نساء تنسجن أحلامهن... حياكة المعاوز حرفة بأيدٍ ناعمة

أكدت سميرة العزعزي أن المرأة قادرة على القيام بكثير من الأعمال والمهارات التي يقوم بها الرجل، والتي كان يُعتقد في المجتمع أنها حكر على الرجال ولا تستطيع النساء القيام بها.

رانيا عبد الله

اليمن ـ تُعد حياكة المعاوز من المشغولات والمنتجات التقليدية القديمة في اليمن، وتُعتبر مهنة حكراً على الرجال دون النساء، إلا أن ثمة نساء أثبتن أنهن قادرات على الخوض في هذه المهنة التي ظلّ الرجال يحتكرونها ويتاجرون بها لعقود طويلة.

 

حياكة بأيدي نساء

 

 

تدرّبت سناء الأصبحي على حياكة المعاوز عبر اتحاد نساء اليمن في الشمايتين في ريف مدينة تعز، وأصبحت هذه المهنة مصدر دخلها الوحيد، بعد أن تخرجت من الجامعة ولم تحصل على وظيفة أو عمل يسد احتياجها واحتياج أسرتها.

ويعتبر المعوز (قطعة قماش مستطيلة الشكل يلفه الرجل حول خصره منسدلاً إلى أسفل الركبة) من أشهر الملابس الشعبية الرجالية، وهو من الصناعات النسيجية التراثية، وقد احتفظ المعوز التقليدي بشكله المتميّز ونقوشه الجذّابة في مواجهة المعاوز المصنَّعة آلياً والتي تُستورد من الصين، ويعتز الأهالي المحليون بالمعاوز المصنوعة يدوياً، إذ تُعدّ أفضل وأفخم من حيث الشكل والخيوط المستخدمة في حياكتها.

تقول سناء الأصبحي وهي إحدى المتدربات على حياكة المعاوز "قبل أن أتدرّب على الحياكة كنتُ عاطلة عن العمل، وليس لدي مصدر دخل، وبعد أن تدربت على الحياكة أصبح لدي مصدر دخل صحيح أنه بسيط، لكنه بداية الغيث، وأصبح عملي معروف".

وعن بداية التحاقها بالتدريب على الحياكة، لفتت إلى أنها "سمعت من إحدى صديقاتي أن اتحاد نساء اليمن يُقيم دورات تدريبية متنوعة ومختلفة، وجذبني تدريب حياكة المعاوز، كونه جديداً على المجتمع، وشعرت أنني وجدت شيئاً يمكن أن يفيدني، رغم أنني كنتُ قد وصلت إلى مرحلة يأس بعد أن تخرجت من الجامعة ولم أحصل على وظيفة".

 

يوم جديد

في كل صباح ومع إشراقة الشمس تستعد سناء الأصبحي لبدء يوم جديد، فبعد أن تلقّت التدريب وحصلت على تقدير امتياز، أصبحت هي مدرّبة لنساء القرية الملتحقات بمقر الاتحاد. إضافة إلى ذلك، فهي تسوّق للمعاوز التي تنتجها إلكترونياً، لأنها لا تملك محلاً لعرض منتجها، وتقول "أشعر بالفخر لأني خضتُ تحدياً ونجحتُ فيه، وأصبحتُ الآن مدرّبة ومنتجة في نفس الوقت، وأتمنى أن أُحقق حلمي أيضاً بفتح معمل كبير وأوزّع للسوق ما ننتجه من المعاوز".

تتسم المعاوز اليمنية بأشكالها المختلفة وألوانها الزاهية، كما لها أنواعاً مختلفة، منها اللحجي، الحضرمي، الحديدي، الشبواني، والبيضاني وغيرها من الأنواع، وتبين أن "لكل معوز سعر بحسب النقوش التي يتميّز بها وأنواع الخيوط، ومن أشهر الأنواع وأغلاها هو المعوز السلطاني".

وبحسب مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فان النساء تحولت إلى معيلات رئيسيات خلال فترة الحرب، وقمن بإنشاء مشاريع جديدة داخل المنزل غالباً، أو بالالتحاق ببعض المهن أو ممارسة التجارة في الأسواق على مداخل المدن والقرى، وهي مهن كان يهيمن عليها الرجال سابقاً.

 

حرفة جديدة للنساء

 

 

تدرّبت 100 امرأة من ريف تعز في مديرية الشمايتين على حياكة المعاوز بطريقة احترافية، وكان لاتحاد نساء اليمن في مديرية الشمايتين بمدينة تعز الواقعة جنوب غرب اليمن دورٌ في تأهيلهن على هذه الحرفة التي ظلّت لفترة طويلة حكراً على الرجال فقط، وتقول مديرة اتحاد نساء اليمن في مديرية الشمايتين، سميرة العزعزي "افتتحنا في الاتحاد عدة دورات تدريبية لتأهيل وتمكين النساء، وعندما فكرنا في تدريب النساء على حياكة المعاوز، لم نعثر على مدرّبة من النساء لتدريبهن، واضطررنا للتعاقد مع مدرّب، وبعد تدريب النساء اكتشفنا تفوق بعضهن، فقمن بتدريب بقية النساء. كانت أول دفعة 25 متدرّبة، ثم قامت زميلاتهن بتدريب الأخريات، وأصبحن يمتلكن المهارة ومصدر دخل".

يُعد تدريب النساء على عمل الحرف اليدوية غير كافٍ لإعطائهن حقوقهن وردم الفجوة بين الجنسين، ففي عام 2017، صُنِّفت الجمهورية اليمنية في ذيل القائمة لمؤشر الفجوة بين الجنسين. سونيا الأصبحي وكثير من النساء يتمنين أن تصبح مشاريعهن كبيرة في الأسواق المجاورة لهن.

لذا فإن هذا الخيار جاء نتيجة لتحول إلى حرف جديدة نوعاً ما بحسب سميرة العزعزي، حيث تقول "لقد حاولنا اختيار التخصصات النوعية التي ستعود بالفائدة على النساء، كحياكة المعاوز كونها حرفة جديدة بالنسبة للنساء، وصيانة الطاقات الشمسية، وتحضير البهارات".