"نساء غزة ينهضن من بين الركام"... لقاءً رقمياً موسعاً

بينما تنهض نساء العالم للاحتفال بحقوقهن، تقف نساء غزة وسط الدمار، تناضلن للبقاء في وجه حرب أبادت الأرواح وسلبت الحياة.

نغم كراجة

غزة ـ في شهر المرأة العالمي، وفي ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة، نظّم مركز شؤون المرأة في غزة، أمس السابع عشر من آذار/مارس، لقاءً رقمياً موسعاً تحت عنوان "الثامن من آذار: نساء غزة ينهضن من بين الركام"، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات نسوية وحقوقية محلية ودولية، إلى جانب نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان، بهدف تسليط الضوء على التداعيات المأساوية للحرب المستمرة منذ خمسة عشر شهراً على النساء والفتيات في قطاع غزة.

 

المرأة في قلب المأساة الإنسانية

افتتحت اللقاء آمال صيام، مديرة مركز شؤون المرأة باستعراض الأوضاع الكارثية التي تعانيها النساء الفلسطينيات جراء الحرب، مشيرة إلى أن النساء والأطفال يشكّلون أكثر من 70% من إجمالي الضحايا، حيث قتلت أكثر من 12,298 امرأة، وأصيبت أكثر من 35 ألف أخريات منهن 2000 حالة إعاقة دائمة، ما فاقم الأعباء الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على الأسر الفلسطينية.

وأكدت أن الفلسطينيين في غزة واجهوا نزوحاً قسرياً غير مسبوق حيث اضطر مليونا شخص إلى الهروب من مناطقهم بحثاً عن الأمان ولكن "لا مكان آمن في غزة"، إذ تعرضت حتى مخيمات النزوح للقصف والتدمير، وما زالت آلاف العائلات تعيش في ظروف قاسية داخل خيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.

 

انتهاكات جسيمة بحق النساء وفق القانون الدولي

وفيما يتعلق بالإطار القانوني للانتهاكات التي تعرضت لها النساء في غزة، أكدت ميرفت النحال، منسقة وحدة المساعدة القانونية بمركز الميزان لحقوق الإنسان، أن ما حدث يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي، مشيرة إلى أن القوات الإسرائيلية انتهجت سياسة ممنهجة لاستهداف النساء، سواء عبر القصف المباشر، الحصار، أو تدمير المرافق الصحية، مما أدى إلى حرمان آلاف النساء، وخاصة الحوامل والمريضات بأمراض مزمنة من الرعاية الصحية الأساسية.

وأضافت أن الاستهداف المباشر للمدنيين والهجمات العشوائية على المناطق السكنية، إلى جانب الحرمان المتعمد من الغذاء، الدواء، والمياه، كلها انتهاكات جسيمة تستوجب تحركاً دولياً عاجلاً لمحاسبة مرتكبيها.

 

شهادات حية... الألم الذي لا ينتهي

في إطار الوبينار، تم عرض شهادات حية لنساء عايشن الحرب، من بينهن باسمة اشليح، التي روت كيف فقدت العديد من أفراد أسرتها نتيجة القصف العشوائي، واضطرت إلى النزوح عدة مرات بحثاً عن الأمان دون جدوى.

أما ميساء نصار، وهي أسيرة محررة، فقدمت شهادة مؤثرة عن تجربتها في السجون الإسرائيلية خلال الحرب حيث اضطرت للنزوح من منزلها في مخيم البريج إلى بيت أهلها في مخيم النصيرات بعد قصف المنطقة، لكن سرعان ما تعرض منزل أهلها أيضاً للقصف، مما أدى إلى مقتل والديها وأفراد من عائلتها، فيما أصيبت بحروق وكسر في الجمجمة، وأصيبت ابنتاها بجراح خطيرة، وابنها بكسر في الجمجمة والقدم.

بعد لجوئها إلى مدرسة البريج، تعرضت ميساء نصار للاعتقال خلال اجتياح عسكري، وخضعت لتحقيق قاسٍ استمر 11 يوماً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يتم الإفراج عنها عند معبر كرم أبو سالم حيث التقت بزوجها وابنها، لكنها لم تتمكن من العثور على ابنتها جودي التي تم نقلها للعلاج في الخارج، دون أي معلومات عنها.

 

توصيات ومطالب عاجلة

في ختام اللقاء، شدد المشاركين على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لدعم النساء الفلسطينيات، عبر توصيات أبرزها، تمكين المرأة الفلسطينية في مختلف مراحل العملية السياسية، لا سيما في جهود إعادة الإعمار وصياغة السياسات الوطنية، وإنشاء شبكة تضامن نسوية عربية تضم منظمات نسوية لدعم نساء غزة، وتوسيع التعاون بين المؤسسات النسوية والمجتمع المدني لتعزيز حقوق النساء الفلسطينيات وحمايتهن.

كذلك شدد المشاركين على تنسيق الجهود للمشاركة في الفعاليات الدولية؛ لتسليط الضوء على معاناة النساء في غزة على المستوى العالمي، واتباع نهج تكاملي في إعادة إعمار غزة، بحيث يشمل الجوانب الإنسانية، الاقتصادية، والاجتماعية، لضمان تحقيق تنمية مستدامة، إلى جانب تنظيم وتنسيق توزيع المساعدات الإنسانية لضمان وصولها بشكل عادل لجميع سكان القطاع، دون تكرار أو تمييز.

 

صرخة نساء غزة للعالم

في يوم المرأة العالمي، تجسد معاناة النساء الفلسطينيات في غزة الوجه الأشد قسوة للحرب، هنّ ليسوا مجرد أرقام في تقارير حقوق الإنسان، بل أرواح أنهكها النزوح، أجساد أُرهقت بالجراح، وأمهات فقدن أحباءهنّ، وأسيرات عانين خلف القضبان.

اليوم، ومع استمرار الهجمات، يتجدد النداء العاجل للمجتمع الدولي للتحرك الفوري من أجل وقف الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات في غزة، وضمان محاسبة القوات الإسرائيلية على انتهاكاتها الجسيمة، لأن العدالة المؤجلة، ليست سوى ظلم مستمر.