تونس ما بين القمع والصمود... ندوة تكشف الانتهاكات التي تطال المطالبين بحقوقهم
نظمت منظمة العفو الدولية ندوة صحفية لتقديم تقريرها الذي حمل عنوان "لا نطالب سوى بحقوقنا وكرامتنا تونس ـ حين يجرم النضال من أجل الحقوق" سلطت من خلاله الضوء على الانتهاكات التي طالت المواطنين لمجرد مطالبتهم بحقوقهم.

نزيهة بوسعيدي
تونس ـ أكدت المشاركات في الندوة الصحفية التي نظمتها منظمة العفو الدولية، على تصاعد التضييق على الحريات في تونس، خاصة فيما يتعلق بالحق في الاحتجاج السلمي والعمل النقابي والدفاع عن الحقوق البيئية والاجتماعية، إضافة إلى تأنيث الفقر والتهميش الذي طال العاملات في القطاعات الهشّة.
سلّط تقرير منظمة العفو الدولية، الذي عُرض في ندوة صحفية مساء أمس الأربعاء 18 حزيران/يونيو تحت عنوان "لا نطالب سوى بحقوقنا وكرامتنا تونس ـ حين يجرم النضال من أجل الحقوق"، وقالت منسقة المنظمة سمر سحيق إن التقرير سلط التقرير الضوء على نمط مقلق من التجريم المتواصل للتحركات السلمية للمواطنين والمواطنات والنقابيين والنقابيات والسياسيين والسياسيات بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية أو الإضرابات التي تتعلق بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
ولفتت إلى أن التقرير لا ينفصل عن سياق دولي يعيش هجمة كونية واسعة لاتشبه بعضها من حيث الشكل لكن تلتقي في جوهرها من خلال رفض الظلم والتمييز والمطالبة بالعمل والحرية والمساواة واستعادة السيادة والكرامة الإنسانية من مسيرات العمال في الأرجنتين وتشيلي إلى الرافضات لسياسة التقشف والتجويع في مخيمات دارفور وميادين الخرطوم حيث النساء يقاومن المجاعة والاغتصاب والسلاح، ومن خلال قافلة الصمود التي تحدت الحصار على غزة وفضحت حدود الصمت الدولي ومن قارب مادلين الذي يواجه الغطرسة الإسرائيلية المستمرة ومواصلتها لعدم احترام القانون الدولي أمام أعين الجميع إلى المسيرة العالمية نحو غزة التي عبرت عن رمزية المقاومة العابرة للحدود رغم ويلات الحصار والمنع وصولاً إلى موجات الغضب في الصخيرة وبرقو ومنزل بوزيان حيث يطالب الأهالي بالمياه الصالحة للشرب وبيئة صالحة للعيش.
وأشارت إلى أن التقرير وثق من نيسان/أبريل 2020، وحتى كانون الثاني/يناير من العام الجاري، العديد من التضييقيات التي مسّت 90 شخصاً وجهت له اتهامات على خلفية نشاطاتهم، مضيفةً أن تلك الانتهاكات التي طالتهم وقعت في العديد من الولايات منها صفاقس، تونس، سليانة والقيروان.
وأكدت أن توثيق الانتهاكات بالنسبة لمنظمة العفو الدولية هو عمل دقيق جداً يقوم به الباحثون والباحثات في العالم وفق بروتوكول عمل يتضمن احترام شهادات الضحايا وكتابتها وتوثيقها والاستماع إلى الضحية أو كل شخص حاضر في قضية الانتهاك واللجوء إلى المحامي أو المحامية في حال وجود قضية وطلب التقارير الطبية أن كانت موجودة وطلب الملف القضائي لنوعية الانتهاك.
ولفتت إلى أن توثيق الانتهاكات خاصة بعد الخامس والعشرين من تموز/يوليو، والذي لم يكن سهلاً، وهذا ما تؤكده العديد من المنظمات الوطنية والدولية التي ترى "أننا أصبحنا نعيش ظروف الخوف والتضييق على الفضاء العام بصفة عامة كما أصبح الولوج إلى الملفات القضائيّة إلى شهادات الضحايا وشهود العيان صعبة للغاية لذلك أصبحنا نعيش الحالة من الرعب والخوف من كل شيء".
ناشطات ملاحقات
وتعرض التقرير للملاحقات التي شملت شخصيات عامة منها عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر التي تم القبض عليها في تشرين الأول/أكتوبر 2023 ووفقاً للتقرير بعد أيام من الإعراب للمرة الأولى عن عزمها الترشح في الانتخابات الرئاسية شرعت السلطات القضائية في إجراء تحقيقات متعددة معها ذات دوافع سياسية واستخدمت السلطات تهمة تعطيل حرية العمل إلى جانب تهم جنائية أخرى للقبض عليها، بينما كانت تقوم باحتجاج سلمي، وفيما بعد فتحت السلطات ما لا يقل عن أربعة تحقيقات منفصلة ثم تم ادانتها وحُكم عليها بالسجن لمدة 16 شهر بسبب آرائها المنتقدة.
وطالبت منظمة العفو الدولية، بالإفراج عنها دون قيود أو شروط وإلغاء القرار الجائر بإدانتها والحكم عليها واسقاط جميع التهم الموجهة إليها.
شهادات
وقالت المحامية وعضوة الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حميدة الشايب خلال الندوة "كنت أعمل كمحامية لعاملات الحضائر اللاتي كن تعملن في ظروف قاسية بمعتمدية الصخيرة في ولاية صفاقس.
وأكدت أن "قضية العاملات انطلقت بتنظيم وقفة احتجاجية سلمية في الرابع من نيسان من 2020 أمام المعتمدية بعد تقليص ساعات العمل والأجور فتم اتهام العاملات بتعطيل العمل ومعاقبتهن بالسجن لمدة أربعة أشهر، فاعترضنا على تلك الأحكام واعتبرناها جائرة وعنف مسلط من مؤسسات الدولة على النساء وتكريس للمزيد من التهميش والتعميق وتأنيث الفقر كما أنه كان تعسفاً ممنهجاً على حق النساء في العمل والأجر اللائق".
وأشارت إلى أن محضر البحث تضمن الكثير من الخروقات منها عدم الاطلاع على المحاضر بل تم ايهامهن بأنها تتضمن التزاماً بعدم العودة إلى الاحتجاج كما كانت هناك عاملة ضريرة من بين العاملات ولم يتم الإشارة لذلك "أن الطريق لا زال طويلاً لافتكاك حقهن في العمل اللائق ورفض كل عنف مسلط ضدهن خاصةً عاملات الحضائر بمعتمدية الصخيرة اللاتي تعشن وضعيات صعبة جداً".