قصص من معاناة النساء النازحات (1)

تشبه قصة سلطان حسين التي نزحت من سوريا إلى إزمير إحدى الروايات. سلطان التي أُجبرت على الزواج في سن الثالثة عشرة قضت حياتها في كل من لبنان وسوريا

سلطان حسين: العيش في المثلث الحدودي لبنان.. سوريا.. وتركيا

إزميرـ . نزحت إلى إزمير مع بداية الحرب في سورية. الآن يعيش كل واحد من أطفالها في مكان. 
مع بداية الحرب في سوريا عام 2011 أجبر الملايين من الناس على النزوح من بلادهم. توجه المئات والآلاف من الأشخاص إلى إزمير في تركيا. في كل حي من أحياء إزمير يواجه الناس الصعوبات الإنسانية، وخاصة النساء فهن لا يعرفن لغة وثقافة البلدان الأخرى، يجبرن على التعايش مع هذا الواقع الذي يتسبب في تجزئة حياتهن. وحدها ذكريات الماضي تساعدهن للتعايش مع هذا الواقع والبقاء صامدات.
تمثل قصص وتجارب خمس نساء نزحن من سوريا إلى إزمير مثالاً على هذا الواقع. سنتطرق في هذا الجزء لقصة حياة سلطان حسين التي وقفت صامدة في وجه جميع صعوبات الحياة. تبدأ أحداث قصتها من مدينة نصيبين. سلطان التي تفقد والدها وهي في الثالثة عشرة من عمرها, وبعد أن تتزوج والدتها من رجل آخر, تبدأ هي وأخوتها الأربعة في شق طريق أخر في الحياة. بعدها يذهب كل واحد من أخوتها إلى مكان, أما سلطان فيكون نصيبها الزواج في سن مبكرة. تتزوج وهي في الثالثة عشرة من عمرها من ابن خالتها رشيد الذي يعيش في مقاطعة قامشلو, في البداية دخلت قامشلو عن طريق التهريب. سلطان التي تواجه حياة مختلفة, تذهب إلى لبنان بعدها تعود إلى سوريا مرة أخرى, الآن كل واحد من أولادها يعيش في بلد مختلف أما هي فتعيش في إزمير. تتحدث سلطان عن حياتها, ولكنها تقف حائرة من أين تبدأ قصتها وما الذي تبديه, وما الذي تخفيه.
"كان أطفالي أصدقائي في اللعب"
أوضحت سلطان حسين أنها فقدت والدها وهي صغيرة "أجبر أهل القرية أمي على الزواج. ذهب كل واحد من أخوتي في اتجاه. تزوجتُ بعد شهر من ابن خالتي رشيد. كان رشيد يهتم وينشغل بالسياسة. دخلت معه إلى مقاطعة قامشلو عن طريق التهريب. أخذوني إلى قامشلو بواسطة دراجة هوائية وهكذا بدأت الحياة هناك. ازدادت عمليات البحث عن رشيد, لذلك اضطررنا للهروب إلى لبنان. هناك حملتُ بابني سليمان. ولأن رشيد لم يكن موجوداً معي, وجه أهل الجوار أصابع الاتهام نحوي وقالوا بأنه ليس ابن رشيد. ولكن الحقيقة ظهرت للعيان. ولد سليمان, وكان صديقاً لي في اللعب. ولأني كنت طفلة حينها. كانت الحياة صعبة جداً".
"توفي ابني البالغ من العمر 12 سنة في الحرب"
بينت سلطان حسين بأن زوجها رشيد أُجبر على النزوح من لبنان "كان ذلك في عام 1982 كنت مجبرة على ترك اثنين من أبنائي في لبنان والرجوع إلى سوريا. بعد عودتنا بدأت فلسطين وإسرائيل الحرب في لبنان. أردت بعدها إحضار أبنائي إلى سوريا لذلك توجهت إلى لبنان. بعد جهود كبيرة تمكنت من الوصول إلى بيروت. وصلت إلى الحي وعلمت بأن ابني مصطفى البالغ من العمر 12 عاماً قد قتل. هناك مال العالم كله عليَ. فقد حياته نتيجة انفجار لغم. حتى أني لم أرَ جنازته".
"لأني عشت الحرب كنت أعرف بأنها ستعود"
أوضحت سلطان حسين أنها وبعد سماعها خبر وفاة ابنها, بدأت البحث عن ابنتها تافكا "علمت بأن ابنتي تعمل في التنظيف في منزل أحد أقاربها. وتوجهت فوراً لإحضارها. كانت تفصلهم عن بيروت مسافة بعيدة. الاشتباكات كانت قوية وذهابي كان بمثابة الهلاك. بالرغم من ذلك ذهبت وأحضرت ابنتي من هناك وبصعوبة كبيرة استطعت إيصالها إلى سورية. بعدها سكنت مع زوجي رشيد وأولادي في العاصمة السورية دمشق. مع مرور الأيام كبر أطفالي والحياة كادت تصبح سهلة. ولكن في عام 2011 بدأت أصوات الحرب تعلو في سوريا. ولأني عشت الحرب, عرفت أنها عائدة مرة أخرى".
"الأحداث التي عشتها أنا وإخوتي يعيشها أولادي الآن"
أعربت سلطان حسين عن مخاوفها من تشتت عائلتها "في شهر آب/أغسطس من عام 2012 توجهت برفقة زوجي وأصغر أبنائي زياد من قلعة أقجة إلى إزمير. لدي أقارب في إزمير لذلك أتيت إليها. هنا بلد غريب وذو ثقافة مختلفة. أخوتي أيضاً أصبحوا غرباء. في العاصمة دمشق كانت حياتنا جميلة. هنا لا يوجد عمل لا يوجد شيء. ابني محامي ولكنه يعمل هنا لدى أحد الإعلاميين. مكثت عند أخي عشرة أشهر. ومكثت لدى أخي الآخر أيضاً مدة من الزمن كنا نأمل بأن تستقر الأحوال ويتحسن الوضع في سوريا ونعود إلى حياتنا. بعد أن عمل ابني قمنا باستئجار منزل. توفي مصطفى في لبنان, والبقية تزوجوا. الآن يعيش ابني الكبير سليمان في ألمانيا, ابنتي نرجس في أستراليا ولينا تعيش في مقاطعة قامشلو. عايدة تعيش في إقليم كردستان في مدينة دهوك وتعيش تافكا في السعودية. يعيش كل واحد منهم في بلد مختلف. فقط يعيش زياد معي ولم يتزوج. الأحداث التي عشتها أنا وأخوتي يعيشها أولادي الآن. أريد أن تنتهي الحرب ونريد العودة إلى وطننا". 
غداً: على دروب النزوح... متخلفون عن القافلة