وسط تجاهل المؤسسات الأممية والحقوقية... نساء غزة تواجهن الحرب وحدهن
في ظل استمرار الحرب على غزة، تكشف شهادات مؤلمة حجم الإهمال الدولي تجاه النساء والأطفال، وسط حصار خانق ومعاناة يومية، حيث تغيب الإنسانية وتُترك الفئات الأضعف لمصير مجهول.

رفيف اسليم
غزة ـ في خضم حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والمستمرة منذ عامين، اكتفت المؤسسات الأممية والحقوقية بإرسال بعض المساعدات العينية، وإصدار بيانات الشجب والإنكار ضد ما تمارسه القوات الإسرائيلية من قتل وتجويع، وتدمير، تاركة النساء وحدهن وسط خيبة أمل كبيرة، فمنذ بداية الحرب لم يقم أي وفد تابع لتلك المؤسسات بزيارتهم في مخيمات النزوح أو تفقد أحوالهم.
صرخة من الخيام المهترئة... أين الإنسانية؟
عايدة معروف، تقول إن حرب الإبادة مستمرة على قطاع غزة منذ عامين لعل أبرز المواقف التي من الممكن تذكرها من قبل المؤسسات الأممية هو ترك الأطفال والنساء وحدهم في شمال قطاع غزة لما يزيد عن العام، بعد رفضهم التهجير القسري، ليحاصروا ويقتلوا ويمعنوا من الماء والغذاء والعلاج، فكانت الضربة موجعة بالنسبة للنساء اللواتي أمن بدور تلك المؤسسات واطمأننن لوجودها.
ولفتت إلى أنه حتى بعد عودة تلك المؤسسات من جنوب القطاع، لم ترى وفد واحد نزل وتفقد المخيمات ليرى أوضاع النساء والأطفال والفتيات بعينه، بل اكتفوا بإرسال المساعدات التي تسرق ولا يستطعن الوصول إليها "الأطفال يقتلون أمام الشاشات ومن يعيش يحيا من العدم دون طعام، أو شراب، أو تعليم، أو حتى ملبس، دون طفولة بالمعنى الكامل للكلمة، ولا يعتبر وضع المرأة أفضل حال منها".
فتستيقظ المرأة الفلسطينية وهي لا تعرف أهي ما تزال على قيد الحياة أم لا بسبب فقدانها للأمان وأصوات الصواريخ التي لا تهدأ طوال الليل، لافتةً إلى أنها توقعت من المؤسسات التي تدعي الإنسانية وتنادي بحقوق الإنسان كالأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها ممارسة دورها في متابعة أوضاع النساء وأطفالهن، وإجبار القوات الإسرائيلية على توفير مأوى مناسب لهن بالفعل.
وأضافت "الخيام اليوم اهترأت من أشعة الشمس بعد عام ونصف ولا تصلح للسكن في ظل تعنت السلطات الإسرائيلية من إدخال المساعدات المكدسة على المعبر"، متسائلة هل تقبل بعض الدول المتبرعة وشعوبها أن يرتدي أبنائهم ما يرسلونه أو ينامون على ذلك الفراش واستخدام تلك الأغطية الرقيقة، وأين هي مستلزمات النظافة الشخصية للنساء والفتيات؟
"أين القوانين من الأوضاع التي يعيشها أهالي غزة"
وقالت عايدة معروف "خاب ظني بالدول العربية، والأجنبية، في ظل ادعاءاتهم الكاذبة بأننا وطن واحد وأمة واحدة، فأي أمة تلك التي تترك نسائها يهن أمام الشاشات وخلفها بتلك الطريقة"، متسائلة أين القوانين التي وضعتها دول العالم ومنظماته، لماذا وضعت بالأساس إن لم تستطع إيقاف ذلك الجنون، ما قيمتها وفي كل يوم يرتفع أعداد الأطفال الموتى جراء نقص الطعام وسوء التغذية؟
وتتساءل "لماذا أهل قطاع غزة، جميع الدول مرت بفترات حروب وانتهت، سوى المدينة المنكوبة وسكانها من المدنيين الذين لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم فيحرقون وهم نائمون في الخيام، ويقتلون وهم يبحثون عن الطعام، وكأن العالم أجمع يقول لهم غادروا تلك الحياة بصمت أنتم لستم بشر".
تطالب عايدة معروف من تلك المؤسسات أن "تنزل من برجها العاجي" لأرض الواقع وترى ماذا يحل بالأطفال والنساء وكبار السن، ويطبقوا الإنسانية التي يتحدثون عنها في مؤتمراتهم وعلى موائد الطعام الفاخرة، مؤكدة أن المنع الإسرائيلي لهم لن يرفع عن عاتقهم ذلك اللوم والخيبة التي تحملها نساء غزة تجاههم "هم من أعطوا إسرائيل تلك القوة بصمتهم المتواصل وهي تخرق الاتفاقات الدولية واحد تلو الآخر دون رقابة أو حساب".
وأشارت إلى أن الوضع سيء وسيسوء أكثر خلال الأيام المقبلة خاصة مع زيادة الضغط العسكري والتلويح باحتلال مدينة غزة، متمنية أن ينظر العالم لقطاع غزة بإنسانية وعدم ممارسة هواية عدم الاكتراث تجاههم خاصة بما يخص المساعدات الإنسانية التي يروح ضحيتها في كل يوم عشرات القتلى والجرحى ولا تجد النساء منها أي استفادة.
"حقيبة نظافة واحدة لا تكفي"
من جانبها تؤكد ندى عوض الله، حديث سابقتها على تقصير المؤسسات الأممية والإغاثية في خدمة نساء غزة، فقبل ما يقارب الخمس أشهر شاهدت مؤسسة أممية واحدة زارت المخيم وتفقدت بعض النساء والفتيات مانحة إياهن حقيبة نظافة شخصية، فيما بقيت الغالبية العظمى منهن تنظرن دون أن تنال ما حظيت بها قريناتهن.
وتختلف احتياجات النساء بداية من الطعام والشراب والمكملات الغذائية وأدوات النظافة الشخصية وغيرها، لافتة إلى أن وضع المؤسسات الدولية والنسوية ما قبل الحرب بحسب معرفتها بهم وعملها ضمن بعض مشاريع مؤقتة كانت توحي لها أن النساء سيكن بوضع أفضل فيما لو حدث هجوم مرتقب، لكن ما شاهدته على أرض الواقع صدمها، فالنساء تُركن وحدهن وتلك المؤسسات عززت حالة التخبط.
وأكدت ندى عوض الله أنه على الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى الضغط على القوات الإسرائيلية بما يكفي للسماح بإدخال ما تمنعه وما تحتجزه على المعابر منذ عدة أشهر، خاصة بما يتعلق بالنساء اللواتي يعتبرن الفئة الأكثر تهميشاَ وضعفاً من المدنيين.