"‬ميكوكو" فيلم ينتصر لحقوق النساء بالانخراط في الحياة السياسية

شهد مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية عرض فيلم "ميكوكو" للمخرجة التوغولية أنجيلا أكيريبورو، والذي سلطت الضوء من خلاله على قضايا النساء ومشاركتهن في الحياة السياسية والعراقيل التي تواجههن من المجتمع الذكوري.

رجاء خيرات

المغرب ـ تناول فيلم "ميكوكو" قضية تمكين المرأة سياسياً، حيث تقرر "ديلا" زوجة عمدة المدينة الترشح لانتخابات البلدية رغم شكوكها في قدرتها، وتواجه خيانة زوجها ومحاولاته لتشويه سمعتها، لكنها تتغلب على كل العراقيل وتفوز لتعكس بذلك قدرة النساء على القيادة والتغيير.

تتواصل فعاليات المهرجان الدولي للسينما الأفريقية بخريبكة في دورته الخامسة والعشرون بعروض سينمائية تلامس قضايا النساء في عدد من الأفلام التي تم عرضها والتي سلطت الضوء على العقلية الذكورية السائدة في المجتمعات الأفريقية كحرمان النساء من الحق في الإرث والحرية وصعوبة انخراطهن في الحياة السياسية و غيرها من القضايا.

كان لجمهور المهرجان الدولي للسينما الأفريقية بخريبكة في المغرب في دورته 25 مساء أمس الاثنين 23 حزيران/يونيو موعد مع فيلم "ميكوكو" للمخرجة التوغولية الذي سلطت الضوء على أهمية انخراط النساء في الحياة السياسية، كشرط أساسي للتغيير سواءً تعلق الأمر بتغيير القوانين أو العقليات.

وتدور أحداث الفيلم حول "ديلا" امرأة متزوجة من عمدة مدينة يسمى "ميكوكو"، تصطدم بهذا الأخير عندما يصدر قرار عن بلدية المدينة التي يرأسها، يقضي بهدم سوق شعبي وبناء مركز تجاري عصري بدل عنه، وتحاول "ديلا" أن تقنع زوجها بالعدول عن المشروع الذي سيقضي على مستقل العديد من النساء اللواتي تمارسن نشاطات تجارية بالسوق ومنهن شقيقة ديلا، لكنه يصر على رأيه مما يدفعها لأن تجتمع بنساء وبعض رجال السوق لتناقش الأمر، فيعرضون عليها أن تترشح للانتخابات البلدية حتى تتمكن من إيقاف القرار، وتشكل فكرة التقدم للانتخابات مسألة مستبعدة كلياً عن ذهن ديلا التي تعتقد بأنها مجرد امرأة ولن تستطيع تسيير بلدية مدينة مثل "ميكوكو" لكنها في نهاية الأمر تكتشف أن زوجها يخونها مع إحدى نساء السوق التي كانت تخبره بكل ما يقع أثناء اجتماعات ديلا بتاجرات وتجار السوق، وهنا تنهار ديلا ثم تستجمع قواها وتقتنع أخيراً بأنها ليست أقل شأنا من زوجها وتمضي في مغامرة الترشح للانتخابات وتفوز في نهاية الأمر رغم كل العراقيل التي كان يضعها هذا الأخير في طريقها المس بسمعها وشرفها، حتى يصرفها عما تنوي فعله وحتى لا تنافسه، لكنه في نهاية الأمر يستسلم ويهنئها بفوز مستحق كنوع من الاعتراف بأن النساء قادرات على تحمل المسؤوليات السياسية.

وعلى هامش المهرجان أكدت المخرجة التوغولية انجيلا أكيريبورو، أن النساء في دولة التوغو لم تتخلصن بعد من الاعتقاد بأن السياسة خلقت من أجل الرجال، في حين أن النساء ليست لهن القدوة على خوض غمار السياسة، لافتةً إلى أن إيمانها بأن التغيير لن يأتي على طبق من ذهب، إنما يفرض انخراط النساء في العمل السياسي ليكون لهن صوت قادر على تغيير القوانين والأوضاع السائدة في مجتمع التوغو.

وحول وضعية النساء في التوغو قالت، إن المرأة التوغولية شأنها شأن بقية النساء في العديد من المجتمعات، رغم التفاوتات، مازال ينقصها الإيمان بنفسها وبقدراتها حيث أنها تعود دائماً إلى الخلف لتفسح المجال للرجل حتى يتواجد في الصفوف الأمامية في كل المجالات ليس في السياسة فقط، وذلك إيماناً منها بأنها أقل شأنها منه، وبالتالي فالفيلم موجه لكل النساء، مضيفةً أنها كانت وما تزال تؤمن بأن العالم لو كانت تقوده النساء لكان مختلفاً.

وعن دعم بعض الرجال لبطلة الفيلم "ديلا" أشارت إلى أنها تحمل فكراً نسوياً يؤمن بدور الرجال والنساء و العمل معاً من أجل تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، وأنه كما تكون المرأة خلف الرجل لدعمه فإن المرأة كذلك تحتاج لكي يكون الرجل خلفها لمساندتها، وقد أرادت من خلال ذلك أن تقول للمتفرجين الرجال إن هناك رجال يؤمنون بالمساواة ويدعمون النساء.

وعما إذا كانت السينما قادرة على تغيير الوضعية التي تعيشها النساء، أكدت أن السينما يمكن أن تعلب دوراً مهماً في تغيير العقليات في النهوض بأوضاع النساء "عندما أصبح باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فإن ذلك كان بفضل سلسلة اسمها "24 كرونو" وهو مسلسل أمريكي شهير عُرض بين عامي 2001 ـ 2010.

وتستمر مدينة خريبكة المدينة المنجمية والعمالية (عاصمة الفوسفات) في الاحتفاء بالسينما الأفريقية، تنصت لحكاياتها، وتعرض همومها وقلقها وصوتها حول ما يقع من حولها، حيث تحتضن إبداعات العديد من المخرجات والمخرجين من مختلف دول القارة السمراء على الشاشات الكبرى، لتجسد العمق المغربي الأفريقي، من خلال هذا التلاقح والتناغم في الرؤى الفنية المتنوعة.

ويثبت المهرجان خلال هذه المحطة أنه يمثل لحظة اعتراف بالمبدعين الذين حملوا على السينما الأفريقية خلال العقود الماضية، وفرصة لفتح الأبواب أمام جيل جديد من المخرجات والمخرجين لسرد حمايات أفريقية بلغة جديدة تساير العصر وتعبر عن آمال وطموح هذا الجيل.