روهات خليل: نساء إقليم شمال وشرق سوريا ناضلن من أجل مجتمع حر وديمقراطي
أكدت روهات خليل إدارية هيئة المرأة في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا أن تمكين المرأة يشكل ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة وبناء مجتمع ديمقراطي قائم على العدالة والمساواة.

أسماء محمد
قامشلو ـ تخوض المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا مسيرة نضال طويلة، تواجه خلالها تحديات متعددة، لكنها تواصل تطوير قدراتها والمساهمة الفاعلة في جميع ميادين الحياة السياسية، الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.
في ظل ظروف صعبة وتحديات جسيمة، خاضت نساء إقليم شمال وشرق سوريا تجربة استثنائية تمكنت خلالها المرأة من تحويل واقعها الاجتماعي والسياسي، لتصبح اليوم من أهم القوى الفاعلة في مختلف ميادين الحياة، وهذا النضال الذي انطلق مع ثورة روج آفا ليس فقط معركة من أجل الحقوق، بل مشروع بناء مجتمع جديد يرتكز على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.
واجهت المرأة في اقليم شمال وشرق سوريا، قبل اندلاع ثورة روج آفا، تهميش واضح وعقبات ناجمة عن الذهنية الذكورية السائدة التي حجمت دورها في السياسة والعمل، وسلبتها حريتها في الكثير من المجالات، إلا أن إرادة النساء القوية ورفضهن للخضوع لقوانين التهميش دفعهن إلى خوض معارك متعددة، أثمرت عن تأسيس نموذج نسوي فريد يبرز أهمية دور المرأة في بناء مجتمع ديمقراطي حر.
وتعتبر فلسفة القائد عبد الله أوجلان أحد المحركات الأساسية لتمكين المرأة في المنطقة، حيث ساهمت أفكاره في رفع وعي النساء ومنحهن القوة لتولي قيادة نضالهن بأنفسهن، ليس فقط من أجل حقوقهن الشخصية، بل من أجل مستقبل مجتمع كامل يعانق الحرية والمساواة.
"فكر القائد أوجلان مهد الطريق لقيادة ثورتها"
وأوضحت روهات خليل الإدارية في هيئة المرأة بمقاطعة الجزيرة واقع المجتمع قبل اندلاع ثورة روج آفا "عانت المرأة من تهميش واضح في ميادين السياسة والعمل، وواجهت تحديات كبيرة نتيجة الذهنية الذكورية السائدة"، مؤكدةً أنه "لم تكن تلك العقبات قادرة على إخماد طموحات المرأة وأحلامها، والثورة شكلت نقطة تحول حاسمة، حيث أظهرت النساء من خلالها إرادة قوية في الدفاع عن حقوقهن والسعي لتطوير أنفسهن، وقد لعبن دوراً بارزاً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
وأشارت إلى أن فكر القائد عبد الله اوجلان شكل عاملاً رئيسياً في تمكين المرأة، إذ مهد الطريق أمامها لقيادة ثورتها بنفسها، معتمداً في فكره على رؤية منفتحة تكرس حقوق المرأة وتدفعها نحو التحرر "المرأة خلال سنوات الثورة خاضت تجارب متعددة شكلت نقطة تحول في وعيها وتمكينها، حيث مرت بمراحل تطوير مستمرة شملت التدريب الفكري والتنظيمي، والمشاركة الفاعلة في العمل الميداني والسياسي، ما ساعد على بناء قدراتها وكفاءتها في مواجهة التحديات، وهذه التجارب شكلت ركزة أساسية لتأسيس نموذج نسوي فريد يظهر أهمية دور المرأة في تحقيق التغيير الشامل، ويؤكد قدرتها على قيادة مستقبل مجتمعها بكل ثقة واقتدار".
"تمكين المرأة ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية"
وأوضحت روهات خليل أن النساء واصلن تعزيز قدراتهن عبر التدريبات الفكرية والجلسات الحوارية، مما أتاح لهن الاستمرار في نضالهن والتغلب على كافة العقبات التي وقفت في طريقهن "تمكين المرأة ليس فقط قضية اجتماعية أو حقوقية بل ركيزة سياسية أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، فالمرأة القوية الواعية قادرة على المساهمة بفعالية في بناء مؤسسات البلد وتعزيز قيم العدالة والمساواة، مما يجعل من تمكينها ضرورة حيوية لا يمكن التغاضي عنها في أي مشروع سياسي يسعى للنجاح والاستمرارية".
وبينت أن المرأة في اقليم شمال وشرق سوريا لعبت دوراً كبيراً وفعال في كافة المجالات، مما جعلها نموذج يحتذى به لكافة النساء اللواتي يسعين إلى تطوير ذواتهن ونيل حقوقهن والدفاع عن كرامتهن "لم تقتصر إسهامات المرأة على المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فحسب، بل امتدت إلى ساحات النضال العسكري، حيث أبدت حضوراً قوياً لا يمكن تجاهله، ففي المجال العسكري، كانت المرأة قوة لا يستهان بها، حيث تمكنت من مواجهة التحديات التي فرضتها الدول والتنظيمات والاحتلال، وصد اعتداءاتها بإرادة وعزيمة لا تلين".
وترى روهات خليل أن هذا الدور البطولي أكسب المرأة مكانة بارزة في النضال الوطني، وأثبتت قدرتها على حماية أرضها وشعبها بكل شجاعة واقتدار "هذه التجربة الفريدة التي خاضتها المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا تؤكد أن تمكين المرأة ليس خياراً, بل ضرورة استراتيجية تضمن الحفاظ على مكتسبات الثورة وتحقيق مستقبل مستقر ينعم فيه الجميع بالحرية والكرامة".
"رمز للقوة والإرادة والتغيير"
وأوضحت أنه منذ انطلاق ثورة روج آفا، واجهت المرأة تحديات كبيرة في المجتمع، خاصة نتيجة الذهنية الذكورية السائدة التي لم تتقبل وجود المرأة في مراكز صنع القرار "لم يقتصر هذا التحدي على المجتمع الخارجي فقط، بل امتد أحياناً ليشمل بعض العائلات التي مارست هذه الذهنية القمعية ضد نسائها، مما أبقاها تحت سيطرة تقليدية وظروف تقيد حريتها. ولكن في مواجهة هذه الصعوبات، سعت الثورة إلى دعم وتمكين المرأة من أجل تحريرها والدفاع عن حقوقها ومكتسباتها، بهدف تحويلها من مجرد فرد تحت السيطرة إلى قيادة فاعلة وعضو مؤثر في بناء المجتمع. اليوم هناك فرق واضح وكبير بين المرأة التي كانت في الماضي والمرأة التي تناضل اليوم. فهي رائدة ومناضلة، ومشاركة فعالة في جميع ميادين العمل والمجتمع".
وأكدت أن الفضل الكبير في هذه النهضة هو فكر وفلسفة القائد عبد الله اوجلان، الذي ساعد المرأة على التعرف على ذاتها الحقيقية، وأيقظ فيها شعوراً بالقيمة والكرامة، وأكد على دورها الأساسي والمحوري في المجتمع "أصبحت المرأة اليوم رمزاً للقوة والإرادة والتغيير، مساهمةً في بناء مجتمع ديمقراطي قائم على العدالة والمساواة".
وقالت إن نساء إقليم شمال وشرق سوريا تسعين إلى إيصال أصواتهن إلى كافة نساء العالم، ليتعرفن على حقوقهن ويأخذن دورهن الفاعل في بناء المجتمعات من خلال فلسفة Jin Jiyan Azadî"هذه العبارة ليست مجرد كلمات، بل هي نبض حياة يعكس نضال المرأة في وجه كل أشكال الظلم والقهر، ورسالتي إلى كل امرأة في الداخل السوري وخارجه، هي أن عليهن تقوية الإرادة والصمود في وجه العقبات والتحديات، ومواجهة كل أشكال القمع والإقصاء التي ما زالت تمارس بحقهن في مختلف المجتمعات، فالمرأة اليوم ليست فقط جزءاً من النسيج الاجتماعي، بل ركيزة أساسية في جميع ميادين الحياة، ومقاتلةً حرة في ساحات الدفاع عن الحق والكرامة".
"المرأة حامية لأرضها وشعبها"
وشددت على ضرورة تنظيم النساء وتشكيل قوة خاصةً لحماية منجزاتهن "قوات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا جسدت نموذجاً فريداً في النضال والتضحية، حيث واجهت أخطر التنظيمات الإرهابية بكل شجاعة وبسالة، لتثبت أن المرأة قادرة على حماية أرضها ومجتمعها، وأنها قادرة على أن تكون قوة مقاومة صلبة ومصدر إلهام لكل النساء في العالم، ولقد كانت المرأة في هذه القوات رمزاً للصمود والتحدي، ومثالاً حياً على أن الكرامة لا تُنتزع إلا بالمقاومة، كما تجلت مقاومة المرأة في مواقع عدة، ومنها مقاومتها البطولية في سد تشرين، التي شكلت علامة فارقة في مسيرة الكفاح ضد الاحتلال والظلم".
واختتمت الادارية في هيئة المرأة بمقاطعة الجزيرة روهات خليل حديثها بالقول إن "هذه التضحيات العظيمة تؤكد أن الحرية والكرامة لا تأتيان إلا بصمود وعزيمة لا تلين، هدفنا هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء لتعريفهن بحقوقهن وتعزيز وعيهن، لأن تحرير المرأة هو السبيل الحقيقي لتحرير الوطن بأكمله. فلا حرية دون مساواة، ولا كرامة دون تمكين. على كل امرأة أن تكون جزءاً من هذه الرسالة، وأن تعزز من قوتها الداخلية لتكون عنصراً فاعلاً في تغيير واقعها والمساهمة في بناء مجتمع يسوده العدل والسلام".