من النزاع إلى الإبداع... رحلة لاجئة سودانية في بناء مشروع يدوي عابر للحدود
بعد النزاع السوداني بات التحدي الرئيسي أمام جمع الوافدين والواردات يتمثل في تأمين مصدر دخل للأسر، ولأن فرص العمل ليست كبيرة في الداخل المحلي أصبحت المشاريع متناهية الصغر البديل الآمن لهم.

أسماء فتحي
القاهرة ـ تعد الأعمال اليدوية بمختلف أشكالها سبيل النساء في تحقيق المأمول وتوفير دخل مناسب لأسرهن الأمر الذي جعل الكثيرات يتوجهن لها بدعم من مؤسسات المجتمع المدني والتسويق على وجه الخصوص.
عفراء عمدة صاحبة مشروع إكسسوار يدوي حمل اسمها، أطلعتنا من خلال حوار مع وكالتنا، على مسارها في هذا العمل وما تجده من تحديات وكذلك سبل النجاح الممكنة، وأدوات التغلب على معوقات التسويق التي تواجه الكثيرات في رحلتهن لتنفيذ مشاريع متناهية الصغر وذات رأسمال محدود، فضلاً عن التنافسية وواقع اللاجئين والوافدين في السوق المحلي.
تمكنتِ من السير قدماً في مشروعك الخاص، ما هي فكرتكِ وعملكِ؟
أتيت من السودان بعد النزاع مباشرة منذ عام ونصف مضى، وهنا كان لابد من البحث عن فرصة عمل وأتت فكرة المشروع كي تصبح مصدر دخل لنا بعد ما تركنا وطننا تأثراً بالخراب الذي حل عليها وخسران كل شيء.
أصنع الإكسسوار والحلي وأساس عملي يعتمد على الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، وكذلك الخرز والنحاس من خلال تشكيله في أطقم جاذبة للجمهور.
وكنت أعمل في السودان على نفس المشروع لتأمين دخل إضافي أثناء الدراسة، وعندما أتيت لمصر وجدت المناخ مختلف فهناك خامات متنوعة ومساحات كبيرة للعمل وطرحت بالفعل المنتج الخاص بي، والذي ساعدني في دعم أسرتي وحالياً أصبح لدي براند خاص بي ولاقى رواج كبير وصدى على صفحات التواصل الافتراضي المختلفة.
وقمت بعمل شراكات مع ماركات مشهورة وعرض منتجاتي في البازارات حتى أتمكن من الوصول لأكبر عدد ممكن من المهتمين بالمنتجات اليدوية.
بما أنك مغتربة، فماذا عن التحديات التي تواجهكِ أثناء العمل على مشروعكِ؟
عندما جئت إلى مصر قدمت المفوضية السامية لنا مجموعة من دورات تدريبية في عدد من الحرف المتنوعة وقد وجدت نفسي في صناعة الإكسسوار وبدأت بالفعل على مشروعي.
وأحد أكبر التحديات التي واجهتني تتمثل في التمكن من العمل بالنحاس فلم أكن احترف ذلك سابقاً ولكنه هام ومختلف، وهو ما اعتبرته أمر يحتاج التعامل معه كي يصبح لدي مشروع مميز ومختلف.
وبدأت في الدراسة ومنها دورة مع منظمة الغذاء العالمية واتقنته مع الوقت لما له من علاقة وطيدة بالحضارات سواء المصرية أو النوبية السودانية واستطعت تنفيذ طقم اسمه "القمر بوبا" والذي أصبح مميز ومطلوب.
والخطوة القادمة سأقوم خلالها بالتعاقد مع لحام حتى أتمكن من المنتج كون دخول اللحام تطور هام، والفترة القادمة أيضاً سأركز على عمل الفضة ويليها الذهب.
المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر خاصة إن كانت للنساء عادة ما تجد الكثير من المعوقات والتي تحتاج لعمل دؤوب كي يتم تخطيها والكثيرات يقعن في فخ الإحباط وبالفعل لا يكملن ما بدأنه.
وقد واجهني كذلك عدد من الصعوبات ومنها التسويق للمنتج الخاص بي في البلد المضيف لأن الأفكار مختلفة وهو أمر عملت عليه لفترة طويلة من خلال استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في الوصول لأكبر قدر من الجمهور السوداني ومنه للمصري كذلك.
وهناك عائق آخر يتعلق بمحاولتي للحفاظ على الثقافة المحلية السودانية حتى لا تندثر مع مرور الوقت خاصة لدى من تركوا وطنهم وباتوا مقيمين لدى البلد المضيف.
وحملت تلك المسؤولية في نقل ثقافتي المحلية للبلد المضيف. من خلال ما أقوم بإنتاجه قدر الممكن وقد استطعت العمل على ذلك وإظهار تقاليد وأفكار وثقافة مجتمعية سودانية من خلال المشغولات التراثية التي أعمل على إنتاجها.
كما أن السوق المصري مختلف عن السوداني وهو أمر يحتاج لدراسة حتى أتمكن من التعامل معه وخلق جمهوري المستهدف حتى أستطيع الترويج لمنتجي لديه وهو أمر يتطلب أن يصبح لدي ما يميزني عن الآخرين حتى يصبح هناك إقبال على منتجاتي لكون هناك تنافسية عالية جداً في هذا المجال.
هل السودانيات لديهن أزمات مع الدول المضيفة خاصة خلال الوقت الحالي؟
هناك الكثير من التعقيدات في التعامل مع الشعوب المضيفة خاصة أن هناك توجه لعودة السودانيين لوطنهم مرة أخرى وهو ما جعلني أفكر في أن يكون لمنتجي حضور في السودان وكذلك في مصر كوني مقيمة هنا.
الآن السودان في مرحلة البناء ولابد أن يكون لنا دور في ذلك التوجه، وهو ما جعلنا نفكر في العودة، فضلاً عن حالة القلق والمخاوف من المستقبل وهو ما يجعلنا في حيرة من أمرنا هل نعود أم نبق في البلد الذي بتنا مستقرين نسبياً فيه.
فالتعامل مع فكرة العودة للسودان من عدمها سيكون القرار فيها فردي بحسب رغبة وتقدير كل شخص على حدى ولن يكون هناك تحرك جماعي.