خضوع التعليم تحت وطأة العنف في إيران

للعنف في النظام التعليمي الإيراني جذور هيكلية، يتكاثر بأشكال رمزية ونفسية وجسدية، في ظل الطاعة، وأيديولوجية الحكومة، وإهمال التعليم الحديث.

فيان مهربروار

مهاباد ـ يُعد النظام التعليمي أحد الركائز الأساسية لكل مجتمع؛ فهو مؤسسة يجب أن توفر مساحة آمنة ومتاحة للتعليم العلمي، وتعزز القدرة على التحليل والتساؤل والإبداع. إلا أنه في إيران، أصبح ذراعاً أيديولوجياً وقمعياً للحكومة.

في إيران يتم التعامل مع التعليم في ظل عوامل مثل التركيز على الطاعة، وإعادة إنتاج الهوية الأيديولوجية للحكومة، والتاريخ الثقافي والتعليمي الكلاسيكي، وإهمال علم النفس والتعليم الحديث، ونظام الهيمنة والسلطة، وتتمثل وظيفته الرئيسية أيضاً في السيطرة العقلية، والتوحيد الفكري، وإثارة الخوف، وإعادة إنتاج السلطة لتربية مواطنين مطيعين ومخلصين، يُعدّ العنف في هذه المؤسسة أحد أهمّ أدوات التجلّي على المستويات الرمزية والبنيوية والنفسية والجسدية، يتناول هذا التقرير، بالاستناد إلى بيانات ميدانية في شرق كردستان؛ العنف الذي يرويه ليس فقط الطلاب، بل أيضاً موظفو هذه المؤسسة.

 

من التمييز في الرموز والهياكل إلى إنكار الهوية وعسكرة المدارس

تشعر شبول. د، بالقلق إزاء المحتوى المناهض للمرأة في الكتب المدرسية، حيث قالت "في المحتوى التعليمي وحتى اللافتات حول المدرسة، يُهينون الفتيات، وإذا فعلن خلاف ذلك، فإنهم يصفونهن بالسيئة والشقية والمنحرفة".

كما لدى سيران. م، من إحدى قرى مهاباد، بعض أكثر ذكريات المدرسة مرارة "في أحد الأيام، قالت المعلمة بغضب إن الأطفال الفقراء لن يصلوا إلى أي مكان، وسينتهي بهم الأمر بتنظيف الخضراوات في أزقة القرية، أحياناً أعتقد أن سبب كل هذا هو فقرنا أو حدودنا أو هويتنا الكردية".

وفي قصة أخرى، قالت نيدا. أ "حتى لو تحدثنا كلمة كردية في الفصل، كانت المعلمة تعطينا صفراً، قالت إنه يجب علينا التحدث بالفارسية مع صديقاتنا".

تُعدّ هذه الروايات مثالاً على العنف الهيكلي والرمزي المُنتشر في المدارس الإيرانية، والذي يُصيب حتى المعلمين الذين يرفضون خدمة أيديولوجية النظام وسياساته، ففي روايات أخرى، يتحدث مُعلمان عن ضغوط النظام التعليمي؛ منهم لاله. ز، التي أُجبرت على التقاعد المُبكر لرفضها التعاون في قمع احتجاجات الطلاب عام 2022، وهيجان. ه، التي وُبِّخت لتدريسها اللغة الكردية.

وتجدر الإشارة إلى أن حدة هذا العنف قد وصلت مؤخراً إلى حدٍّ يسمح للقوات العسكرية، بناءً على مذكرة تفاهم مُشتركة بين وزارة التعليم والشرطة، بدخول المدارس لمسائل مثل فرض الحجاب الإلزامي.

 

التعليم من خلال الخوف والشعور بانعدام القيمة

ينشأ الطلاب الإيرانيون في بيئة لا يُعتبر فيها "ارتكاب الأخطاء" جزءاً من عملية التعليم، بل أمراً يُعاقَب عليه، فالخوف والخجل والضغط النفسي والقلق جزء من تجربتهم اليومية، حيث قالت لاوين. ش "لطالما اعتقدتُ أنه إذا لم أقم بواجباتي المدرسية، فسأُطرد، وعندها ستُشوّه سمعتي".

تختلط البيئة المدرسية في إيران بالإشراف الصارم والعقاب والإذلال والإكراه والمنافسة الشديدة، فهناك العديد من الطلاب الذين لم يختبروا مشاعر الخوف أو انعدام القيمة في الفصول والمدارس، هذا ما أكدت عليه سارة. ب "أُجبر ابني البالغ من العمر سبع سنوات وزملاؤه على تقليد صوت كلب لمدة نصف ساعة في الفصل لمعاقبتهم على كسر مزهرية".

 

الكدمات والصدمات في سياق إعادة إنتاج العنف

يُعدّ العقاب بالكابلات والعصي والمساطر، والصفع واللكم، وضرب الجسم بالكتاب، ووضع قلم رصاص بين الأصابع، وقرص الأذنين، وشد الشعر، وإجبار الطالب على الوقوف أو الجري، أمثلةً أخرى على العنف الجسدي في بعض المدارس، وكان أحدث مثال على ذلك تعذيب 13 طالباً في قرية كاراجو، بمحافظة سنه، بحجة فقدان سلك شاحن.

في نظام التعليم الإيراني التقليدي، كان العقاب البدني يُعتبر أحياناً أسلوباً شائعاً لتقويم السلوك، لكن إيران، في ظل غياب التثقيف المتعمق والمعالجة الصحيحة لهذا الأسلوب، تغض الطرف عنه رغم عدم قانونيته، ومع ذلك، فإن عواقب هذه السلوكيات العقابية وخيمة لدرجة أنها تثني الأطفال أحياناً عن الدراسة أو تُسبب أضراراً جسيمة لأجسادهم، ومن الأمثلة على ذلك طالبة تُدعى ثريا. ج، التي تمزقت طبلة أذنها بعد أن صفعها مدير مدرسة بشدة، وزينب. ت، التي واجهت صعوبة في التعلم بعد تعرضها للعقاب البدني، فامتنعت عن الذهاب إلى المدرسة، كما نُشرت تقارير بين الحين والآخر عن تعرض المعلمين للضرب على يد الطلاب، مما يُنذر بعودة العنف إلى المنظومة التعليمية.