نعيمة أقوية: لم أغير مسار عملي عن عمد

غيرت نعيمة أقوية مسار عملها من كتابة القصة والصحافة إلى تعليم الأطفال في بنغازي

ابتسام اغفير  
بنغازي ـ ، تقول إنها "لم تحسب خوضها لهذا المشروع صح" إلا إنها سعيدة بخوضه وفخورة بالنجاح الذي حققته في هذا المجال، رغم الصعوبات والعثرات التي واجهتها.
"عندما تجدين نفسك وسط البحر، وقد بذلتي جهداً كبيراً في السباحة، وفجأة أصابك التعب وقفتي ونظرتي خلفك لليابسة التي انطلقتِ منها فترينها بعيدة جداً، ونظرتي أمامك فوجدت أن اليابسة في الجهة الأخرى قريبة جداً، فبالتأكيد ستبذلين مجهوداً مضاعفاً للوصول إلى اليابسة القريبة منك، ومهما تصادفين أثناء السباحة من دوامات وأمواج عالية ستصمدين من أجل الوصول إلى بر الأمان" كانت هذه كلمات القاصة والصحافية نعيمة أقوية حول تغيير مسارها من الإعلام إلى التعليم وافتتاح مدرسة خاصة بها. تؤكد أنها لم تكن تتوقع حدوثه، ولم تكن متعمدة الابتعاد عن الكتابة، ولكن القدر قادها بصدفة إلى ماهي عليه الآن.
المشروع الذي كانت فكرته وليدة تجربة استمرت لثلاث سنوات، من خلال اختيارها كعضو للجنة التحكيم في النشاطات الطلابية الثقافية بمكتب التعليم بمدينة بنغازي، لاختيار الطلبة الموهوبين في المجال الأدبي كإلقاء القصائد، أو سرد القصص من خيالهم، دفعها للتفكير ملياً حول ما إذا كان بالإمكان احتواء هؤلاء الطلبة في منتدى، أو مركز للموهوبين؛ من أجل تنمية مهاراتهم، ولا يقف الموضوع عند مشاركتهم في هذه النشاطات السنوية فقط.
 
"لست من النساء اللاتي يتكئن على الرجل"
بدأت الفكرة لدى نعيمة أقوية تختمر وتكبر فاستشارت ذوي الاختصاص من المدربين للأطفال في هذا المجال، ومشرفي المنتديات الصيفية، وبعد استشارات مختلفة، نصحها المتخصصون في مجال التعليم أن تقوم بافتتاح مدرسة خاصة بالتعليم المبكر ــ مرحلة الروضة والصفين الأول والثاني الابتدائي ــ بحيث تقوم بمتابعة هذه المواهب منذ نعومة أظافرهم.
شرعت في تنفيذ الفكرة واختارت اسماً للمدرسة "النداء الرفيع" تيمناً باسم ابنتها الوحيدة نداء، ودخلت في إجراءات التسجيل والتراخيص، ودوامة من الروتين الإداري الذي استمر لعام كامل، حتى يتسنى لها أن تعمل على فكرتها في إطار قانوني وإداري صحيحين.
لم تتوقع نعيمة أن يكون الأمر أكبر من أن تقوم بتعليم الأطفال الرسم والتلوين واللعب بالصلصال، بل وجدت أن هناك أمانة بين يديها، أطفال يحتاجون أكثر من ذلك ولابد من وضع استراتيجية بناءة من أجل المحافظة عليهم، وتعليمهم والاهتمام بهم كما يجب، فبدأت ـ هي التي كانت تتعامل مع الورق والقلم ـ بالتوجه لتعلم طرق التدريس، وانخرطت في دورات خاصة بالمربيات في رياض الأطفال، وغيرها. 
مشروعها الذي ولد من أجل اكتشاف ومتابعة المواهب، ساعدها في تحقيق ربح مادي وإعانة زوجها في الحياة، ففي ليبيا أصبح الوضع الاقتصادي بعد الحرب صعب جداً، ولابد من السعي للحصول على دخل بعيداً عن الاعتماد على الرجل فهي ليست من النساء اللاتي يتكئن على الرجل أو يعتمدن عليه كما تقول، إنما هي امرأة مستقلة تسعى إلى تحقيق أهدافها، ترفض أن تعتمد على الرجل لتسيير أمورها الاقتصادية. 
 
"لم أغير مساري عامدة متعمدة" 
تخرجت نعيمة أقوية من قسم الصحافة من جامعة بنغازي "قاريونس" عام 1997، وتوجهت للعمل في الصحافة، فعملت في معظم الصحف الليبية الصادرة في تلك الفترة، وتنقلت في عملها الصحفي ما بين العمل الإذاعي، والعمل في الصحف الورقية، فكتبت القصة القصيرة وابدعت فيها.
تقول إنها ابتعدت عن الكتابة ولكنها لم تترك شغفها، وتسعى لكتابة روايتها الأولى من خلال ما تتشربه من واقعها المحيط، واحتكاكها بالأطفال وأولياء الأمور والمعلمات، رأت أن هذا عالم جديد بالنسبة لها عالم يستحق أن يكون أساساً لروايتها الأولى.
فالكتابة كائن حي كما تصفها القاصة والصحفية نعيمة أقوية فإذا لم تنميها بالقراءة والاطلاع والمتابعة، والكتابة بشكل يومي سوف تموت، ففي أوقات فراغها تحاول ألا تترك الكتابة تعد حالياً برنامجاً إذاعياً باسم الحكيم في ثلاثين حلقة، كما أنها بصدد الإعداد لبرنامج ثقافي جديد.
 
"كورونا كانت ضربة قاسمة لكني بدأت في التعافي"
كورونا كانت ضربة قاسمة لنعيمة أقوية فقد خسرت كثيرا في هذا الوباء جراء الإغلاق العام ضمن إجراءات الحجر الصحي ولكنها لم تستلم لهذه الخسارة وإنما عادت كي تقوم من جديد "حتى ولو كانت العودة بطيئة المهم أنني لن اتوقف وسأسعى بكل ما أوتيت من قوة للرقي بمشروعي والتطور به نحو الأفضل".