الزلازل تفتك بشرق أفغانستان... النساء والأطفال في قلب المأساة

خلّفت الزلازل التي ضربت شرق أفغانستان دماراً واسعاً وخسائر بشرية جسيمة، كان معظم ضحاياها من النساء والأطفال بسبب هشاشة المنازل، فيما حرم من نجا من المساعدات الإنسانية التي تخضع لسيطرة طالبان.

بهاران لهيب

ننكرهار ـ يعيش سكان شرق أفغانستان في ظروف قاسية وسط انهيارات أرضية، أمطار غزيرة، ونقص حاد في الخدمات الطبية، بينما تستمر المعاناة في ظل غياب الدعم والعدالة في توزيع الإغاثة.

شهدت المناطق الشرقية من أفغانستان بما فيها العاصمة كابول في 31 آب/أغسطس، زلزالاً عنيفاً خلف دماراً هائلاً، وسجلت على إثره خسائر مادية في ولاية لغمان ومدينة جلال آباد، فيما تعرضت ولاية كونار لكارثة إنسانية، حيث دُمّر واديان بالكامل، وانمحت إحدى قرى وادي مزار عن الوجود بعد أن قضى جميع سكانها، ودُفنوا في مقبرة جماعية. الطرق المؤدية إلى المناطق المنكوبة في كونار أصبحت غير سالكة، وزادت الهزات الارتدادية، التي ترافقت مع أمطار غزيرة، من حجم المأساة عبر التسبب بانهيارات أرضية فاقمت معاناة الأهالي.

وفي أعقاب الزلزال المدمر، لم ينجُ من العديد من العائلات سوى فرد أو اثنين، فيما شكّل النساء والأطفال وكبار السن الغالبية العظمى من الضحايا، ويعود ذلك إلى هشاشة البنية السكنية في معظم قرى ومقاطعات أفغانستان، حيث تُبنى المنازل من مواد أولية غير مقاومة للكوارث، ما يجعلها عرضة للانهيار السريع عند وقوع الهزات الأرضية، ويؤدي إلى خسائر بشرية فادحة.

وفي الثالث من أيلول/سبتمبر الجاري، ضرب زلزال آخر بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر منطقة دار انور في ولاية ننكرهار، هذه المرة، بالإضافة إلى الخسائر المادية، كانت هناك أيضاً خسائر بشرية، حيث أُصيب العشرات، واضطر الناس إلى قضاء الليل والنهار في الحقول الزراعية.

ورغم أن خطة الإغاثة كانت تقضي بإيصال المساعدات عبر طائرات الهليكوبتر إلى المناطق المنكوبة، إلا أن حركة طالبان فرضت سيطرتها على هذه العمليات، مما أثار موجة من الاستياء الشعبي، وقد أفاد العديد من السكان بأن المساعدات تُسجّل بأسمائهم، لكنها لا تصل إليهم، بل تُحوّل لصالح الحركة، ما عمّق من شعورهم بالتهميش والخذلان في لحظة كانوا فيها بأمسّ الحاجة للدعم.

وفي غضون ذلك، تُحذّر هيئة الأرصاد الجوية باستمرار هطول أمطار غزيرة وخطر الفيضانات المفاجئة، كما أعلن برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية الوضع "حرجاً".

تقول نورغول ولي في العقد الخامس من عمرها، إحدى سكان منطقة دار انور في ننكرهار "دُمّرت منازلنا في الزلزال الأول، كون منطقتنا جبلية، وفقد اثنان من أطفالنا أرواحهم وأصيب آخرون بكسور وجروح، في المرة الثانية التي ضربها الزلزال القوي، دُمرت المنازل نفسها التي بقيت سليمة نسبياً، وأصيب العديد من النساء والأطفال".

وأضافت "لا توجد عيادة في قريتنا، توجد واحدة فقط في مركز المقاطعة، وهي بعيدة عنا؛ حتى تلك العيادة الموجودة تفتقر للأطباء والمعدات الكافية لعلاج الجرحى، قلة قليلة فقط تمكنوا من نقل جرحاهم إلى مدينة جلال آباد".

وعن المساعدات، قالت وهي غاضبة "جميع المساعدات تذهب أولاً لحركة طالبان، ثم إلى أصحاب النفوذ في القرى، وقد سمعنا أن المساعدات وصلت إلى ولاية كونار، لكن وضع الناس هناك ليس أفضل من وضعنا"، مضيفةً "لا أحد يساعدنا نحن الذين فقدنا منازلنا وأطفالنا وجميع ممتلكاتنا".

وتابعت "لم أرى الحكومة تأتي لمساعدة الفقراء في حياتي، إنهم لا يكتفون بعدم المساعدة، بل يقتلون أو يخفون أزواجنا وأبناءنا تحت ذرائع واهية، كل ما وصل إلى البلاد ذهب إلى جيوب أصحاب النفوذ، ويستمر هذا التوجه".

أظهرت الزلازل المتتالية في شرق أفغانستان مجدداً أن شعب هذا البلد مُعرّض للكوارث الطبيعية ونقص البنية التحتية القادرة على الصمود، في الوقت نفسه، أدى غياب الشفافية في إدارة المساعدات وتوزيعها بشكل عادل إلى مضاعفة معاناة الناجين، وفي ظلّ تضرّر النساء والأطفال وكبار السن بشكل كبير، لا يزال الناس ينتظرون مساعدة حقيقية وعادلة؛ مساعدة بقيت حتى الآن في معظمها مجرد شعارات.