إطلاق دراسة محدّثة حول تزويج القاصرات في لبنان

أطلق التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني RDFL دراسة محدثة حول ملف تزويج القاصرات في لبنان، بهدف التوعية بهذا الملف الشائك، والدفع نحو إقرار قانون يفرض تحديد سن الزواج لما بعد سن 18.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ أقام التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني أمس الأربعاء 13 آذار/مارس في العاصمة اللبنانية بيروت، مؤتمراً أطلق فيه آخر دراسة محدثة حول تزويج القصّر في لبنان، والتي تأتي ضمن نضال سنوات للتجمع ضمن حملة #مش_قبل_الـ ١٨ من أجل إنهاء تزويج وإقرار قانون لتحديد سن الزواج في لبنان، وبهدف توفير فهم شامل ومحدث لتزويج القاصرات في جميع المحافظات اللبنانية.

تشكل هذه الدراسة والتي تستند على الإحصاءات والأرقام والمقابلات الميدانية مرجعاً محدثاً لكل ما يتعلق بالقضية المطروحة منذ عام 2016، وإلى معالجة هذه الظاهرة وتفسير أسبابها في المجتمع اللبناني، حيث تم تحليل وتيرة تزويج القصّر والأفراد البالغين من العمر 18 عاماً وما دون، وشمل هذا الاستطلاع الوطني محافظات لبنان الثمانية، أي بنسبة 36 بالمئة منه استطلاع للبنانيين و45 بالمئة مُوجه إلى اللاجئين واللاجئات السّوريات والفلسطينيين والفلسطينيات بنسبة 20 بالمئة، مع مراعاة الديموغرافيا المختلفة في المذهب والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمية وما إلى ذلك.

وقد ركزت الدراسة بشكل أكبر على السياق اللبناني، وشملت عدة مجالات رئيسية تتعلق بتزويج القصّر بما في ذلك الوعي وسن الزواج والحالات الصحية والإعاقات في الأسرة والظروف المعيشية في مخيمات اللاجئين/ات وأثر جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت فضلاً عن الانتماءات الدينية وأثرها على قرارات الزواج.

وقالت نائبة رئيسة التجمع النسائي اللبناني سارة عوطة "أطلق التجمع دراسة حول حماية القاصرين من التزويج المبكر، وكنا نرى نسبة متزايدة من حالات التزويج المبكر في البلاد، لأن الإحصائيات الأخيرة كانت في عام 2016، ولذلك يعتبر التقرير مرجعاً محدّثاً حول هذه القضية، وما ظهر معنا هو أن النسب ارتفعت بالمقارنة مع مما كانت عليه في عام 2016، آخذين في عين الاعتبار كل الظروف التي أدت إلى ارتفاع هذه الظاهرة".

وأضافت "أهمية هذه الدراسة تتمثل في أنها جعلت النواب يشعرون بمسؤولياتهم، وبات من الضروري التصرف بشكل سريع، وربما من الإيجابيات الآنية التي لمسناها، إذ أعلن النائب جورج عقيص خلال المؤتمر أنه سيتم تقديم طلب إحالة القانون إلى اللجان المشتركة، وذلك من أجل البت بهذا القانون إلى حين إقراره، وهذا الأمر نعتبره خطوة إلى الأمام، إضافة إلى كل ذلك، ستكون هذه الدراسة مرجعاً أساسياً لكل المنظمات الدولية والمحلية بما يمكنها من استخدام التوصيات التي وردت في الدراسة وإدراجها في مشاريعهم أو في أي تدخل على الأرض هم بصدد القيام به".

 

 

من جهتها، قالت منسقة التواصل في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني رشا وزني "هذه الدراسة تشكل مرجعية جديدة بكل ما يتعلق بهذه القضية، وهي شملت كل مدن لبنان منذ آخر تقرير وطني حول هذه القضية والذي صدر عن منظمة "اليونيسف" في عام 2016، هناك أرقام مقلقة جداً في الدراسة، تظهر ارتفاعاً بنسبة تزويج القصّر، ونتحدث عن نسبة 20 بالمئة من المجيبين/ات على استطلاعات الرأي، تزوجوا دون سن الـ 18، 87 بالمئة منهم نساء، ونتحدث عن 10 بالمئة من النساء تزوجن بين عمر الـ 13 و15 عام، أيضا 26 بالمئة من الأطفال هم خارج البرامج التعليمية، 56 بالمئة منهم فتيات، وهناك نسبة تسرب مدرسي عالية جداً".

وأضافت "هناك 56 بالمئة من المجيبين والمجيبات يطالبون بضرورة تحديد قانون سن الزواج وهو جداً مهم، وتأتي هذه الدراسة ضمن الجهود الحثيثة للتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ومنذ عام 2017 من أجل تجريم تزويج القاصرين/ات في لبنان وصولاً إلى إقرار قانون مدني موحد يحدد سن الزواج بـ 18 عام".

 

 

بدورها قالت رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة لورا صفير إن "جمعيتنا تأسست في عام 1997 في بيروت و1999 في طرابلس، ومنذ تاريخ تأسيس الجمعية ونحن نعمل على الحد من التزويج المبكر، وننظم ونقيم حملات توعية ولقاءات مع أصحاب المصلحة المختلفين ورجال الدين حول هذا الموضوع، ووضعنا اقتراح قانون لحماية القاصرات من التزويج المبكر، واقتراح القانون هذا يحمي القاصرين/ات، وإنما نشدد على موضوع القاصرات لأنه في المادة 522 من قانون العقوبات المتعلق بالاغتصاب استثنوا بعض المواد التي تتيح للمغتصِب أن يتزوج الصبية، حيث يعفى من العقوبات إذا تزوجها بين عمر 15 و18 عام، ونحن أبدينا الإصرار للعمل على هذه القضية، وقد عملنا على إلغاء المادة 522 وتم إقرار هذا الإلغاء، ولكن ثمة استثناءات ألغت مفاعيل إلغاء هذه المادة".

وأضافت "أكملنا العمل على هذه المواد والتوعية حولها، وكذلك تضمينها اقتراح القانون الذي وضعناه، وتعديل المواد 505 و518 و519 التي تتمحور حول العقوبات على المعتدي، يجب أن يكون هناك ضرورة لإقرار هذا القانون، ولذلك جئنا اليوم مع التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني من أجل أن نضغط حتى إقرار القانون بتحديد الزواج بعمر الثماني عشرة عام".

وأشارت إلى أنه "عندما نختار المواضيع التي ننظم حملات توعية حولها، فهي تكون نابعة من أرض الواقع، من المجتمع الذي نعيش فيه، وتبين أن منطقة الشمال خاصة فيها نسبة كبيرة من تزويج القاصرات، خاصة مع النزوح السوري الذي فاقم من الظاهرة، لكن المؤسف أيضاً أن التزويج المبكر في حال وقع لا يتم تثبيته قانونياً، وهنا نواجه مشكلة ثانية أيضاً أن هؤلاء النساء والأطفال يصبحون بلا حقوق بعد أن يتزوجوا".

 

 

وقالت رئيسة الجمعية الخيرية للتوعية الاجتماعية مي وهاب أبو حمدان "أتمنى من الشعب اللبناني، أن يطالب بدولة مدنية، لأن الدولة المدنية نص عليها "اتفاق الطائف"، حين أكد "وصولاً إلى دولة مدنية، وإقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي"، ونحن في لبنان لن يتحقق أي شيء من إصلاحات طالما أن هناك دولة طائفية مذهبية، كل واحد يشد نحو مصالحه".

وأضافت "بالنسبة إلى قانون الأحوال الشخصية لطائفة الموحدين الدروز التي أنتمي إليها، فممنوع عقد القران وتزويج الفتاة قبل الخمسة عشر عاماً، ومع ذلك، وبالنسبة إلى بقية الطوائف طالبنا برفع سن الزواج إلى ثماني عشرة عاماً، لأن هناك تزويج في سن الـ 9 والـ 11 عاماً، ويحرمونهم من حقهم بالطفولة، وأيضاً من حقهم في التعليم، وكل زواج للقاصرات ينتهي بالطلاق".

ولفتت إلى أنه "منذ سنوات عدة، عندما طالبنا بتعديل قانون الأحوال الشخصية لطائفة الموحدين الدروز، قمنا بوضع هذا البند، ولكن هناك أناساً عارضوا، والآن أنا أؤيد الجمعيات وأدعوها للتكاتف ودعم هذا القانون من أجل رفع سن الزواج إلى ثمانية عشرة عاماً، وكل مشروع نريد تحقيقه على الصحافة أن تتبناه وعلى الجمعيات كافة دعمه" .

 

 

وضمن نشاطات المؤتمر عرضت بعض النساء رسومات من إنتاجهن، وقالت أديل شمعون "اشتركت مع التجمع في دورة رسم استفدت منها كثيراً، وشعرت أنه يمكن أن يكون لدي استقلالية وأن يصبح لدي مردود اقتصادي، والأمر لا يقتصر على الناحية المادية فحسب، ذلك أنه بالإمكان أن تظهر المرأة مواهبها، وكنا مجموعة من النساء بلغ عددنا أكثر من 15 واستفدنا كثيراً، ففي المستقبل يمكننا المشاركة في معارض، وهذا ما يساعد في تمكين المرأة، وأشجع النساء على المشاركة في مثل هذه الأنشطة".

 

 

من جهتها، قالت ميشلين عازار "شاركنا مع الجمعية في دورات عدة ومنها الرسم، ولا يمكنني إلا التكلم عن مساهمتهم بإيجابية، فقد كان هناك تنظيماً، وبالنسبة لنا فعدا عن تعلمنا تقنيات الرسم والأشغال اليدوية، وهو ما أفادنا على المستوى الشخصي بأننا نستطيع أن نقدم فنوناً نصنعها بأيدينا ونرفه عن أنفسنا ونزيل الضغط والقلق النفسي بغض النظر عن الفائدة المادية".