلغ عدد المقترعين في الهرمل حوالي 59 ألفاً، منهم حوالي 28 ألفاً من الرجال و30 ألفاً من النساء، وفي بعلبك حوالي 294 ألفاً، منهم 144 ألفاً من الرجال و150 ألفاً من النساء، وفي البقاع الغربي 194 ألفاً بينهم 52 ألفاً من الرجال و52 ألفاً من النساء، وفي راشيا 53 ألفاً تساوى فيها الرجال والنساء بحوالي 26500، ما يظهر أن الصوت النسوي قد يكون عاملاً في تغيير الناتج الانتخابي من جهة، وعلى شرط أن يتغير "المزاج الشعبي" لدى المقترعين بمقاطعة الانتخابات وخصوصاً في بيروت من جهة ثانية، حيث لم تتجاوز نسبة الاقتراع فيها في عام 2016 الـ 24 بالمئة.

ولعل أبرز ما يميز المعركة الانتخابية في بيروت هو بروز خمس لوائح تتنافس على مقاعد المجلس البلدي الـ 24، وهذه اللوائح هي "بيروت تجمعنا"، "بيروت بتحبك"، "ائتلاف بيروت مدينتي 2025"، "مواطنون ومواطنات في بيروت"، "بيروت عاصمتنا"، بالإضافة إلى عدد كبير من المستقلين.

 

"هدفنا تحقيق نهضة بيروت"

وفي هذا المجال، قالت سارة محمود وهي ناشطة سياسية واجتماعية من "ائتلاف بيروت مدينتي 2025" إن "لائحة ائتلاف بيروت مدينتي للانتخابات البلدية في بيروت هي مزيج من ناس تشبهني، ونحن التقينا في برنامج يهدف إلى تحقيق نهضة بيروت، خصوصاً وأن بيروت اليوم هي مدينة منكوبة، ونحن كنا دائماً على الأرض، وحتى الزملاء على اللائحة هم من الأشخاص الناشطين، وفي كل الأزمات التي مر بها البلد، من انفجار المرفأ إلى كورونا والهجمات الإسرائيلية الأخيرة، كنا نحن متواجدين لمساعدة أهالي بيروت، كانت لدينا مبادرة تحت عنوان "ساعد"، وقد ساعدنا نحو ثلاثة عشر مدرسة، وكذلك ساعدنا أهل بيروت الذين استقبلوا في بيوتهم النازحين".

وأضافت "نحن كنا دائماً بالقرب من الناس، نحمل همومهم وهم بيروت، ولذلك نحن اليوم قررنا العمل لنكون في صلب القرار، ولذلك قررت أن أخوض معركة البلدية على لائحة ائتلاف بيروت مدينتي".

 

"سأكون صوت الجميع"

بدورها قالت آمال الشريف وهي ضمن لائحة "ائتلاف بيروت مدينتي 2025" وناشطة سياسية واجتماعية من ذوات الاحتياجات الخاصة "ترشحت للانتخابات البلدية لأنني على دراية بوضع الأهالي في المدينة، إن كانوا ناخبين أو غير ناخبين، من كبار سن وعائلات وحتى من أشخاص ذوي إعاقة، جميعهم يعانون، والمعاناة لا تنتج فقط عن انقطاع الكهرباء، المعاناة متراكمة بسبب تردي الخدمات وخصوصاً على صعيد البنية التحتية، فقد حصلت حوادث سير مؤسفة بسبب الأرصفة التي لا تستوفي الشروط والمعايير الموحدة، ويفترض أن تكون هناك مراعاة لاحتياجاتهم، فهم جزء أساسي من مكونات المدينة، وهم يشكلون نحو 35 بالمئة من السكان، لذلك أشدد على موضوع تأمين الخدمات لهذه المجموعة والفئة المهمشة في المدينة".

وأضافت "بالنسبة لي كنت مترددة جداً للترشح، ولكن عندما أدركتُ أنني سأكون صوت الكثير من الناس، تراجعت عن قرار الانكفاء عن الترشح" لافتةً إلى أنه "واحدة من العوائق التي واجهتني، هو أن المكان الذي سأحصل من خلاله على الأوراق الرسمية حيث كان هناك درج، ولكن كانت هناك تسهيلات بعد أن تواصلت مع شخص وأمن لي الأوراق إلى سيارتي، ولكن يبقى التحدي يوم الاقتراع، وبعد الانتخابات سيكون هناك فرز الأصوات لا أعلم إذا كان بمقدوري البقاء طول هذه الفترة".

 

"المرأة قادرة على العطاء والنضال"

من جانبها قالت المربية في مؤسسة عامل والمرشحة من ضمن لائحة "ائتلاف بيروت مدينتي 2025" غنى القاسم "تركت المدرسة في سن مبكرة لمساعدة عائلتي، ثم تزوجت في عمر صغير أيضاً. بعد ذلك، عدت إلى الدراسة وأنهيت الشهادة المتوسطة، ثم تابعت دراستي في مجال التربية الحضانية. حالياً، أنا في السنة الأولى من تخصص علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية، وبسبب العمل بعمر صغير ذلك ساعدني على فهم الناس وتعلمت الكثير في تلك المرحلة حيث كنت أعمل في أحياء بسيطة، مما أتاح لي فرصة الاستماع إلى احتياجات الناس والتعرف عليها".

وأضافت "اخترت أن أكون جزءاً من هذه التجربة، وأن أساند كل امرأة كافحت وترغب في النضال والمشاركة في المجتمع، خاصة في ظل الظروف التي تضيق على المرأة. عندما انطلقت الثورة، انضممت إليها لأن لدي مطالب وحقوق، مثل منح الجنسية اللبنانية لأبنائي، كما قررت التطوع في الدفاع المدني، ولم أسمح لكوني امرأة أن يعيقني عن ذلك. على العكس، كنت دائماً أؤمن بأن المرأة قادرة على العطاء والنضال".

ولفتت إلى أنها اليوم مرشحة لعضوية مجلس بلدية بيروت لتتمكن من التغيير "في المرحلة الأولى عندما تطوعت في الدفاع المدني كنت أواكب حوادث السير، كنت أسمع الناس تقول مثلاً لو هذا الحجر لم يكن موجوداً لما قضى هذا الشخص، وأصبحت أتساءل ما سبب وجود الحجر في الطريق ومن المسؤول، وأقصد هنا بلدية بيروت، وعندما تكون هناك بناية مهددة بالسقوط في منطقة البسطة فالبلدية هي المسؤولة، لذلك قررت أن أخوض هذه التجربة لأساعد الناس من داخل بلدية بيروت".

 

"ولاءنا يجب أن يكون لبناء الدولة والمؤسسات وليس للأحزاب"

من جهتها، قالت ناهدة خليل المرشحة السابقة للانتخابات النيابية وعضوة فاعلة في "بيروت مدينتي" منذ نشوئها في عام 2015 "لائحة ائتلاف بيروت مدينتي لائحة متجانسة وليست اجتماع للأضداد كما أعتدنا عليها منذ الحرب الأهلية وحتى الآن، يتفقوا على خوض الانتخابات معاً، وعندما ينجحون لا يقومون بأي عمل للمدينة، وهو ما أوصلنا لمدينة متدهورة بيئياً واقتصادياً وخدماتياً وعلى كافة الأصعدة، ومتشرذمة، فعلينا أن نأخذ عبرة، فإلى أين ولمن ولاءنا؟ يجب أن يكون ولاءنا لبناء دولة مؤسسات سواء محلية أو مركزية، فالتجانس يمثل هذه اللائحة وتجسد للتنوع، ومنها الجندري، فضلاً عن التوازن لا بل المناصفة زائد واحد بوجود 13 امرأة و11 رجلاً، والتنوع في الفئات العمرية مع التركيز على فئة الشباب، وعلى الخبرات، ولدينا إحدى أصغر المرشحات بعمر 27 عاماً، وهناك مختصون في البيئة والانبعاثات، وفي التنظيم المدني والهندسة، ورئيس اللائحة اختصاصه النقل والتنقل ومنخرط بالشأن العام وحاجات المدينة، وهناك خمسة محامين، ومختص بالتدقيق الجنائي للوصول إلى الفساد وخصوصاً بما يتعلق بالأمور المالية، وكذلك انفجار مرفأ بيروت".

ودعت جميع أهالي بيروت نساء ورجالاً، أن يفكروا بمصلحة المدينة ومصلحة أبنائهم وبناتهم "يجب أن تتجهوا لانتخاب الناس الكفؤة واللائحة المنسجمة والمجتمعة على البرنامج وتطبيقه وعلى القيم والمبادئ والتي تمثل كل المناطق الإدارية والفئات الاجتماعية في بيروت، فليس علينا العودة إلى الأشخاص الذين تجمعهم الكراسي فقط، والوصول إلى السلطة، وأن يكون ولاءنا لبناء الدولة والمؤسسات وليس للأحزاب، ولنقرر العمل على بناء العاصمة وتعافيها، والمشاركة في عملية النهوض".