نساء "سند" يرفعن صوت ذوات المعتقلين في وجه الغياب القسري
نظّمت مجموعة "سند" وقفة احتجاجية بمدينة السويداء السورية، شكلت صرخة جماعية تعبر عن الألم العميق والمعاناة المستمرة لذوات المختطفين والمعتقلين.
روشيل جونيور
السويداء ـ تحاول نساء السويداء في كل مناسبة وفعالية رفع المطالبات بالحرية لأبنائهن وبناتهن، في مواجهة الغياب القسري والصمت الرسمي.
وجّهت نساء مجموعة "سند" المشاركات في الوقفة التي نظمتها اليوم الأحد 9 تشرين الثاني/نوفمبر في ساحة الطرشان بالسويداء، نداءً مؤثراً باسم جميع الأمهات، إلى الجمعيات الإنسانية والمنظمات الحقوقية حول العالم، مطالبات بإيصال صوتهن إلى المجتمع الدولي، وتحميل الجهات المعنية مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية في الضغط لكشف مصير أبنائهن وبناتهن المختطفين، والعمل الجاد من أجل إطلاق سراحهم.
وأكدت المشاركات أن بين المعتقلين والمختطفين شباناً في مقتبل العمر، بعضهم لم يتجاوز العشرين عاماً، وقد انقطعت أخبارهم منذ أشهر، مشيرات إلى أن عدداً منهم لا يزال محتجزاً في سجن عدرا المركزي، حيث بدأ السجناء هناك إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استمرار احتجازهم دون توجيه أي تهم رسمية، فقط بسبب انتمائهم الطائفي، في انتهاك صارخ لمبادئ العدالة والمساواة.
"لا نطلب سوى حقنا"
ليندا أبو خطار الحلبي، وقفت تحمل صورة ابنها الشاب، وقالت بصوت يملؤه الألم والأمل "اختطفوه من داخل بيته، دون أن يرتكب أي ذنب، نطالب بعودة جميع المختطفين والمختطفات، لا نطلب سوى حقنا، ونناشد العالم أن ينظر إلى قضيتنا من منظور إنساني، وأن يمدّ لنا يد العون".
رغم الألم الذي يعتصر قلبها، لم تفقد، كسائر الأمهات اللواتي فُجعن بفقدان أبنائهن قسراً، بصيص الأمل، وتؤمن أن هذه الوقفات المتكررة هي السبيل الوحيد لإبقاء صوت الأمهات حيّاً في وجه النسيان والتجاهل، ولتذكير العالم بمعاناة لا يجب أن تُهمّش أو تُنسى.
"رمز لصمود المجتمع المحلي"
ومن جانبها، عبّرت الناشطة إيناس الحرفوش، عن إصرار الأهالي على معرفة مصير أحبّتهم، مؤكدةً أن هذا الحق لا يمكن التنازل عنه "نشارك أسبوعياً في وقفات احتجاجية بمدينة شهبا، للمطالبة بحرية المعتقلين والمختطفين، من حق كل أسرة أن تعرف مصير أبنائها، دون أن تُخضع للابتزاز المادي أو المعنوي".
وأضافت "نقف إلى جانب الأمهات في وقفة إنسانية، جئنا اليوم إلى السويداء لأن صوتنا بات يُسمع عالمياً، ونطالب المسؤولين، والمنظمات الدولية، بالكشف عن مصير أبنائنا".
واعتبرت أن الحراك السلمي الأسبوعي في مدينة شهبا تحوّل إلى رمز لصمود المجتمع المحلي في وجه القمع والتهميش، وترى أن "نقل مكان الوقفة الاحتجاجية إلى قلب مدينة السويداء اليوم يحمل رسالة قوية مفادها أن الأهالي لن يلتزموا الصمت بعد الآن، وأن صوتهم سيظل حاضراً في مواجهة الظلم والغياب القسري".
نداء إنساني
ومن مجموعة "سند"، قالت جمانة ناصيف، إحدى المشاركات في تنظيم الوقفة "جئنا اليوم إلى السويداء لنكون صوت المختطفين والمعتقلين المضربين عن الطعام، أوضاعهم مأساوية وخطرة للغاية، فبينهم قاصرون لم يتجاوزوا الثامنة عشرة، ومرضى، وآخرون لا يزالون محتجزين في الزنازين الانفرادية، نحن هنا لنُسمِع صوتنا لكل من يملك ذرة من إنسانية، ونطالب بتحرك عاجل لإنقاذهم".
وشدّدت على أن الوقفة ليست مجرد فعل احتجاجي، بل نداء إنساني يهدف إلى تذكير العالم بأن وراء كل رقم إنساناً حياً، ووراء كل معتقل عائلة تترقب، مطالبةً المنظمات الدولية والحقوقية بالتحرك العاجل لزيارة السجون السورية، والاطلاع المباشر على أوضاع المعتقلين، لا سيما أولئك الذين دخلوا في إضراب عن الطعام منذ أيام، احتجاجاً على ظروف احتجازهم.
وفي ختام الوقفة، تقدّمت دانا نور، شقيقة أحد المختطفين، لتروي بحزن عميق قصة اختطاف شقيقها الذي لا يزال في ريعان شبابه "أُخذ أخي دون أي ذنب، من مواليد 2006، واحتفل بعيد ميلاده وهو خلف القضبان، وقد بلغ اليوم 19 عاماً، لم يحمل سلاحاً يوماً، نطالب الجهات المعنية بحقوق الإنسان بالتحرك العاجل لفك أسر المختطفين المحتجزين في سجن عدرا، والاعتراف بمظلوميتهم قبل فوات الأوان".
وتبقى أصوات الأمهات في السويداء وشهبا شاهداً حياً على معاناة لا تعرف النسيان وصرخة إنسانية لا تنطفئ، فكل صورة مرفوعة، وكل دمعة ذُرفت، وكل نداء أُطلق، هو تذكير بأن خلف القضبان أرواحاً تنتظر العدالة، وأهلاً يتشبثون بالأمل. وبين الألم والصمود، تواصل مجموعة "سند" وذوو المختطفين نضالهم السلمي، مؤمنين بأن الإنسانية لا تُقاس بالسياسة، وأن الحرية حق لا يُساوَم عليه.