ناشطة نسوية تونسية: نساء السويداء صوت المقاومة في وجه الانتهاكات
أكدت الناشطة النسوية فتحية نصري أن النساء في السويداء يتحملن عبء الحماية الاجتماعي والمجتمعي، وهن الأكثر تضرراً من جرائم القتل، الخطف، والاختفاء القسري، إلا أنهن يمثلن رمزاً للصمود والمقاومة أمام الانتهاكات والطائفية.

إخلاص حمروني
تونس ـ في قلب الأزمة السورية، تُعد مدينة السويداء نموذجاً مأساوياً لمعاناة النساء اللواتي يواجهن انتهاكات جسيمة تشمل القتل على الهوية، الخطف، والاختفاء القسري. هذه المرأة السورية، التي تحمل على عاتقها عبء الحماية الاجتماعي والمجتمعي، أصبحت محوراً للتحديات الإنسانية والأمنية في المدينة، خصوصاً في ظل تصاعد الطائفية والعنف.
"مسرح للقتل على الهوية والانتهاكات الجسيمة"
تقدم فتحية نصري، ناشطة نسوية وعضوة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع ولاية القصرين، تقييماً مفصلاً للوضع في السويداء، مستعرضة آثار العنف على النساء ودورهن في الاحتجاجات الشعبية، مشددة على ضرورة تحقيق العدالة والمحاسبة وحماية الحلقات الأضعف في المجتمع، والسعي نحو سوريا موحدة تحترم حقوق الإنسان وتضمن التعايش بين جميع مكوناتها.
ويستند تقييمها للوضع في سوريا، وخاصة في السويداء إلى متابعة دقيقة للتطورات الأخيرة، مؤكدة أن المشاكل الطائفية والانتهاكات الإنسانية الأخيرة تشكل تهديداً حقيقياً للأمن الاجتماعي للمدينة، موضحةً أنها زارت سوريا قبل الثورة، ورأت التنوع والتعايش بين مختلف الطوائف في العاصمة دمشق، حيث الفن والثقافة والانسجام بين الناس، وهو ما كان يمثل سوريا الجميلة في نظرها قبل أن تتغير الأوضاع.
وأوضحت أن خروج الشعب السوري للمطالبة بالحرية والديمقراطية كان مشروعاً ويستحق الدعم، مشيرة إلى أن تونس كانت نقطة انطلاق شرارة الثورة، وهو ما أكسبها إيماناً قوياً بأهمية الحرية والمساواة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، لافتةً إلى أن ما يحدث اليوم في سوريا موجع ومؤلم، خاصة مع تدخل "إسرائيل" وقصف المنشآت العسكرية والمدنية، بما في ذلك تدمير المصانع والمعامل، وهو ما يفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير.
وأكدت أن السويداء، الواقعة على الحدود الأردنية، تعتبر مدينة استراتيجية يسكنها حوالي 600 ألف نسمة، مشيرةً إلى أن الأحداث الأخيرة حولت المدينة إلى مسرح للقتل على الهوية والانتهاكات الجسيمة "هذه الأحداث تمثل جريمة حرب وإبادة جماعية، شملت التحريض بين بعض القبائل المجاورة، التهجير والإخفاء القسري لأكثر من 80 امرأة، وارتفاع أعداد القتلى بين النساء والأطفال".
وأوضحت أن هذه الجرائم تستهدف الطائفة الدرزية، مبينةً أن الأطراف التي تغذي النزاعات الطائفية والانفصالية تعمل فقط لصالح "إسرائيل" وتفتيت سوريا الشقيقة "السويداء جزء لا يتجزأ من الوطن السوري الكبير، وذُكرت فيها المراجع التاريخية مثل سلطان باشا الأطرش، الذي قاد ثورة ضد الاستعمار الفرنسي".
"كارثة إنسانية"
وقالت فتحية نصري إن "ما حدث في السويداء من حرق نحو 40 قرية وتهجير سكانها وقتل العديد منهم يمثل كارثة إنسانية"، مؤكدة أن النساء اللواتي خرجن للاحتجاج ضد النظام السوري سابقاً وضد الحكومة السورية المؤقتة تمثلن رمزاً للمرأة السورية التي تصمد ضد الطائفية والعنف، موضحة أن الأرقام مفزعة، مع اختفاء قسري لمئات النساء.
وقدمت إحصاءات رسمية خلال جلسات المنتدى النسائي الذي نظم في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا في الخامس من آب/أغسطس الفائت، أبرزت حجم الكارثة الإنسانية حيث وثقت تدمير 39 قرية بالكامل في السويداء، ومقتل أكثر من 800 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، 600 امرأة ما زلن في عداد المفقودين حتى اليوم.
"القتل على الهوية موجود حتى على مواقع التواصل الافتراضي وهو أمر فظيع" مشيرة إلى أن النساء في السويداء يعتبرن محور المقاومة والتحدي ضد القمع والظلم، وأن النساء المناضلات رفعن علم الثورة في كل أنحاء المدينة "سوريا الموحدة يجب أن تحترم دور المرأة، وأن يتم الفصل بين الدين والسياسة لضمان نظام ديمقراطي حقيقي وتعايش سلمي بين جميع المكونات".
وبينت أن النساء القويات المكافحات اللواتي خرجن للاحتجاج رفعن شعارات الثورة عالياً، مؤكدة أن "تهجيرهن القسري ونقدهن للنظام يمثلان صرخة وطنية للدفاع عن حقوق النساء والأطفال"، مشددة على ضرورة "عقد مؤتمر دولي كبير في السويداء لإطلاق لجان تحقيق محايدة لمحاسبة مرتكبي الجرائم، ومتابعة الاختفاءات القسرية للنساء".
"حقوق النساء هي مؤشر على تقدم المجتمع"
وترى أن حقوق النساء هي مؤشر على تقدم المجتمع، وأن احترام المرأة والمساواة بين الجنسين وحماية الأطفال هما أساس المجتمعات المتحضرة، مشيرة إلى أن أي تراجع في دور المرأة سيؤثر على توازن المجتمع السوري بأكمله، وأن العمل الجاد لتلافي هذه الأضرار يجب أن يستمر لسنوات لتحقيق استقرار حقيقي.
وفي ختام حديثها قالت فتحية نصري إن "سوريا بحاجة إلى وحدة وطنية وديمقراطية حقيقية، مع احترام حقوق المرأة والمجتمع ككل، لضمان مستقبل أفضل"، مؤكدة أن الصوت النسوي الحر في السويداء يمثل أملاً في بناء سوريا متماسكة وآمنة لكل مكوناتها.