مغربية تعيد تشكيل حياتها بخرز العقيق

بين ثنايا الخيوط والخرز، لا تصنع زينب العلوي فقط حقائب راقية بتصميمات فريدة، بل تنسج أيضاً حياة جديدة عنوانها الإصرار، ووقودها الحلم، وغايتها الكرامة.

حنان حارت

المغرب ـ اختارت زينب الإسماعيلي العلوي، امرأة مغربية في العقد الخامس من عمرها، أن تحول جراحها إلى إبداع، وأن تنهض من تحت رماد تجربة زواج عنيفة لتكتب فصلاً جديداً من قصتها، حكاية امرأة رفضت أن تستسلم.

تعود زينب العلوي إلى بدايات أزمتها قائلة "عشت تجربة زواج مريرة استمرت خمس سنوات، فشلت خلالها كل محاولات الصبر، مررت فيها بكل أشكال العنف الجسدي والمعنوي، حتى بدأت أشعر أنني بلا قيمة، لقد وجدت نفسي أمام خيارين: إما الغرق في الاكتئاب، أو النهوض من جديد، فاخترت النهوض".

كانت نقطة التحول الحقيقية بالنسبة لزينب العلوي حين لجأت إلى جمعية فيدرالية رابطة حقوق النساء حيث تلقت الدعم النفسي والتأطير الاجتماعي، وتقول "كنت مشروع امرأة ضحية، واليوم بفضل الجمعية تحررت من دور الضحية واستعدت سيطرتي على حياتي".

بالتوازي مع استعادتها لذاتها، ولدت لديها فكرة مشروع بسيط سيتحول لاحقاً إلى شغف ومصدر رزق، وعن ذلك تقول "في إحدى زياراتي لبيت شقيقي، شاهدت بناته يصنعن حقائب يدوية مزينة بالعقيق المغربي، استهواني ذلك الفن، فطلبت منهن أن يعلمنني أساسياته".

وأشارت إلى أنه منذ تلك اللحظة، بدأت مرحلة جديدة لم تكن تدري أنها ستغير حياتها "ما بدأ كهواية مؤقتة، تحول إلى شغف، ثم إلى مصدر دخل، وأخيراً إلى متنفس، استعنت باليوتيوب وتابعت دروس الحرفيين من مختلف البلدان واستلهمت وابتكرت لم أعد أقلد، بل أصبحت أصمم نماذجي الخاصة، مستفيدة من خلفيتي في الخياطة التي تعلمتها منذ الطفولة".

بعين فنية دقيقة، تتحدث زينب العلوي عن علاقتها بالألوان والتفاصيل "أختار الألوان حسب مزاجي، لا أحب القوالب الجاهزة. كل حقيبة عندي لها روحها".

وتشير بيدها إلى طاولة مرتبة بعناية حيث تصطف عليها حقائب بألوان متناغمة وزخرفة دقيقة، مؤكدة أنه "أحياناً أنهي حقيبة في يوم وأحياناً أحتاج ثلاثة أيام حسب تعقيد التصميم، بعض القطع تحتاج إلى تركيز وصبر ومهارة عالية".

أما عن شعورها أثناء العمل، فتقول "حين أبدأ في تصميم حقيبة، أنسى كل شيء. أنسى الماضي والخيبات، أشعر وكأني أحيك الأمل في كل خرزة".

ورغم النجاحات الصغيرة المتراكمة، لا تزال زينب العلوي تواجه تحديات كبيرة، أبرزها صعوبة الحصول على المواد الخام "أنواع العقيق التي أستخدمها، وبعض المواد الخاصة، نادراً ما أجدها، فأضطر أحياناً إلى السفر فقط لتأمين ما أحتاجه".

وأشارت إلى ضعف قنوات التسويق والدعم للمشاريع النسائية الصغرى "هناك إقبال على منتجاتي، والزبائن يشجعونني، لكن الوصول إلى جمهور أوسع يبقى صعباً، لا توجد بنية حقيقية لتسويق هذا النوع من الأعمال، خاصة في ظل غياب الدعم المؤسساتي، أعول اليوم على شبكات التواصل الافتراضي للتعريف بمنتجاتي".

وتحلم بتوسيع مشروعها ليصبح علامة مغربية مسجلة تعكس روح المرأة المقاومة، كما تطمح إلى إنشاء ورشة لتدريب النساء المعنفات أو المعيلات، على الحرف اليدوية، لتمكينهن من الاستقلال الاقتصادي وبناء ذواتهن من جديد.

وفي ختام حديثها، وجهت زينب العلوي نداء إلى النساء في المغرب والمنطقة والعالم "لكل امرأة تملك موهبة أو فكرة مشروع صغير، لا تتركيها حبيسة الجدران، اخرجيها إلى النور واكتشفي ذاتك، لا تنتظري من يمنحك الفرصة اصنعيها بنفسك".