سيما بحوث: القمع الممنهج على نساء أفغانستان أمر غير مقبول على الإطلاق
حذرت وكيلة الأمين العام والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، من التدهور المستمر في أوضاع النساء والفتيات في أفغانستان، مؤكدة أن القمع أصبح أكثر منهجية ومرسخاً ضمن قوانين وهياكل رسمية.

مركز الأخبار ـ تشهد أوضاع النساء في أفغانستان تدهوراً متسارعاً منذ سيطرة طالبان على البلاد، حيث تفاقمت القيود المفروضة على حقوقهن شملت معظم جوانب الحياة العامة والخاصة، مما أدى إلى حرمان الملايين من النساء من التعليم والعمل والرعاية الصحية.
في جلسة مجلس الأمن المنعقدة في 23 يونيو/حزيران 2025، قدمت سيما بحوث، وكيلة الأمين العام والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إحاطة مهمة حول الوضع في أفغانستان، ركزت فيها على التدهور المستمر في أوضاع النساء والفتيات الأفغانيات.
وقالت "اسمحوا لي أن أبدأ بالإشادة بهذا المجلس الموقر على وحدته التي أظهرها في مارس/آذار بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، بما في ذلك الاعتراف بالحقوق الأساسية للمرأة وإعادة تأكيد دورها الذي لا غنى عنه في المجتمع، لن يتحقق السلام والاستقرار والازدهار في أفغانستان إلا بإعمال الحقوق والحريات الكاملة لنسائها وفتياتها".
وأكدت أن التصعيد الأخير في الشرق الأوسط بما في ذلك في إيران موطن أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني، أدى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الإقليمي والعالمي، مشيرةً إلى أن تنامي انعدام الأمن الإقليمي والعالمي لن يؤدي إلا إلى تعميق المصاعب التي تواجهها النساء والفتيات الأفغانيات، مما يفاقم الفقر والنزوح والعنف والحرمان "إنهن وجميع النساء والفتيات في كل مكان تستحقن السلام، أؤيد جميع الدعوات لاختيار الدبلوماسية، وتهدئة الأوضاع واحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
ولفتت إلى أنه منذ أن قُدمت إحاطة للمجلس بشأن أفغانستان قبل تسعة أشهر، ازداد واقع النساء والفتيات الأفغانيات سوءاً، مؤكدةً أنه لم يُرفع أي قيد بل أصبح القمع أكثر منهجية، وتحجر في هيكلية وقانون.
وأوضحت سيما بحوث أنه في خضم هذه الأزمة المتفاقمة، غالباً ما تُهمل دعوة النساء الأفغانيات إلى العالم ألا ينسى أمرهن "مع التحولات الجيوسياسية العديدة، وتزايد عدم الاستقرار العالمي، والأزمات الإنسانية المتعددة التي يُصارعها العالم، ينصرف انتباهنا، ولا يعود إليهن إلا عند الإعلان عن الحظر التالي وتصبح حياتهن أكثر تقييداً".
وشددت على أنه رغم قرارات مجلس الأمن المتعددة التي تُطالب بوصولٍ آمنٍ ودون عوائق للعاملات في مجال الإغاثة، فإن قدرة الأمم المتحدة وشركائها على تقديم خدماتهم للنساء الأفغانيات قد تقوّضت بشكلٍ كبير، فالعوائق القانونية والبيروقراطية التي تفرضها السلطات القائمة تُصعّب أكثر من أي وقتٍ مضى توظيف النساء بأمان، بل وحتى الوصول إليهن، كل ذلك في حين أن التخفيضات الكبيرة في التمويل تُسفر عن عواقب وخيمة أكثر فأكثر.
وأكدت على أنهم مستمرون ويقدمون خدماتهم مع فريق الأمم المتحدة القطري، تُواصل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بذل قصارى جهدها لدعم النساء الأفغانيات في تجاوز القيود المُفرطة، وتُوفّر مرافق مُنفصلة للمرافقين الذكور (المحارم) "نتفاوض باستمرار مع السلطات القائمة بشأن الاستثناءات".
ونوهت إلى أن النساء الأفغانيات تستمررن بقيادة الطريق حيث أنهن قمن بافتتاح المدارس السرية بصمت، وبنّين حياةً في تلك المساحات الصغيرة المُتبقية لهن، وأظهرن تصميماً لا يتزعزع حتى عندما تعثر العالم.
وأضافت أن ثلث السكان معظمهم من النساء والأطفال، يواجهون سوء التغذية، بل والجوع أحياناً خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، كما أغلقت مئات العيادات وأبلغت القابلات عن ارتفاع في عدد الوفيات، الأمهات، وآخذت مشاكل الصحة النفسية في الازدياد، وفقدت الفتيات إمكانية الحصول على الغذاء والتعليم، وأي رؤية لمستقبلهن.
وتؤكد أحدث البيانات الصادرة عن مؤشر النوع الاجتماعي في أفغانستان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والذي أُطلق الأسبوع الماضي، مساراً قاتماً، حيث أن قرابة 78% من النساء الأفغانيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 ـ 29 عام لا تعملن ولا تدرسن، ولا تتدربن، مما يجعل أفغانستان موطناً لواحدة من أوسع وأسرع الفجوات بين الجنسين نمواً في العالم، ويعد الرجال أكثر احتمالًا بثلاث مرات تقريباً من النساء لامتلاك حساب مصرفي أو استخدام خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول، كما وأن معدلات عنف الشريك الحميم آخذة في الارتفاع.
وتشير التقديرات إلى أن حظر التعليم وحده سيكلف أفغانستان 1.5 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، وعلى الرغم من مرور ما يقارب من أربع سنوات، لا يزال من الصعب فهم سرعة وحجم التراجع، ومدى سرعة محو حقوق المرأة، ومدى شمولية إزالة وجودها من الحياة العامة.
وقدمت سيما بحوث أربع توصيات للتعزيز من دور المرأة، أولاً أتخاذ تدابير لا تدعم أو تُطبّع عن غير قصد سياسات طالبان وأعرافها وقيمها التمييزية ويشمل ذلك المناقشات حول التعامل المنظم مع طالبان، من خلال عملية الدوحة، أو نهج موزاييك، أو غيرها من المنتديات الدولية، يجب ألا تُهمّش المرأة الأفغانية فشرعية واستدامة أي نتيجة تعتمدان على مشاركة المرأة الأفغانية الفعالة والآمنة والكاملة والمتساوية، يمكن للدول الأعضاء الممثلة هنا اليوم الالتزام بالمساواة بين الجنسين في جميع التعاملات الدبلوماسية مع السلطات الفعلية.
ثانياً يجب على المجلس دعم جهود المساءلة الجارية بفعالية، لأنه في وقت سابق من هذا الشهر، أصدر المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان تقريراً صادماً حول العوائق الشديدة التي تواجهها النساء والفتيات الأفغانيات في الوصول إلى العدالة والحماية.
يمتلك المجلس الأدوات والمسؤولية اللازمة للتصرف بحزم من خلال آلياته الخاصة، ويمكن للجنة مجلس الأمن المُنشأة عملاً بالقرار 1988 عقد جلسة مُخصصة تُركز على انتهاكات حقوق المرأة في أفغانستان، والنظر في توسيع معايير إدراجها لتشمل هذه الانتهاكات.
ثالثًا يجب على الجهات المانحة تخصيص الموارد، فالأعباء الكبيرة التي تُلقيها تخفيضات التمويل على جهود الاستجابة في أفغانستان، والتي تتطلب أكثر من أي وقت مضى من حيث الالتزام بمبادئ راسخة في ضمان حماية النساء والفتيات الأفغانيات وتمكينهن، كما ينبغي أن يُخصص ما لا يقل عن 30% من إجمالي المساعدات المالية المُقدمة لأفغانستان لدعم النساء والفتيات بشكل مباشر وتوجيه المساعدات المالية إلى المنظمات الشعبية التي تقودها النساء خاصة تلك التي تقف في طليعة جهود الاستجابة، وتبذل قصارى جهدها وتصل إلى النساء والفتيات حيث لا يستطيع أحد غيرهن الوصول إليها.
رابعاً يُعد الاستثمار في محو الأمية الرقمية للنساء والفتيات الأفغانيات أمراً بالغ الأهمية، فغالباً ما تكون الوسائل الرقمية هي السبيل الوحيد للحصول على التعليم والتدريب والاستشارات، ويمكن لمحو الأمية الرقمية والوصول إليها أن يدعما توسيع ونمو أعمال النساء الأفغانيات.
وقالت سيما بحوث، إن النساء الأفغانيات لم تستسلمن "يجب ألا نتجاهل الأمر يجب ألا نعتاد على وضعهن إن القمع الممنهج لعشرين مليون شخص لمجرد كونهن نساء أمر غير مقبول على الإطلاق".