حكم الإعدام ومقاومته من منظور نفسي
يُعدّ حبل المشنقة رمزاً للعنف السافر الذي يمارسه الاستبداد للقضاء على المستضعفين وترهيبهم وتثقيفهم؛ دون أن يُشكّل عائقاً أمام المقاومة المدنية.

فيان مهربارفار
مهاباد ـ يُعتبر لفّ حبل مشدود حول رقبة إنسان من أفظع أشكال العنف، فبعد تشكّل وترسيخ التسلسلات الهرمية في المجتمعات البشرية، أصبح القتل والإعدام عقاباً للقضاء على الآخرين أو فرض الطاعة، وقد وصل إرثه في نهاية المطاف إلى الحكومات الشمولية والأيديولوجية، التي حوّلته إلى أداة قمع.
الإعدام أداةٌ تُزهق أرواح العديد من المقاتلين والأحباء منذ عقود في بلدٍ مثل إيران، وبالطبع، استهدفت النساء بشكلٍ خاص، فلماذا تُستخدم هذه الأداة القمعية وكيف تدعمها الحكومات؟ في هذا التقرير، سنُحلل سيكولوجية الإعدام والقضايا المُحيطة به.
الإعدام أداة قمع وضغط
من طرق التعلم الاجتماعي للبشر الملاحظة، حيث تؤثر العديد من الأحداث في البيئة المحيطة على طبقات النفس البشرية، وتنعكس هذه الآثار تدريجياً في السلوك، وإن إصدار وتنفيذ أي حكم إعدام في الأنظمة الاستبدادية إما لإسكات الاحتجاجات أو الجرائم المستمرة، أو كوسيلة ضغط تمنع الآخرين من مواصلة هذه العملية، من خلال المراقبة والترهيب، فعلى سبيل المثال، في انتفاضة "Jin Jiyan Azadî"، أخافت السلطات الإيرانية الآخرين بإعدام المتظاهرين، وأرادت أيضاً إعادة إرساء سلطتها وإرادتها، التي كانت تُعتبر باطلة.
كما في ستينيات القرن الماضي، ومع المجازر والإعدامات في شرق كردستان، عقب قمع نضال الشعب الكردي من أجل الحرية، حكم على العشرات بالإعدام، والآن تستهدف مقاومة النساء الإيرانيات ونضالهن بإصدار أحكام الإعدام والتهديد بإعدام ناشطات مثل بخشان عزيزي، ووريشة مرادي، وشريفة محمدي، وبالنسبة للحكام، يُعدّ الإعدام حلاً نهائياً "لاستعادة السيطرة" ومنع انتشار الأفكار المهددة للحكم، بمعنى آخر، يُعدّ الإعدام نوعاً من "التضحية المُطهّرة" التي تُخفف من قلق وتوترات الحرية والتمرد الاجتماعي لدى صاحب السلطة، مع ذلك، لا تُشكّل هذه الممارسة عادةً رادعاً، ويُمكن اعتبار الإعدام شكلاً من أشكال التلاعب النفسي في اللاوعي، مصحوباً بممارسة الهيمنة واستعراض سلطة الحاكم على الشعب.
الإعدام أداة لتكثيف العنف والطاعة
على الرغم من الهيمنة واستعراض القوة، فإن إضفاء الطابع الرسمي على عمليات الإعدام يُفاقم دائرة العنف؛ دائرة قد تمتد إلى مجالات أخرى وتُدرّب الناس على الخضوع والسيطرة، ويحدث هذا بالطبع عندما تستحوذ السلطة الحاكمة على الشعب أو جزء منه، ومن أمثلة ذلك الموافقة على القضاء على المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم غير سياسية كالقتل والمخدرات.
كما أن مشاهدة مشهد الرجم أو إعدام امرأة محكوم عليها بالقتل تُعتبر إرضاءً لروح الانتصار في المجتمع الأبوي، دون الالتفات إلى جذوره، وفي هذه الحالات، حتى في حالة وقوع جريمة، يجب استبدال هذا الحكم بقوانين مُقننة، في مثل هذه الظروف، ومع دخول المجتمع في دائرة العنف، سيفقد حساسية قتل الآخرين، ولن يعود "الموت البشري" واضحاً، بل سيُسلّط الضوء على "سبب الإعدام"، وفي هذا السياق، ومن خلال خلق الانقسام والكراهية بين الناس، سوف يتزايد السلوك العنيف، وحتى النظرة العامة إلى إعدام النشطاء السياسيين والدينيين قد تتغير؛ كما هو الحال في الحالات التي يشعر فيها أنصار السلطة الإيرانية بالرضا عن إعدام المعارضين السياسيين للنظام أو البهائيين.
صرخة "لا للإعدام" سبيلٌ لحياةٍ حرة
حالياً، تُواجه أرواحٌ كثيرة خطر الإعدام في السجون الإيرانية، ولا يزال احتجاج المجتمع وصمته يُمثلان مدخلاً لحياةٍ حرة، وقد دأب مجتمع شرق كردستان، باعتبارها رائد في هذه الاحتجاجات، على التعبير عن معارضته بوعيٍ لسنواتٍ قبل وبعد الإعدامات السياسية، مستخدماً جميع أشكال النضال المدني، مثل الإعلام والإعلان على مستوى المجتمع، بل وحتى إغلاق المتاجر وتنظيم التجمعات الجماهيرية، وفي بعض الحالات، يسعى المجتمع المدني أيضاً إلى إلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق المحكومين بجرائم القتل، حتى لا تتسارع وتيرة العنف، ومن اللافت، في حالاتٍ مثل جمع التبرعات النقدية لسجينٍ حُكم عليه بالإعدام في بوكان بتهمة القتل خلال انتفاضة Jin Jiyan Azadî""، وأن الحكومة سعت إلى منع هذه العملية من خلال تدمير ثقة الشعب وتضامنه، وإن الاحتجاجات المستمرة مثل حملة "الثلاثاء لا للإعدام" داخل السجون وعلى مستوى المجتمع تشكل خطوة مهمة ومقاومة للديكتاتورية التي تريد ترسيخ حكمها المطلق واستبدادها في الوعي الشعبي.