التعليم باللغة الأم يضمن وجود المجتمعات وبقاءها (5)

عندما نقول التعليم باللغة الأم فإن هذا لم ينبع من الفراغ، لأن الأم هي الرائدة والمدافع الأول عن اللغة

غالية أحمد رائدة في ثورة اللغة الأم

قالت غالية أحمد إحدى الأمهات والمعلمات اللواتي كن رائدات في تعلم اللغة الأم في مرحلة حظر اللغة الكردية "النظام الذي حكم في ذلك الوقت حرمنا من فرص الدراسة والتعلم والتعليم. في المرة الأولى التي حملت فيها القلم تعلمت اللغة الكردية. كان عقلي لا يزال سليماً، ولم أتعلم أي لغة مختلفة، لذلك تعلمت لغتي بسرعة. كانت والدتي أيضاً مدافعة عن اللغة الكردية. لقد كانت تتكلم معنا باللغة الكردية الأصلية والفصحى في المنزل وبتلك الطريقة تعلمنا اللهجة أيضاً".
 
روج هوزان
قامشلو - . في الكثير من الأحيان نتحدث عن أساطير النساء في المجالات الرائدة ولكن هذا الإصرار لا يمكن تحديده إلا في شخص الأمهات الكرد. غالية أحمد تبلغ من العمر 50 عاماً وهي من أهالي قرية سحل التابعة لمنطقة تربسبيه في شمال شرق سوريا. كانت غالية أحمد واحدة من الأمهات اللواتي كن رائدات في ثورة اللغة الأم، وطورت أفكارها ورغباتها وحافظت على أحلامها وحققتها. عندما تعلمت لأول مرة تعلمت الكتابة والقراءة باللغة الكردية، وفي ثورة روج آفا حصلت على فرصة جديدة للتعلم والغوص في أعماق هذه اللغة. وبثقة وإصرار حصلت غالية على الشهادة وأكملت تعليمها بحرية في إطار ثورة اللغة. وللتعرف على غالية أحمد وإصرارها على تعلم لغتها الأم، التقينا معها لتحدثنا حول هذا الموضوع.
 
"عندما حملت القلم لأول مرة تعلمت اللغة الكردية"
لفتت غالية أحمد الانتباه إلى خطواتها الأولى في تعلم اللغة الأم "منذ ظهور أنشطة حركة الحرية في عام 1986 وحتى التسعينيات بذلنا جهود كبيرة وقمنا بعمل مقدس. في تلك الأوقات واجهنا الكثير من الصعوبات والعقبات لأننا كنا محرومين من التعلم بلغتنا الأم وفُرضت تقاليد المجتمع علينا نحن النساء بشكل خاص. قضى النظام الحاكم في ذلك الوقت بحرماننا من فرص الدراسة والتعليم والتعلم. حتى عائلتنا ومجتمعنا أيضاً كانا يطبقان نفس النظام علينا. كان لدي أحلام كبيرة متمثلة بالدراسة في المدرسة ولكن لم تتح لي الفرصة، ورغم ذلك لم أتخلى عن أحلامي وعملت على إحيائها. بعد ظهور حركة الحرية في روج آفا، انخرط العديد من الطلاب في أعمالها وأنشطتها، وكان أخي فرحان أحد هؤلاء الطلاب وبمساعدته حملت القلم لأول مرة وتعلمت اللغة الكردية. كرس لي ساعتين في اليوم ودربني على تعلم اللغة حرفاً تلو الأخرى. لقد استفدت بشكل كبير من أخي معنوياً، فقد جعلني أحب التعلم والدراسة أكثر وأقوم بتنمية حبي للتعليم أكثر. ليس لدي أي فكرة عن اللغة العربية، لقد تعلمت اللغة الأم بعقل سليم، لذا تعلمت بسرعة. وصل حبي إلى مرحلة الارتباط مع لغتي الأم وقمت بالعديد من الأبحاث لذلك انتقلت من القراءة والكتابة إلى قراءة الكتب. كانت والدتي أيضاً مدافعة عن اللغة الكردية. لقد تحدثت إلينا باللغة الكردية الأصيلة والفصحى في المنزل وبهذه الطريقة تعلمنا اللهجة أيضاً".
 
"نحن الأمهات تولينا زمام المبادرة في ثورة اللغة الأم"
وعن عملها في مجال تعليم اللغة الأم في المجتمع قالت "أردت أن أكمل تعليمي، وعندما كان القائد عبد الله أوجلان موجداً في المنطقة توجه الكوادر المتخصصون في اللغة الأم إلى روج آفا وعلموا الناس لغتهم الأم سراً. كانت معظم دروس تعليم اللغة تعطى في منازل الوطنيين ومرة أخرى تولينا نحن الأمهات ريادة ثورة اللغة. وعندما تعلمنا تولينا المسؤولية وقمنا بتعليم مجموعات من الشعب، انتقلنا من منزل إلى آخر وكنا نخفي كتبنا وأقلامنا تحت ملابسنا فلم نكن نستطيع حملها بأيدينا لأن النظام البعثي كان حاكما، ولم يكن يسمح لنا بتعلم لغتنا. بالطبع، التعلم في مرحلة البلوغ والطفولة ليس متشابهاً بسبب دور العمر والعقل، لذلك كانت مدة تدريبنا تطول في بعض الأحيان. وعلى هذا النحو، قمنا لأعوام بتعليم مجموعات من الناس لغتهم الأم. جميع إنجازاتنا كانت سراً ولكننا تمكنا من غرس حب اللغة الأم في المجتمع وفي نفس الوقت قمنا بتطوير العمل الجاد في العديد من المساعي. تعلمت اللغة ولكني بقيت أجد ذلك قليلاً بالنسبة لي لأن أحلامي كانت أوسع وأكبر من التعلم فقط. صحيح أنني تزوجت وأصبح لديّ عائلة ومسؤوليات، لكني كنت أفكر في تحقيق إنجازات أكبر في مجال التعليم. في القرية التي تزوجت فيها، قمت بالتعليم ولكن هذه المرة لم يكن طلابي من الأمهات، بل كانوا شباباً صغاراً في السن. كان هناك استجابة إيجابية من جميع الشباب في القرية وبهذه الطريقة تلقوا هم أيضاً التعليم بلغتهم الأم".
 
"أردت أن يكون الجيل القادم من المدافعين عن اللغة"
وحول تطبيق تعليم اللغة الأم بعد الثورة في روج آفا أوضحت "في عام 2013، عندما بدأت الثورة في روج آفا، توجه مدرسو اللغة الكردية من مخمور إلى روج آفا وبطريقة رسمية قاموا بتعليم جميع أفراد المجتمع. كنت محظوظة حيث أتيحت لي الفرصة مرة أخرى لأتعلم بحرية في قريتي مع مدرسين متخصصين. هذه المرة لم أكن طالبة كنت أتلقى تدريباً على التدريس، أردت ألا أنسى التعليم الذي تلقيته وأعد الجيل القادم ليصبحوا مدافعين عن اللغة الأم. عندما سمع الرفاق بأنني أقوم بتعليم الشباب في المنزل فرحوا كثيراً، لأن الاهتمام بلغتنا والحفاظ عليها شيء مهم وقيم للغاية. كنت أبذل جهوداً كبيرة لتعليم الطلاب لذلك شعرت أنني كنت مدرسة رسمية. لقد كنت سعيدة جداً بذلك. اخترت موضوعات للطلاب وفقاً لأحلامي وبذلك كانوا يتعلمون بشكل أفضل. في ثورة روج آفا ولأول مرة وقفت أمام السبورة وكتبت الحروف الكردية بفخر كبير. كانت تظهر بعض أخطائنا أحياناً فيما يتعلق بقواعد اللغة الكردية لكن إمكانياتنا كانت بهذا القدر. كما واصلت تدريبي اللغوي في معاهد اللغة حتى حصلت على شهادتي. لم يكن هدفي الحصول على شهادة، كان هدفي هو التجاوب مع لغتي الأم وتحقيق أحلامي".
 
"الأمهات يتحملن مسؤولية تعليم اللغة"
دعت غالية أحمد جميع الأمهات إلى تعليم أبنائهن بلغتهم الأم وترسيخ لغتهم في طبيعتهم الجوهرية "لقد رأيت أن الكثير من التقارير ترفع بحق العديد من شبابنا الذين يذهبون إلى مدارسنا بالتالي يحرمون من الدراسة، وتحت مسمى القومية والأمة يطبق هذا الظلم على أطفالنا. من ناحية أخرى، في السابق كان يتم معاقبة من يتحدث بلغته الأم في المدرسة وكان هذا من أنواع التعذيب وبهذه الطريقة كان الناس يحرمون من طبيعتهم التي خُلقوا عليها. عندما يقولون لغة نتذكر الأمهات، أمي كردية، وقد جذبتني إلى الاهتمام والارتباط بلغتي. جميع أمهاتنا اللواتي يقدن هذه الثورة صاحبات جهود مشرفة ومحل تقدير واحترام. أقول إن الأمهات اللواتي لم يسمحن لأطفالهن بالتحدث بلغتهم تسببوا في ضرر كبير لأنفسهم. أمهاتنا هن المسؤولات عن تعليم لغتهن الأم. اليوم حققنا النتائج الصحيحة في ثورة اللغة بفضل شهداء الحرية. لا أحد يستطيع أن يقف في طريق تعلم اللغة، وأنا أدعو جميع المجتمعات لتعريف أنفسهم بلغتهم الخاصة والتعلم بها".
 
https://www.youtube.com/watch?v=YQcnsNwJnp4&feature=emb_title
 
https://www.youtube.com/watch?v=h3to9g61Vi4