تراجع كبير في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في تونس

أكدت رئيسة مجموعة توحيدة بالشيخ هادية بلحاج على التراجع الكبير في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية محذرة من الانعكاسات السلبية على صحة النساء والشباب.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أعتبر فريق توحيدة بالشيخ أن قرار القيام بالإجهاض بالنسبة للمرأة هو قرار صعب جداً للقيام به لأن الغاية منه أحياناً تتمثل في عدم إنجاب أطفال مشوهين إضافة إلى حماية صحة الأم وتجنبها الانعكاسات التي يمكن أن تنجر إليها.

قالت رئيسة مجموعة توحيدة بالشيخ هادية بلحاج أن التراجع في الخدمات المطلوبة وإمكانيات الحصول على الحق في الصحة الجنسية والإنجابية تم تضمينها في تقرير المجتمع المدني الذي تم عرضه على لجنة الأمم المتحدة للمرأة، المنعقدة من10 آذار/مارس الجاري، إلى غاية 21 من نفس الشهر للنظر في مدى تطبيق منهاج عمل بيجين الذي ينص على أن "حقوق الإنسان للمرأة تشمل حقها في أن تتحكم وأن تبت بحرية في المسائل المتعلقة بحياتها بما في ذلك صحتها الجنسية والإنجابية، وذلك دون إكراه أو تمييز أو عنف".

كما أن التوصية العامة 24 للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة توصي بأن تعطي الدول الأولوية "لمنع الحمل غير المرغوب فيه، عن طريق تنظيم الأسرة والتثقيف الجنسي".

وفي هذا الإطار تعمل مجموعة توحيدة بالشيخ على تحسين أوضاع النساء والشباب في مجال الصحة الإنجابية والجنسية بالشراكة مع القطاع العام أو جمعيات أخرى وقامت بإعداد تقرير، ولكن وفقاً لرئيستها هادية بلحاج هذه الشراكات لم تعد مفعلة كما السابق كما تم تسجيل تراجع ملحوظ في مستوى الخدمات المسداة مقارنة بالسنوات السابقة وكأن الصحة الجنسية والإنجابية مسألة ثانوية وليس لها أي تأثير سلبي على المرأة والمجتمع.

وأوضحت أن المسح الذي تم القيام به سنة 2012 بين أن 62 بالمئة من التونسيات المتزوجات يعتمدن وسائل منع الحمل ولكن تراجع هذا العدد سنة 2018 ثم ازداد تراجعاً سنة 2023 ليبلغ حالياً 50 بالمئة فقط بما يعني أن نصف نساء تونس المتزوجات أو اللواتي لديهن شريك لا يعتمدن موانع الحمل.

وفيما يتعلق بالحصول على الحق في الإجهاض الآمن في حالة عدم الرغبة في الإبقاء على الحمل تقول "إمكانية الإجهاض في تونس متوفرة شرعاً إلى حدود الأسبوع الرابع عشر من الحمل لكن عندما يتحولنَّ إلى مراكز الخدمات يتعرضنَّ إلى محاولات لتغيير الفكرة والتراجع عن الإجهاض أو يطلبون منهن إجراء تحاليل هن في غنى عنها أو يمتنعون عن القيام بإجراء الإجهاض الدوائي على خلفية أنه لا يجب تجاوز حدود الأسبوع العاشر للحمل بينما يمكن القيام بذلك في الشهر الرابع عشر".

وأشارت إلى أنه في مثل هذه الحالة تتعرض المرأة لضغوطات نفسية حتى تتجنب اتخاذ قرار الإجهاض كما لا تجد الخدمات المطلوبة عندما تتوجه نحو مراكز الصحة الإنجابية.

وأفادت هادية بلحاج بأن فريق توحيدة بالشيخ يؤكد على أن قرار القيام بالإجهاض بالنسبة للمرأة هو قرار صعب جداً للقيام به لأن الغاية منه أحياناً تتمثل في عدم إنجاب أطفال مشوهين إضافة إلى حماية صحة الأم وتجنبها الانعكاسات التي يمكن أن تنجر عنها، مشيرةً إلى أنه يفترض ألا تتجاوز وفيات الأمهات 17 وفاة في 100ألف ولادة بينما في غياب الإحصائيات الرسمية هناك تقديرات تقول أنها تتراوح بين 35 و45 وفاة، وبناء عليه قامت الجمعية بتدريب القائمين على توفير الخدمات في مجال الصحة الإنجابية والتأكيد على ضرورة  تقديم الخدمات اللازمة.

وأشارت إلى أنه من غير المعقول أننا منذ سنة 2008 وإلى غاية اليوم لم نقم بدراسة حديثة لتحديد نسب وفيات الأمهات في تونس وبناءً عليه تطالب مجموعة توحيدة بالشيخ بتوفير مؤشرات جديدة تمكن من إعداد استراتيجيات لحماية صحة الأم والطفل والحصول على الخدمات.

وذكرت أنه في إطار الشراكة مع ديوان الأسرة والعمران البشري قامت الجمعية بدراسة سنة 2022 تهم القيم الجنسانية والشباب والعلاقة بين الجنسين والصحة الانجابية والجنسية بثماني محافظات.

وأوضحت أن 837 شاباً وشابة ملأوا الاستمارة بشراكة بين جمعيتنا وجمعية "وان تو وان" وتحت إشراف السلطة المحلية بالمحافظات وعلى رأسهم الولاة.

وكشفت الدراسة بأن الشباب بين 18و29 يعانون من نقص في المعلومة في مجال العلاقة بين الجنسين (الصحة الجنسية والإنجابية والجسد)، و أن 92 منهم يحصلون على المعلومة من شبكة التواصل الافتراضي الفيسبوك.

وشددت على أنه "لبناء مجتمع سليم يجب إدماج الصحة الانجابية والجنسية في التعليم المدرسي لأن الشباب في التاسعة والعشرين عاماً ليست لديهم المعلومة الصحيحة حول ذلك، بينما قديماً كانت المعلومة تصل بطريقة أفضل والشباب يعرفون وسائل منع الحمل وكيفية التعامل بها حتى أن الدكتورة توحيدة بالشيخ كانت مناضلة نسوية وطبيبة أطفال لكنها تهتم بصحة الأم خاصة بالأرياف لأنها تنعكس على صحة الطفل كما ساهمت في التأسيس للتنظيم العائلي وقانون الإجهاض منذ السبعينات وتم الانطلاق في برنامج التنظيم العائلي وتطبيق قانون الحق في الإجهاض منذ 1973".

وبخصوص البرامج المستقبلية للجمعية أفادت "سوف نواصل العمل على إعداد الدراسات وتحسين نوعية الخدمات والاتجاهات والقيم وتنظيم دورات تدريبية تتعلق بالمهام العملية للإطارات الشبه الطبية".

وأضافت "سنحرص على  تبادل الخبرات مع المنطقة العربية والافريقية وبلدان البحر الأبيض المتوسط وأيضاً المناصرة للحصول على الحقوق الصحية والانجابية والوصول إلى الإجهاض الأمن وحرية الجسد لأن المرأة حرة في كيفية حماية جسدها من العنف".

واختتمت حديثها بأن مجموعة توحيدة بالشيخ استطاعت تدريب 186 شخصاً بشراكة مع القطاع العام وتتطلع إلى تجديد هذه الشراكة لتقديم المزيد من الخبرات.