قصص من معاناة النساء النازحات (2)

بعد نشوب الحرب الأهلية في سوريا تحطمت حكاية حياة الكثير من النساء اللواتي كان لديهن الكثير من الأحلام والآمال الجميلة التي يردن تحقيقها

على دروب النزوح متخلفون عن القافلة

أزميرـ . لم تفقد ولاء الأمل من أجل تحقيق أحلامها وآمالها الجميلة مرة أخرى ولم تفقد ضحكتها الجميلة.
تشعر ولاء في أعماق قلبها برائحة الموت البارد التي تحملها الحرب في سوريا. تترك وراءها ذكريات طفولتها, المنزل, المدرسة وجميع أحبائها وتنزح برفقة خمسة من أخواتها, أخيها ووالدتها إلى إزمير. لكن الأكثر إيلاماً من ترك ذكرياتهم وأحلامهم هو تركهم لوالدهم. لم ينزح والد ولاء بسبب الحرب الأهلية إلى تركيا أو أي بلد آخر.. الوضع صعب, تعتقد العائلة أن والدهم مازال موجوداً في سوريا, ولكنهم لم يحصلوا على أي خبر عنه. مطلب ولاء الوحيد هو رؤية والدها. 
 
"أخذت الحرب مني أحلام الدراسة"
بيّنت ولاء أنهم كانوا يعيشون حياة جميلة قبل بدء الحرب. ولاء التي ولدت وترعرعت في حمص, أوضحت في حديثها بأن أشد المعارك دارت هناك. ذكرت ولاء أنها درست حتى المرحلة الثانوية ولم تستطع إكمال دراستها بسبب الحرب. تنزح العائلات من هناك إلى العاصمة دمشق ولبنان، على الفور تجد نفسك تعيش حياةً مقيدة بالهجرة. 
بينت ولاء أنها عملت في لبنان في مجال السكرتارية ولكنها لم تكن تحصل على أتعابها كاملة, استقرت في النهاية مع عائلتها في تركيا. هكذا تحدثت ولاء عن هجرتها من سوريا إلى إزمير "ركبنا في القارب أنا وأخوتي ووالدتي وفي البداية أتينا إلى ميرسين. كان يوجد في القارب مرضى, جرحى, مواطنون فقدوا وعيهم وآخرون يعانون أزمات قلبية. كانت رحلتنا خطيرة, أمواج البحر كانت هائجة وفقدنا الاتصال مع العالم في وسط البحر. عندما وصلنا أخذوا منا جوازات سفرنا وتم إيقافنا لمدة طويلة. في ميرسين خدعونا بحجة أن شبكة الهاتف دولية وأخذوا منا أموالاً كثيرة. نصحنا صديق والدي بالتوجه إلى باسمان في إزمير. أخبرنا بأن الكثير من المواطنين السوريين يسكنون هناك, وبأن أماكن السكن واحتياجات ومتطلبات العيش ليست غالية الثمن هناك. ولأن والدتي كانت مريضة فكرنا في علاجها هناك".   
 
"حتى الآن لانعرف أين هو والدي"
 ألم الذكريات, ألم الأحاسيس والأهم من ذلك مشاعر فقدان الأب, اجتمعت مع صعوبة التعايش مع ثقافة مختلفة وشكلت بالنسبة لامرأة صعوبة وعدم قدرة على التعبير وعلى الرغم من ذلك هكذا تروي ولاء قصتها "نحن لا نعرف أين هو والدي. الاحتمال الأكبر أن يكون في السجن. في الآونة الأخيرة عشنا مع عمي. كان عمي يعتبرنا أشخاصاً غرباء. كانت أختي الصغيرة تعاني من مشكلة في قدمها. عشنا أوقاتاً عصيبة. الآن أصبحت حياتنا أكثر سهولة في إزمير. نحن هنا منذ سنة ونصف. في البداية عند قدومنا إلى هنا, مكثنا في بيت صديق والدي مدة من الزمن. بحثت أنا ووالدتي عن عملٍ في الخياطة. لكننا لم نجد عملاً, عملت فترة من الزمن في أحد الفنادق ولكنه لم يكن آمناً. حصلت أختي التي تبلغ من العمر 17 عاماً على عمل في أحد معامل غزل النسيج. في الأماكن التي كنا نعمل فيها لم يعطونا أجرنا. أختي الآن في المنزل قامت بترك العمل بسبب تورم أصابع يديها وقدميها. أما أنا فقد عملت في ذاك الفندق غير الآمن لمدة أسبوعين. لم يعطنا المدير أي أهمية ولم يكن يستمع إلينا. فيما بعد ذهبت إلى جمعية مساعدة السوريين. تم قبولي للعمل لديهم. أنا الآن أعمل في الجمعية وجميع الأشخاص هنالك أصبحوا أصدقائي".
 
"أعيش على أمل أن تنتهي الحرب ونعود إلى وطننا"
الابتعاد عن محيط الحرب والحصول على عمل رغم صعوبته جعل ولاء تشعر بالارتياح بعد معاناتها في بداية نزوحها. تحدثت ولاء عن حياتها كامرأة تعيش في تركيا "لم أجد نفسي شخصاً غريباً في تركيا. بعد أجواء الحرب التي عشتها في سوريا ولبنان كان العيش هنا أفضل بالنسبة لي. بدأنا نتعرف على المواطنين السوريين الذين نزحوا إلى مدينة باسمان وأصبحنا أصدقاء بعضنا البعض. هذا مكان جيد الآن بالنسبة لنا. أريد فقط أن أرى أبي. أعيش على أمل أن تنتهي الحرب ونعود إلى وطننا. الآن نحن حزينون جداً على غياب والدي. أريد رؤية والدي وأن أعود إلى وطني".  
 
غداً: تزويج أمارا ومنال القاصرتان