إرادة نسائية تعيد رسم الدور المجتمعي في مقاطعة دير الزور
تعتبر نساء مقاطعة دير الزور في إقليم شمال وشرق سوريا مثالاً حياً للنجاح والتحدي، بعد أن تمكنت العديدات منهن من تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وعملن على تأسيس مشاريع صغيرة تواجهن بها ظروف المنطقة.

زينب خليف
دير الزور ـ ظروف مختلفة تمر بها مقاطعة دير الزور في إقليم شمال وشرق سوريا، فداعش يكثف هجماته من جهة والاقتصاد متردي من جهة أخرى عدا عن البيئة التي تأذت بشكل كبير جراء التغير المناخي، فلم يبقى للنساء موارد كثيرة تنشطن فيها لإبعاد شبح الفقر عن عوائلهن.
المعجنات والفطائر مشروعها لمواجهة الظروف الصعبة
في ظل هذه الظروف لم ترضى خنساء عوض بالاستسلام للواقع بل قامت بفتح فصول جديدة في حياتها من خلال تأسيس مشروعها الخاص، مشروعها بدأ برغبة ملحة في توفير دخل يساعد على تلبية احتياجات عائلتها وبموارد بسيطة وأدوات منزلية، استطاعت الارتقاء بمشروعها بفضل شغفها وعزمها.
وأسست مشروعاً صغيراً لخبز المعجنات والفطائر في منزلها ليصبح مصدر دخل أساسي لها ولعائلتها، متحدية بذلك كل العقبات التي فرضتها الحرب والنظرة المجتمعية التقليدية، فقصتها تعكس قوة الإرادة وثراء العزيمة في مواجهة التحديات.
ونجحت في تحويل مشروعها لمصدر يدر دخلاً ثابتاً، رغم كل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بمقاطعة دير الزور، وبدعم زوجها وثقتها بنفسها، تجاوزت الانتقادات المجتمعية وأثبتت أن العمل والتحدي هما الطريق نحو الكرامة والاستقلال، وتخطط خنساء عوض لتوسيع مشروعها وتشجيع كل امرأة على بدء رحلتها الخاصة دون خوف أو تردد.
وتوسعت بمشروعها فنقلته إلى وسط السوق وتعمل على إعداد كميات قليلة من المعجنات والفطائر، وروجت لمنتجاتها محلياً عبر الأصدقاء والجيران، مما ساهم في ازدياد الطلب على المخبوزات بشكل ملحوظ.
ونجاحها لم يقتصر فقط على عائلتها، بل ألهم العديد من النساء من حولها لبدء مشاريعهن الخاصة، وبذلك أصبحت مثالاً يحتذى به، مما ساعد الكثير منهن على كسر القيود الاجتماعية على المرأة، حيث شجعتهن على الإيمان بقدراتهن.
وتخطط خنساء عوض لتوسيع مشروعها في المستقبل، بافتتاح محل خاص وتطوير معداتها، وإشراك نساء أخريات في مشروعها، مما سيوفر لهن فرص عمل أيضاً، وتنظر إلى ذلك كفرصة لإحداث تغيير أكبر وإلهام مزيد من النساء.
ومن خلال تجربتها، ترى أن المرأة قادرة على صنع التغيير في مجتمعها، وعليها الثقة بنفسها وعدم الخوف من المخاطر، مؤكدة أن النجاح لا يأتي من المال بل من الإرادة والتصميم وأنه "بالإرادة نصنع المستحيل".
وقصة خنساء عوض هي أكثر من مجرد تجربة شخصية؛ إنها تجسد قوة الإرادة والتصميم في مواجهة التحديات. في مدينة تأثرت بالصراعات، تستمر قصص مثل قصتها في إلهام النساء لإدراك قدراتهن، والمساهمة في بناء مجتمعات أكثر ازدهاراً.
ناديا الفريح... أمّ تعلّمت أن تصنع الحياة
في مشهد موازٍ، اختارت ناديا أحمد الفريح أن تتحمّل مسؤولية مضاعفة، وسط ظروف معيشية لا ترحم، فزوجها يعاني من المرض، وهي أم لأطفال وتعتني كذلك بأيتام لا معين لهم، ورغم أنها لم تكمل تعليمها، وتوقفت في الصف الثالث الابتدائي عن الدراسة، إلا أنها قررت أن تكتب فصلاً جديداً من حياتها.
فمنذ عام تقريباً، أطلقت مشروعاً صغيراً من منزلها عبارة عن دكان، بهدف دعم عائلتها ومساعدة الأطفال الذين ترعاهم، ولم تكن البداية سهلة، لكنها بدأت بخطوة، وخطوتها الأولى كانت كافية لتفتح أمامها طريقاً جديداً، وقالت عن ذلك "أسست المشروع لنساعد بعضنا البعض، ونكون يد واحدة لمواجهة صعاب الحياة فلدينا أيتام نعولهم ويجب أن ألا ينقصهم شيء".
ورغم الانتقادات من أقرب الناس أحياناً، إلا أنها لم تسمح لتلك الأصوات أن توقفها، وتؤمن ناديا أحمد الفريح أنه على المرأة ألا تخضع لنظرة المجتمع القاصرة، بل أن تواصل التطوير الذاتي وتبحث عن فرص التمكين "أثق بنفسي، ولا يعنيني كلام من حولي، فليس على المرأة أن تتوقف أو تستسلم، بل عليها أن تطور نفسها وتسعى دوماً".