ثورة المرأة في إقليم شمال شرق سوريا... مسيرة نحو الحرية (1)

حققت نساء إقليم شمال وشرق سوريا، المنخرطات في الثورة منذ 12 عاماً، عشرات الإنجازات التاريخية، واستطاعت المرأة أن تملأ محتوى ثورة المرأة بنضالها وعملها.

برجم جودي

كوباني ـ في التاريخ، كان هناك دائماً خطان متعارضان أحدهما كان الحرية ضد العبودية، والمقاومة والنضال ضد الاضطهاد والقمع، الأمر الذي ينطبق على النساء اللواتي أسسن الحضارة في المجتمع الطبيعي وقدن المجتمع على مستوى الآلهة، لكن نتيجة للوعي الأبوي، تغير تاريخهن وبقين طوال 5 آلاف عام في العبودية من قبل المجتمع والحضارة.

 

أصبحت أيديولوجيا القائد أوجلان أرضية لثورة المرأة

وفي مواجهة آلاف السنين من العبودية، عبر التاريخ، فإن النساء اللواتي أستمدين قوتهن وإيمانهن من عشتار وإنانا، لم تخضعن وقاتلن في كل المراحل التاريخية، وتحدثت النساء في بلاد ما بين النهرين والشرق الأوسط والعالم عن حريتهن وحقوقهن ووجودهن في كل فرصة ولكن أكثر من أي وقت مضى، تضع النساء في القرن الحادي والعشرين الحرية والعبودية على جدول أعمالهن.

ومع انتشار فكر القائد عبد الله أوجلان، الذي يلفت الانتباه بشكل ملموس إلى مشكلة حرية المرأة ويطرح الحلول لهذه المشكلة، دخل نضال المرأة مرحلة جديدة، وقدم القائد أوجلان للنساء علم الجنولوجيا وإيديولوجية تحرير المرأة وعشرات الأفكار المختلفة المتعلقة بالمرأة، لذلك أخذت زمام المبادرة وقادت جميع النساء، واستطاعت أن تنفذ أيديولوجيا القائد أوجلان لحرية المرأة في الممارسة العملية وتبدأ ثورة المرأة في روج آفا كردستان في 19 تموز/يوليو 2012.

 

انتعش مشروع حرية المرأة مع ثورة 19 تموز

مع بداية ربيع الشعوب عام 2011 في الشرق الأوسط، الذي وصلت موجاته إلى سوريا، منذ 15 آذار/مارس 2011 وحتى الآن تستمر الأزمة. في هذه الأثناء، رأى الشعب في روج آفا الفرصة للقيام بثورة وقام بتنفيذها. الثورة التي انطلقت كانت من أجل الوجود والأرض والهوية واللغة والثقافة والاستقلال، ولهذا اختارت النساء اللواتي نظمن أنفسهن وفق أيديولوجيا القائد أوجلان أن تبدأن ثورة المرأة.

ومن هذا المنطلق، أخذت المرأة زمام المبادرة في كل مجال، واستطاعت عام بعد آخر أن تحقق إنجازات مختلفة من خلال نضالها. أكثر من مجرد التحرر من وعي الدولة القومية، طورت النساء في روج آفا الوعي ضد النظام الأبوي وطبقته في إنشاء الإدارة الذاتية.

وفي مجالات السياسة والقانون والاقتصاد والتعليم والخدمات العسكرية والإدارة والاجتماعية والدبلوماسية وغيرها كان حضور النساء ظاهراً لذلك فإن النموذج الذي يطبق حالياً في إقليم شمال وشرق سوريا، جذب انتباه نساء العالم أيضاً لذلك قامت العديد من النساء بزيارة روج آفا، والنساء اللواتي لم تتمكن من الوصول إلى إقليم شمال وشرق سوريا، تعبرن عن فضولهن من خلال ورش عمل عبر الإنترنت بالإضافة إلى ذلك، انضمت العشرات من النساء الأمميات للثورة وشاركن في مجالات مختلفة، كما تمت دعوة وفود من إقليم شمال وشرق سوريا عدة مرات لتبادل خبراتهم والمشاركة في بعض ورش العمل الدولية.

 

لقد حققت ثورة المرأة العشرات من الإنجازات التاريخية

لقد خلقت ثورة 19 تموز نموذجاً جديداً لحياة المرأة، لذا تعتبر هذه الثورة أهم إنجاز تاريخي لها مما لا شك فيه أن نضال المرأة لم يقتصر على الثورة، بل حققت إنجازات أكبر يوماً بعد آخر. في البداية، عهدت النساء بنضالهن داخل الثورة إلى فلسفة "Jin jiyan azadî" فالمرأة هي مصدر الحياة الحرة، فبدون حرية المرأة لا يمكن أن يوجد مجتمع حر، لذلك تم الاستناد على هذه القواعد في النهج الكامل للمرأة وتنظيمها.

ومن ناحية أخرى، يتم استخدام نموذج الرئاسة المشتركة في جميع الإدارات ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وقوى الدفاع. وفي المجال القانوني، تم إنشاء قوانين المرأة ومجالس العدالة النسائية بالإضافة إلى المؤسسات العامة التي تمثل فيها المرأة 50%، هناك منظمات نسائية مستقلة مثل مؤتمر ستار، دور المرأة، وحدات حماية المرأة (YPJ)، قوات الأمن الداخلي النسائية، قوات الحماية الاجتماعية النسائية، اتحاد الشابات، مجلس المرأة السورية، حركة الهلال الذهبي، وأكاديميات تعليمية خاصة، ومجلس عدالة المرأة، وهيئة المرأة، وتنسيقية المرأة، وتجمع نساء زنوبيا.

بالإضافة إلى إنشاء القنوات التلفزيونية والوكالات والإذاعة والمجلات النسائية بهذه الخطوات أو الإنجازات، تستعيد المرأة وتصحح تاريخها المشوه فالإبداع النسائي الذي دُفن منذ سنوات، يزدهر من جديد.

 

"غيرنا محتوى الثورة بنضالنا"

وتحدثت فلك يوسف الرئيسة المشتركة للهيئة الإدارية الإقليمية لمقاطعة الفرات، عن ثورة المرأة بمناسبة 8 آذار "ثورتنا اسمها ثورة 19 تموز، لكن هذه الثورة لم تحدث بين عشية وضحاها فبالنسبة لنا نحن النساء، كان هناك نضال وعمل طويل الأمد، حيث تولت نساء مثل ساكينة جانسيز وبيريتان وزيلان زمام المبادرة في بناء المنظمة النسائية، لذلك فإن هذا الإرث أصبح الأساس الذي استخدمناه في تعليمنا وتنظيمنا، لذا عندما بدأت ثورتنا سميت بثورة المرأة".

وأضافت "في البداية، أخذت المرأة زمام المبادرة ومن ثم أصبح بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً في كل مجال وبعد ذلك، وفي سياق هجمات المرتزقة على مقاطعات روج آفا وخاصة في هجوم داعش، قادت النساء مرة أخرى انتصار ودحر الهجمات بقيادة مقاتلات وقادة وحدات حماية المرأة ومع هذه السلسلة من النجاحات والانتصارات التي حققتها، أثرت المرأة محتوى ثورة المرأة ودفعت المجتمع أيضاً إلى القبول بذلك، ولم تقتصر ثورتنا على روج آفا، بل توسعت تدريجياً ولهذا السبب فإن ثورة إقليم شمال وشرق سوريا هي ثورة وطنية شملت كافة الفئات والمكونات التي تعيش في هذه المنطقة".

 

تركن بصمتهن على تاريخ نضال المرأة

ولفتت فلك يوسف إلى إنجازات المرأة مع ثورة روج آفا "المرأة صاحبة تراث نضالي عظيم، والإنجازات التي حققتها نساء إقليم شمال وشرق سوريا جعلت إرث المرأة أقوى وأكبر فإن نظام الرئاسة المشتركة، هو نتاج نظام الأمة الديمقراطية، ويتم تطبيقه بنجاح في جميع مناطقنا وهذا الأسلوب يبني التوازن بين الجنسين ويمهد الطريق لبناء نظام ديمقراطي وبيئي وبالإضافة إلى المؤسسات والهيئات العامة القائمة، تم أيضاً افتتاح مؤسسات مستقلة للمرأة، والآن هناك العشرات من المؤسسات التي تتعامل بشكل مباشر مع المرأة في كافة المجالات تحت رعاية التنظيم النسائي".

وأشارت إلى أنه "عندما نتحدث عن إنجازات المرأة، فهذا لا يعني أننا حررنا المرأة والمجتمع بالكامل من الذهنية المتخلفة، لكن خلال هذه الأعوام الـ 12 من عمر الثورة، تم اتخاذ خطوات تاريخية ومهمة أصبحت الأساس لبناء النظام الذي نريده، وإذا كان نظام الأمة الديمقراطية أيضاً قد وصل إلى هذا المستوى، فإنني أؤكد أن ذلك بفضل قيادة المرأة ونضالها، لذلك يمكننا القول إنه كما استطاعت نساء العالم من خلال نضالهن إحداث تغييرات في بعض جوانب الحياة، فإن نساء إقليم شمال وشرق سوريا خطون أيضاً نفس الخطوة ومن خلال إنجازاتهن تركن بصمتهن في تاريخ نضال المرأة".

 

غداً: ثورة المرأة في إقليم شمال شرق سوريا... المرأة تحمي إنجازاتها