مزارعات زركان: أرضنا وبيئتنا بحاجة إلى الحماية

طالب المزارعون والفلاحون في قرى زركان التابعة لمدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، مؤسسات حماية الأرض والبيئة بحماية أراضيهم من هجمات الاحتلال التركي التي تؤثر على بيئتهم.

سوركل شيخو

زركان ـ تشكل الأراضي الزراعية أكثر من ثلث أراضي كوكب الأرض وهي أهم نظام بيئي لحياة الإنسان، منها الحقول الزراعية والمراعي المتنوعة، فهي التي توفر الغذاء بالدرجة الأولى، للحيوانات بدءاً من الطيور إلى الحشرات والديدان والأشجار.

تدمر الحروب بشكل عام التنوع البيئي، وتزيد من التلوث وتساهم بشكل كبير في التدهور البيئي، ومن المهم جداً إدراك الجرائم التي ترتكبها الدولة التركية ضد البيئة وتستخدمها كسلاح، حيث تؤدي الحرائق وغيرها من أساليب الحرب الحديثة إلى تدمير الحياة البرية والتنوع البيولوجي والأراضي الزراعية بشكل مباشر، كما أن تأثير القنابل والصواريخ تلحق الضرر بالأراضي الزراعية بشكل كبير، لذا لا يعود بإمكان المزارعين زراعة أراضيهم بسلام، كما أن القذائف التي تصطدم بالأرض تلحق الضرر بالتربة وتقتل الكائنات الحية الموجودة فيها.

في إقليم شمال وشرق سوريا، يقوم الاحتلال التركي بتدمير النظام البيئي عمداً منذ عدة سنوات، وحيث لوثت الحرب المياه والتربة والهواء، وأصبحت المناطق غير آمنة للعيش، بالإضافة إلى ذلك، تتغلغل المواد الكيميائية الناتجة عن استخدام المدافع والأسلحة الثقيلة إلى التربة، مما يسبب المزيد من الضرر للأرض التي يحصل الناس منها على طعامهم وتحصل الحيوانات منها على غذائها.

 

هجمات ودعم المؤسسة الزراعية

وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها من المؤسسة الزراعية في مدينة زركان التابعة لمقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، فإن هناك 400 ألف دونم من الأراضي الزراعية في المجمل، 160 ألفاً منها تديرها الإدارة الذاتية والباقي محتلة، ويستخدم المزارعون حالياً 582 بئراً للمياه، وبحسب الخطة الزراعية لهذا العام، قام المزارعون بزراعة نحو 74 ألف دونم من القمح، و20 ألف دونم من الحمص والفول وأنواع أخرى، بالإضافة إلى زراعة 10.000 دونم من الكزبرة، وعلى هذا الأساس، فإن الذين يواجهون الآن كل مخاطر الهجمات وينفذون خطتهم الزراعية، يريدون توفير الغذاء الآمن للشعب، كما يعمل في الأرض 1500 فلاح ومزارع.

وحتى في خضم الهجمات اليومية، وبكل مواردها المحدودة تقوم مؤسسة الزراعة بتقديم الدعم من خلال توفير البذور والأسمدة والوقود الزراعي.

 

الهجمات على الزراعة

وفي العامين الماضيين، تعطل ما يقارب من 100 بئر بسبب الهجمات البرية التي شنها الاحتلال التركي على الأراضي الزراعية، وخروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من الاستثمار يؤثر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي، وبالإضافة إلى ذلك، أصيب العديد من المزارعين والرعاة وقُتلت الحيوانات في هذه السنوات.

شاهة محمد أم لـ 7 فتيات و6 أولاد من قرية أم هرملة التي تتعرض للقصف بشكل يومي، اضطرت لترك القرية والعيش في منزل على طريق القرية، وعن سبب مغادرتها القرية قالت "لم نعد نجرؤ على البقاء في منازلنا بسبب القصف، فاضطررنا إلى إحضار دجاجنا وأبقارنا والاستقرار على الطريق المؤدي إلى القرية، كانت لدينا أرض وقد تركناها ورائنا، فخط النار يفصل بيننا وبين المرتزقة".

وأضافت "يستهدفنا الاحتلال التركي بشكل مباشر ويقصف منازلنا، لقد تعرض منزل ابن أخي للقصف، وأصيبت زوجته، وأصيبت ابنة أختي أيضاً نتيجة وقوع الحائط عليها عند قصف منزلهم، ففي الساعة الثانية منتصف الليل، وبينما كان الجميع نائمين في منزلهم، تم قصف القرية وسقط المنزل عليهم، تعرض المنزل للقصف من جهة وذهبت أراضينا الزراعية من جهة أخرى، أثناء القصف تخاف الحيوانات أيضاً مثل الكلاب والأبقار والدجاج، لذا نبقيها معنا في غرفة إلى أن يتوقف القصف".

 

"الأرض أيضاً تتأثر بالقصف"

وأفادت شاهة محمد أن عائلتها تملك أرضاً، ولكن بسبب سياسات وهجمات الاحتلال التركي وتقسيم الأرض، أصبحوا مزارعين عند غيرهم من الناس "لا البيت ولا الأرض، كلاهما حرمنا منه، والسبب هو هجمات الاحتلال التركي، الأرض أيضاً تتأثر بالقصف، حيث تحدث الحفر وتموت خلاياها وتنتشر شظايا القذائف فيها، فالأرض أيضاً لها روح".

 

"حياتنا وروح الأرض ليست لعبة"

واختتمت شاهة محمد حديثها بالقول "في الوقت الذي لا يستمع فيه أحد إلينا، سنطالب من؟، ومن سنناشد لوقف هذه الهجمات وإطفاء نار الحرب حتى نتمكن من العودة إلى منازلنا بأمان؟ ما نريده ونطالب به هو أن تتوقف الحرب، عندما تتوقف وينتهي القصف، سنعيش براحة في بيوتنا ونزرع أرضنا، ونعيش بسعادة فالزراعة هي حياتنا، وحياتنا وحياة هذه الأرض وأرواحنا ليست لعبة، ولا بد أن يتم وضع حد لهذه الانتهاكات".

 

"يسبب تلوث وتسمم التربة ومخاطر على الأمن الغذائي"

من جانبها قالت هدية العبيد من قرية مركدة في الحسكة، وهي تقطن في ريف زركان منذ 4 سنوات "تم استهداف أراضينا الزراعية، وأصيبت اثنتين من أبقاري، في ذلك الوقت كان هناك 35 عاملاً يجمعون القطن في الحقل، لكن لحسن الحظ أن القذيفة سقطت بجانبهم وإلا لم يكن أحد منهم سيسلم، الأرض مليئة بقطع وشظايا القذائف، مات اثنان من العاملين في أرضي، لقد قُصفت منازلنا، وأينما نظرت ستجد أنه تعرض للقصف".

 

"يقتلون خلايا الأرض وكائناتها الحية"

وتابعت "التربة هي الأكثر تأثراً، بسبب المواد الموجودة في تلك القذائف وما تحتويه من حديد ونحاس، وهذا بشكل عام سام للتربة فهي أيضاً مثل الناس تتأثر بكل شيء، تخيل مدى الضرر الذي تسببه القذائف عندما تضرب أو تصطدم بأشخاص أو منزل، وتخيل مدى تأثيرها عندما تضرب الأرض الزراعية وكيف تقتل خلاياها وكل الكائنات الحية الموجودة فيها، ولكن لكي يعيش الناس، عليهم أن يزرعوا، ولهذا السبب نقوم بزراعة القمح والقطن والسمسم والكزبرة والكمون والبطيخ، فالإنتاج الزراعي يدعم اقتصاد منطقتنا".

 

نداء إلى المنظمات البيئية: أرضنا تحتاج إلى الحماية

وبينت هدية العبيد إن أرضهم متعبة جداً وكذلك الحالة النفسية للمزارعين بسبب الهجمات، موجهةً نداء "أمننا الغذائي وبيئتنا وحياتنا كلها في خطر، كمزارعة من خطوط النار أناشد المؤسسات التي تحمي الأرض والبيئة أن تسمع صوتنا وتأتي لنحمي هذه الأرض معاً، فأرضنا أيضاً تحتاج إلى الحماية".