بروين بولدان: سننجح هذه المرة وسنصنع السلام

أكدت عضوة وفد إمرالي التابع لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) بروين بولدان، على أهمية دمج مفاهيم الديمقراطية والسلام والتكامل ضمن إطار قانوني واضح لبناء عملية السلام.

مركز الأخبار ـ خلال مشاركتها في برنامج خاص على قناة JIN TV، تحدثت عضوة وفد إمرالي التابع لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) بروين بولدان عن قضايا محورية تطرقت فيها إلى تطورات عملية السلام وأهمية بناء مجتمع ديمقراطي شامل، كما استعرضت أبرز النقاط التي تناولها اللقاء الأخير مع القائد عبد الله أوجلان، مشيرةً إلى رؤيته حول الحل السياسي ودوره في الدفع نحو السلام والاستقرار في المنطقة.

أعربت بروين بولدان في حديث لها مع الصحفية نزهات دوغان في برنامج خاص أمس الثلاثاء الثاني من أيلول/سبتمبر على قناة JIN TV، عن تفاؤلها الكبير بالمرحلة الحالية من عملية السلام، مؤكدةً أنه "سننجح هذه المرة وسنصنع السلام، هناك فروق جوهرية بين المرحلة الحالية وما حدث في عام 2015، أبرزها الموقف الجديد لحزب الحركة القومية والفصيل القومي، ففي السابق كان كل من السيد دولت بهجلي، وحزب الحركة القومية والفصيل القومي يعارضون العملية بشكل مستمر ويسعون إلى عرقلتها، أما اليوم، فالوضع مختلف تماماً، حيث يمكن  القول أن  دولت بهجلي هو من أطلق شرارة هذه المرحلة الجديدة، وهو ما أكده السيد عبد الله أوجلان مراراً".

 

"سنقترب من السلام خطوةً بخطوة"

وقالت بروين بولدان "لم يكن هناك أي تواصل بين الدولة التركية والسيد عبد الله أوجلان قبل المبادرة التي أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي"، وأشارت إلى أن خطوة السيد دولت بهجلي التي شملت انضمامه  إلى صفوف حزب الديمقراطية ومصافحته لقياداته، والاتصال خلال اجتماع كتلته البرلمانية، فاجأت الجميع بما فيهم قاعدته الشعبية وشركاء الحكم  في حزب العدالة والتنمية وحتى نحن أنفسنا، حيث بدأنا نشعر بأننا نقترب خطوة بخطوة وهو ما لطالما آمن به سري ثريا أوندر".

وأضافت أن هذا التحول  يعكس عزيمة واضحة "فسر السيد عبد الله أوجلان  هذه الخطوة على أنها تدخل من عقل الدولة،  لا يمكن تصور أن السيد دولت بهجلي يتصرف بمفرده، فهناك عقل دولة يقف خلف هذه المبادرة، وهو عقل بدأ يرى أن السياسات السابقة تجاه الشعوب المضطهدة، وعلى رأسها الشعب الكردي كانت ظالمة وغير قانونية.

وعن الأوضاع في تركيا، لفتت إلى أن جميع فئات المجتمع، من الكرد إلى المعارضة والنساء، عانوا من القمع والخسائر، ما أثر سلباً على الاقتصاد والمجتمع والسياسة، مؤكدةً أن المرحلة الحالية التي تشهد إعادة ترتيب التوازنات في الشرق الأوسط تمثل فرصة تاريخية لتركيا لتحقيق السلام الداخلي "فإذا نجحت تركيا في ترسيخ السلام داخل حدودها، فإنها تمتلك فرصة كبيرة لتصبح دولة نموذجية في الشرق الأوسط، لأنها جزء لا يتجزأ من هذا الإقليم".

وأكدت بروين بولدان أن مفهوم التكامل يختلف جوهرياً عن مفاهيم السلام والديمقراطية  رغم  ارتباطها الوثيق، ونقلت عن السيد عبد الله أوجلان تأكيده على ثلاثة مفاهيم رئيسية في لقائهما الأخير، وهي المجتمع الديمقراطي، والسلام، والتكامل، مشيرةً إلى أنه لا ينبغي فصل هذه المفاهيم أو التعامل معها بشكل منعزل بل يجب اعتبارها حزمة واحدة ومتكاملة.

وشددت على ضرورة اتخاذ خطوات سريعة ومتزامنة لدمج هذه المفاهيم وتطبيق التكامل بشكل فوري "تم تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض وبدأت عملها بالفعل، وهدفها الأساسي  سن التشريعات اللازمة بأسرع وقت ممكن، لأن التكامل لا يمكن تحقيقه دون إطار قانوني واضح، نعم يمكننا الحديث عن السلام والديمقراطية والظلم وعدم الشريعة التي شهدتها تركيا، لكن التكامل يتطلب إجراءات عملية ملموسة".

وأوضحت أن المقاتلين الذين أتلفوا أسلحتهم بحاجة إلى العودة إلى تركيا، والمشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية، وهو ما يتطلب إزالة العقبات القانونية والسياسية التي تحول دون ذلك "أن هذا المسار لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تشريعات واضحة تصدر عن اللجنة المعنية، تضمن الحقوق وتفتح الطريق أمام اندماج حقيقي وشامل".

 

"من يملك الضمانات؟"

روت بروين بولدان  لقاءً مباشراً مع السيد دولت بهجلي عقب مراسم إتلاف الأسلحة، حيث عبر عن مشاعره تجاع الحدث بقوله "لقد كان حفلًا مهيباً ومنضبطاً للغاية وقد تابعته عن كثب، لكنني تمنيت لو أن المقاتلين الذين اتلفوا أسلحتهم عادوا إلى تركيا في اليوم نفسه، فهذا الأمر أحزنني كثيراً، أن عودتهم فوراً كانت ستمنح الحدث قيمة أكبر"، وردت بروين بولدان على حديثه موضحةً أن غياب البنية القانونية حال دون ذلك، فلو كانت البنية التحتية القانونية جاهزة، لكان من الممكن حدوث ذلك، لكن في ظل غياب إطار قانوني واضح، من يملك الضمانات؟ في بلد لا توفر فيه الدولة أي ضمانات، كان من المستحيل تنفيذ هذه الخطوة".

وتابعت أن هناك جهوداً جارية لسنّ القوانين اللازمة، وأن اللجنة المعنية بدأت بالفعل في تمهيد الأساس القانوني الذي سيسمح بعودة بعض من المقاتلين إلى تركيا والمشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية "أن هذا المسار مرتبط بالقوانين التي ستُقرّها اللجنة، دعوني أقولها بوضوح الآن، كل شيء يعتمد على ما ستقرره اللجنة من قوانين".

 

"لقد شُكّلت لجنة معنية بالقضية الكردية لأول مرة"

وشددت على ضرورة توضيح وظيفة اللجنة البرلمانية ومناقشة اسمها بشكل منفصل، وتطبيق مجموعة من القوانين واللوائح التي تساهم في معالجة القضية الكردية. وأضافت أن تشكيل اللجنة يمثل خطوة بالغة الأهمية  "لأول مرة في تاريخ تركيا يتم إنشاء لجنة برلمانية مرتبطة بالقضية الكردية، وإن لم تكن معنية بحلها بشكل مباشر، تأسست اللجنة عام 2015 لكنها لم تكن تضم تمثيلًا واسعاً، وكانت تفتقر إلى أحزاب رئيسية مثل حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، إلى جانب العديد من القوى السياسية الأخرى، أما اليوم فالوضع مختلف اللجنة تضم ممثلين عن جميع الأحزاب والمجموعات، بما في ذلك الأحزاب غير المنضوية ضمن كتل برلمانية، وهذا يمنحها قيمة كبيرة".

ورغم أهمية اللجنة، انتقدت بروين بولدان بطء وتيرة عملها، معتبرةً أن أداءها مرهق وغير فعال "للأسف، تحولت اللجنة إلى هيئة تكرّس وقتها للتنصت على المكالمات الهاتفية، وهذا توجه خاطئ يجب أن يتوقف فوراً، صحيح أن اللجنة استمعت إلى أصوات مهمة، مثل الشهداء، والمحاربين القدامى، وأمهات السبت والسلام، والضحايا ونقابات المحامين، وهذه خطوات مهمة لكن تمديد هذه الأنشطة لأشهر دون خطوات عملية واضحة هو  طريق مسدود".

 

"الوقت عنصر جوهري في معالجة هذه القضية"

واعتبرت أن التأخير في اتخاذ خطوات عملية قد يفتح الباب أمام الاستفزازات والتشويش المتعمد "الوقت ثمين للغاية وكل تأخير يمنح الفرصة للمخربين والمتربصين لإفساد المسار، هناك تحذيرات جدية من احتمالات الاستفزاز والوضع بالفعل عرضة لذلك، لذلك أدعو إلى الاسراع في بدء العمل التشريعي لأن تحديد القوانين التي يجب سنّها هو من صلاحيات اللجنة البرلمانية، وليس من حق أي طرف فرض توجهات بعينها، ولأن ما يسن من قوانين يجب أن يكون نتاج توافق داخل اللجنة".

وأوضحت أن هناك حاجة ملحة لقانون يضمن الاندماج وآخر يكرّس الحريات، كما أن مسألة تعزيز دور الحكومات المحلية قد تصطدم بنظام الوصاية الذي أصبح بحد ذاته عائقاً قانونياً وسياسياً، وأضافت أن نظام الوصاية  يهدد الحقوق الأساسية للمواطنين، مثل حق التصويت والترشح، مما يستدعي إيجاد حل جذري له، وإلا فلن تتمكن اللجنة من تحقيق حل شامل وعادل للقضية الكردية".

 

عبد الله أوجلان لديّ الكثير لأقوله للجنة

وأكدت بروين بولدان على أهمية أن تلتقي اللجنة البرلمانية بالسيد عبد الله أوجلان، معتبرةً أن تجاهل هذا اللقاء يُعد خطأً فادحاً في مسار الحل السياسي "من الضروري أن تتوجه اللجنة إلى جزيرة إمرالي، لأنها ستلتقي بالطرف الرئيسي في القضية وهو السيد عبد الله أوجلان لأنه يعد المحور الأساسي للعملية ويُطلق عليه حزب العمال الكردستاني لقب كبير المفاوضين، وعلى الجانب الآخر هناك الرئيس التركي والسيد دولت بهجلي، وأحزاب المعارضة وعلى رأسها أوزغور أوزيل إضافة إلى حزب الديمقراطية ورؤسائه المشاركين جميع هؤلاء أطراف فاعلة، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس" منتقدةً اقتصار التواصل على طرف دون الآخر  "لا يمكن اعتبار اللقاء مع طرف واحد فقط كافياً بينما يٌستثنى الطرف الآخر من الحوار، لو لم يتدخل السيد أوجلان ويطلب من حزب العمال الكردستاني عقد مؤتمره وحل الهيكلية التنظيمية، لما وصلنا إلى هذه المرحلة".

ونقلت بروين بولدان عن السيد عبد الله أوجلان رغبته في مخاطبة اللجنة مباشرة، حيث قال "لدي الكثير لأقوله للجنة، أريد أن أشرح بنفسي لماذا تأسس حزب العمال الكردستاني، ولماذا بدأ التمرد، ولما استمر القتال لخمسين عاماً، كان الثمن باهظاً للغاية، فقد آلاف الجنود والكرد أرواحهم، أريد أن أشرح لماذا بادرت بالحل ولماذا أنهيت الحرب".

 

"القضية الكردية لا تنفصل عن اللغة والهوية والثقافة"

وعن أهمية عقد لقاء مباشر بين اللجنة البرلمانية والسيد عبد الله أوجلان، أشارت إلى أن هذا اللقاء يمثل خطوة أساسية في دفع عملية السلام إلى الأمام "نحن لا نطالب بأن تسافر اللجنة بأكملها ولا أن يشارك جميع أعضاء الأحزاب لأن السيد أوجلان لا يرى الأمر بهذه الطريقة، نعتقد أن وجود ممثل واحد من كل كتلة برلمانية سيكون كافياً، مع وفد تمثيلي من خمسة أو سته أعضاء يمكنه أن يلتقي بالسيد عبد الله أوجلان ويساهم بشكل فعال في تسريع العملية وتمهيد الطريق نحو خطوات ملموسة".

وأشادت بروين بولدان بجهود رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، معتبرةً أن مساهماته في اللجنة لا تُقدّر بثمن، منتقدةً في الوقت نفسه موقف اللجنة من اللغة الكردية قائلة "كان من المؤسف ألا يُسمح لإحدى الأمهات بالتحدث بلغتها الكردية خلال جلسات الاستماع، كان يمكن توفير مترجم وقد عرض بعض الأعضاء مثل ميرال دانيش بشتاش القيام بالترجمة لكن لم يُسمح بذلك، هذا التصرف ألقى بظلاله على عمل اللجنة وكان من غير الصواب تجاهله".

وبينت أن الجمهور تفاعل بقوة مع موقف اللجنة من اللغة الأم، مؤكدةً أن هذا التفاعل كان مبرراً لأن القضية الكردية لا تنفصل عن اللغة والهوية والثقافة "الشعب الكردي لديه توقعات كبيرة من هذه اللجنة، خاصة فيما يتعلق بحقوقه الثقافية واللغوية، لكن علينا أن ندرك أن للجنة وظيفة محددة وهي ليست معنية بصياغة قوانين ديمقراطية شاملة لحل القضية الكردية بالكامل، لآن السيد عبد الله أوجلان لا ينظر إلى القوانين الديمقراطية كحل نهائي بل يرى أن بناء مجتمع ديمقراطي هو الأساس، ويجب أن تترجم هذه الرؤية إلى إطار قانوني يدعم منظمات المجتمع المدني ويمهد الطريق لتشريعات مستقبلية، لذلك علينا أن نُرسّخ هذا المفهوم قانونياً ونناقشه في السنوات القادمة وربما نصل إلى قوانين جديدة تُعزز هذا التوجه".

 

"تركيا تشهد مرحلة جديدة"

وشدّدت على أن تركيا تشهد مرحلة جديدة في مسار التحول الديمقراطي، وهي مرحلة تُبنى على مفهوم "المجتمع الديمقراطي" الذي لا يقتصر على الشعارات بل يتطلب تأسيساً قانونياً واضحاً يحدد الواجبات ويُرسي خطوات التنفيذ بشكل تدريجي ومدروس.

وفي هذا السياق، نقلت بروين بولدان تصريحات السيد عبد الله أوجلان خلال الاجتماع الأخير حيث قال  "انتهى التكتيك الأول والآن يبدأ التكتيك الثاني، المرحلة الأولى تمثلت في إتلاف السلاح وحل الهيكلية التنظيمية وتشكيل اللجنة، أما الآن فنحن أمام مرحلة جديدة حيث سيتم سنّ القوانين وسيبدأ مسار التكامل وسيصدر قانون الديمقراطية، لكن هذا لن يكون نهاية المطاف بل بداية لمناقشات جديدة".

وأوضحت أن هذه المرحلة لا يمكن تنفيذها دفعة واحدة، بل تتطلب خطوات متتابعة وتوافقاً سياسياً "أن التحول الديمقراطي الحقيقي لا يتم إلا من خلال بناء مؤسسات قانونية تضمن الحقوق والحريات، وتُمهّد الطريق أمام اندماج فعلي وشامل لكل مكونات المجتمع".

وأكدت بروين بولدان أن السيد عبد الله أوجلان يولي أهمية قصوى للإسراع في سن التشريعات من قبل اللجنة البرلمانية، معتبرةً أن ذلك يمثل خطوة حاسمة في المرحلة الحالية من عملية السلام "ما يريده السيد أوجلان الآن هو أن تبدأ اللجنة فوراً في إعداد القوانين اللازمة، لكن قبل ذلك هناك حاجة ملحة لإعداد تقارير تحليلية دقيقة، وهو ما يتطلب إرسال عدد من الأكاديميين إلى جزيرة إمرالي، هذه الخطوة كان ينبغي تنفيذها حتى قبل تشكيل اللجنة، بناءً على ما أكده السيد أوجلان نفسه" مضيفة أنهم يناقشون هذا الأمر حالياً وأن تمكنوا من ضمان  ذهاب الأكاديميين إلى الجزيرة وإجراء نقاش مباشر مع السيد أوجلان، وإعداد تقرير شامل يُقدَّم إلى اللجنة فسيكون ذلك بمثابة تأسيس متين للمرحلة المقبلة.

وأكدت أن هذا التقرير سيكون بمثابة مرجعية مهمة للجنة ويعزز من جدية العملية ويمنحها زخماً سياسياً وتشريعياً أكبر "إذا تم ذلك يمكننا القول إن الأمور بدأت تسير على أسس أكثر متانة، وأكثر قابلية للتطور البناء".

 

"الانتهاكات لا تقتصر على السياسة"

وعبّرت بروين بولدان، عن رفضها القاطع للظلم والانتهاكات القانونية التي يتعرض لها حزب الشعب الجمهوري والمعارضة في تركيا، لافتةً إلى أن هذه الممارسات تعيد إلى الأذهان ما عاناه الشعب الكردي لعقود "لن نقبل أبداً، ولا يمكننا القبول بهذا الظلم الذي يمارس ضد الشعب الجهوري، من تعين الوصاة إلى الاعتقالات والاحتجازات هذه السياسات هي امتداد لما واجهه الكرد لسنوات طويلة وما زال مستمراً حتى اليوم، هذه الانتهاكات لا تقتصر على السياسة، بل تمتد إلى الحياة اليومية، حيث يُمنع الناس من إقامة جنازاتهم أو تقديم تعازيهم، وحتى من استلام جثامين أبنائهم"، مشيرةً إلى أنه كيف يمكن الحديث عن عملية السلام بينما يحرم المواطن من دفن طفله أو التعبير عن حزنه؟ هذه المفارقة تُضعف الثقة وتُعمّق الجراح".

وأشارت إلى أن ما يواجهه حزب الشعب الجمهوري اليوم يُشبه ما حذّر منه الكرد سابقاً "كنا نقول دائماَ إذا لم يرفع الصوت ضد تعين الوصاة على البلديات الكردية فغداَ سيُعيَّنون على البلديات في الغرب، وستدركون حينها أهمية التضامن واليوم هذا ما يحدث بالفعل"، مؤكدةً أن حزب الديمقراطية وديمقراطية الشعوب يقف إلى جانب حزب الشعب الجمهوري في مواجهة هذه التجاوزات "أن الصمت لم يعد خياراً وأن التضامن بين القوى الديمقراطية هو السبيل الوحيد لمواجهة القمع واستعادة جميع الحقوق".

 

"هناك سلام وديمقراطية"

وعن تقييمها للمرحلة الراهنة، شددت بروين بولدان على التناقض الواضح بين الحديث عن السلام والديمقراطية من جهة وبين استمرار تعيين الوصاة على البلديات التابعة للأحزاب المعارضة من جهة أخرى، معتبرةً أن هذه الممارسات تمثل ضربة موجعة لمسار السلام، بل وتُفسَّر شعبياً على أنها تخريب متعمد له "الناس يرون في هذه الإجراءات إشعالًا للنار تحت عملية السلام، اليوم لم تعد هذه الرؤية مقتصرة على القاعدة الشعبية لحزب الديمقراطيين الكرد بل باتت قاعدة حزب الشعب الجهوري ترى الأمر بالطريقة نفسها".

ودعت إلى وقف هذه العمليات فوراً، لافتةً الانتباه إلى إعادة الاعتبار لرؤساء البلديات المعينين أوصياء، مثل أحمد تورك، أحمد أوزر، وإمام أوغلو، إلى جانب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والذي يعد خطوة رمزية إنجاح عملية السلام "هذه الإجراءات ليست مجرد مطالب سياسية، بل هي خدمة جليلة لمسار السلام، وعلى الحكومة أن تتعامل معها بجدية".

واستشهدت بروين بولدان بكلام السيد عبد الله أوجلان الذي وصف السلام بأنه "صعب للغاية" ويتطلب "تدخلات جراحية دقيقة"، مؤكدةً أن جميع الأطراف المعنية مطالبة بتهيئة الأرضية اللازمة للمساهمة في هذه العملية "لا يمكن الحديث عن التحول الديمقراطي في تركيا بينما تُشن عمليات ضد حزب الشعب الجمهوري، يجب أن يكون هناك موقف واضح من قيادته وقاعدته لدعم السلام، وتعزيز عمل اللجنة، والمضي قدماً نحو تحول ديمقراطي حقيقي، إذا كانت هناك نية لتولي السلطة مستقبلًا، فان احتضان عملية السلام يجب أن يكون جزءاً أساسياً من هذه النية، فالديمقراطية لا تُبنى على الإقصاء، بل على الاعتراف المتبادل والتعاون".

 

السلام يحتاج إلى تعميم

ونقلت عن السيد عبد الله أوجلان دعوته لجميع شرائح المجتمع إلى دعم عملية السلام، مشددة على أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق حزب المعارضة الرئيسي وحزب الشعب الجهوري الذي يواجه اليوم أكبر عدد من الهجمات السياسية والإدارية بما في ذلك تعيين أوصياء على مقراته المحلية، مضيفةً أنه لا يمكن لحزب الشعب الجمهوري أن يبقى على الهامش وعليه أن يحتضن هذه العلمية بكل قوته "لا يمكنني التواجد أثناء سير العملية، لن يُنقذ الوضع بل على العكس الانخراط الفعّال هو السبيل الوحيد للمساهمة في الحل".

وأكدت أن حزبها على تواصل مستمر مع جميع الأحزاب السياسية، بما فيها حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب العدالة والتنمية، موضحةً أن هذه اللقاءات تهدف إلى شرح أهمية العملية، وضرورة دعم السلام، وتوسيع نطاقه ليشمل كل مكونات المجتمع "أن السلام لا يمكن أن يكون مشروعاً محدوداً، إنه بحاجة إلى تعميم، إلى انخراط جماعي، وإلى إرادة سياسية شاملة من كل الأطراف".

 

"مسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً"

وقالت من "الضروري أن يدرك الجميع أهمية هذه القضية فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، وهي مسؤولية جسيمة لا يمكن تجاهلها، نحن نعي ذلك تماماً ولهذا نكرر دائماً اشرحوا الأمر، اشرحوا للجميع، اشرحوا أهمية السلام، وقيمته، ومعناه، وما فقدناه بسبب الصراع، والتكلفة الباهظة التي تكبدها هذا البلد نتيجة الحروب، في كل مكان".

ولفتت الانتباه إلى ما يسعى إليه حزب الديمقراطية بالفعل من خلال تنظيم الاجتماعات العامة، والتجمعات، واللجان التوعوية في مختلف المحافظات لشرح العملية السياسية وتفاصيلها، لكن هذه الجهود لا تكفي إذا اقتصرت على حزب واحد فقط، فالمسؤولية مشتركة، ويجب أن تتعامل جميع الأحزاب مع هذه القضية بنفس القدر من الحساسية والجدية، لذلك ينبغي على حزب الشعب الجمهوري، وحزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية أن يشاركوا بفعالية في هذا المسعى "صحيح أن بعض الأحزاب، مثل العدالة والتنمية والحركة القومية، يطلقون برامج تستهدف قواعدهم الشعبية من حين لآخر، لكن ذلك لا يكفي، هناك حاجة ملحة إلى المزيد من المبادرات التي تتواصل مباشرة مع المواطنين، وتشرح لهم أبعاد القضية، وتدفعهم للمشاركة الفاعلة".

وقالت بروين بولدان "لعل تجربة عام 2015 تقدم مثالًا واضحاً أحد أسباب الفشل في ذلك العام كان جاهزية الجمهور، في حين لم يكن السياسيون على نفس القدر من الاستعداد، أما اليوم فالوضع مختلف السياسيون مستعدون والجمهور كذلك، ما نحتاجه الآن هو أن يتوجه السياسيون إلى الناس وأن يبنوا جسور الثقة المتبادلة، لأن الثقة عنصر أساسي في حل هذه الأزمة، فإذا قامت كل جهة بشرح القضية لقواعدها الشعبية وأعدّت المجتمع لتقبل الحلول فإن وتيرة التقدم ستكون أسرع والنتائج ستكون أكثر فاعلية".

 

"إقليم شمال وشرق سوريا مسألة منفصلة وخاصة"

وصرّحت بروين بولدان أن السيد عبد الله أوجلان قد قيّم التطورات في إقليم شمال وشرق سوريا، وكذلك في عموم سوريا، مشيرةً إلى أنه ناقش هذه القضايا بشكل أساسي مع الوفد الحكومي "أعلم أنه ناقش السياسة التركية معنا، نحن وفد الحزب الديمقراطي في مرات محدودة فقط، أما بالنسبة لسوريا وروج آفا فهما خطان أحمران بالنسبة له، ويعتبرهما مسألة منفصلة وخاصة".

وأضافت أن السيد أوجلان اتخذ قرارات عدة بشأن سوريا، لكنه لم يجرِ أي تقييمات مباشرة مع وفد الحزب الديمقراطي حول سوريا أو روج آفا، مؤكدةً أنه يفضل التواصل مع الوفد الحكومي ويمنحه الأولوية في مناقشة هذه القضايا متى ما أتيحت الفرصة "عبر السيد أوجلان مراراً عن أهمية التواصل مع روج آفا وأبدى رغبته في الحوار معهم، ومناقشة توجهاتهم، ودراسة القرارات التي ينوون اتخاذها بشأن القضية الكردية، ورغم أن هذا التواصل لم يتحقق حتى الآن، أرى أن التقدم في العملية السياسية، وفتح قنوات الاتصال مع مسؤولي روج آفا، قد يساهم في تسهيل حل القضية بشكل أكبر".

 

"على تركيا أن تقف إلى جانب الشعب الكردي"

وأشارت بروين بولدان إلى تصريحات الحكومة التركية بشأن إقليم شمال وشرق سوريا، وقدّمت تقييماً واضحاً للموقف، مؤكدة أن على تركيا أن تقف إلى جانب الشعب الكردي في قضية روج آفا وفي الملف السوري بشكل عام، معتبرةً أن استبعاد الكرد، أو شن عمليات ضدهم، أو محاولة القضاء على المكاسب التي حققوها، لا يخدم مصالح تركيا، ولن يقبله الكرد داخل البلاد "يجب التعامل مع هذه القضية بعقلانية، واتخاذ قرارات مدروسة تساهم في الوصول إلى حل مناسب".

وبينت أن التطورات في سوريا، بما في ذلك الاتفاقيات المبرمة والاجتماعات مع الحكومة السورية المؤقتة، تخضع لمراقبة دقيقة من قبل تركيا، إلا أن الشعب الكردي يُبدي حساسية بالغة تجاه هذه الملفات، وخاصة ما يتعلق بروج آفا "أن أي خسارة في روج آفا، أو أي عملية عسكرية هناك، ستنعكس سلباً على الشعب الكردي، حتى لو تم اتخاذ خطوات ديمقراطية داخل تركيا" واصفةً هذا النهج بأنه غير مقبول، حتى السيد عبد الله أوجلان لن يقبله.

واختتمت بروين بولدان حديثها بالقول، إن تركيا ستكون الرابح الحقيقي إذا تعاملت مع القضية الكردية بفهم عميق، يعترف بحقوق الشعب الكردي، ويحترم إنجازاته، ولغته، وهويته، وثقافته في كل المناطق التي يعيش فيها، وإذا سعت لحل القضية على أسس ديمقراطية، قانونية، ودستورية، فإن الحل سيكون ممكناً، ليس من منطلق الخسارة، بل من منطلق الانتصار والتوافق الوطني".