كيف يساهم التشبيك النسوي في تحسين أوضاع النساء في المنطقة؟

ساهم التضامن النسوي العابر للحدود في إحداث تحولات ملموسة لصالح النساء، وقد ساهم التركيز على هذا التضامن في مخرجات المؤتمرات في تمكين الحركات والمنظمات النسوية من الإلمام بقضايا النساء عبر مختلف الدول.

زهور المشرقي

تونس ـ تعلق النسويات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط آمالاً كبيرة على التشبيك من أجل تعزيز التفاعل الحقيقي لخدمة قضايا النساء وتحقيق تضامن فعلي على أرض الواقع، وبرغم التحديات والعوائق، يواصلن السعي إلى إيجاد أرضية مشتركة للعمل الجماعي، خاصة وأنهن يتقاسمن العديد من الإشكاليات والمشاكل.

أكدت الناشطة المقيمة في تونس ميسر عطياني على أهمية بناء مناخ مشترك بين نساء إفريقيا والشرق الأوسط، يقوم على التضامن والتشبيك الحقيقيين، باعتبارهما مفتاحاً لتحسين أوضاع النساء وتبادل الخبرات والتجارب في التعامل مع القضايا النسوية في مختلف البلدان.

واعتبرت أن قضية النساء الفلسطينيات وصلت إلى العالم بفضل التضامن النسوي والتشبيك، اللذين ساهما في إيصال معاناتهن من عنف واعتقال وتجويع وقتل على يد القوات الإسرائيلية، مؤكدة أن الفلسطينيات مستهدفات في كل مكان، سواء في منازلهن أو في الجامعات أو الحقول أو الشوارع، ويحاولن التأقلم مع هذا الواقع القاسي للحفاظ على حياتهن ومقاومة سياسات الاستيطان والقمع.

وفيما يتعلق بشكل التضامن المطلوب مع المرأة الفلسطينية، قالت "أنا الآن في تونس، وأؤمن بأن التونسيات متضامنات معنا. أدعوهن إلى المقاومة معنا، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو من خلال مقال صحفي أو كلمة دعم. لا تستهينّ بهذه الأفعال، فقد رأينا كيف أوصل التضامن العالمي أصواتنا إلى الخارج، وانطلقت مسيرات رافضة لجرائم الاحتلال في عدة بلدان، وهذه خطوات بالغة الأهمية".

واعتبرت أن حركات التضامن النسوي والحقوقي الدولية تركت أثراً ملموساً على مسار القضية الفلسطينية، مؤكدة أن قوة التشبيك يمكن أن تساهم في حل النزاعات أو على الأقل الضغط لوقف الانتهاكات ضد النساء، مبينةً أن التضامن الدولي يساهم في لفت الانتباه إلى المعاناة التي تواجهها النساء في غزة، وحتى وإن لم يحدث تغييراً جذرياً فإنه أحدث فرقاً ملموساً بنسبة لا تقل عن 50%.

ودعت النساء إلى استمرار حملات التضامن بينهن لاعتبار أن السنوات الأخيرة قد بينت أن الإشكاليات مشتركة وتتقاسمن نفس الأوجاع والمشاكل بسبب العقلية الأبوية والأنظمة الرأسمالية التي تُعادي النساء.

 

 

من جهتها، اعتبرت الناشطة الحقوقية ومؤسسة جمعية تضامن المرأة العراقية، هيفاء زنكنة، المقيمة في تونس منذ عدة سنوات، أن النضال في العراق كان يهدف إلى تحرير البلاد من الاستعمار الداخلي والخارجي، إضافة إلى تحرير النساء من مختلف أشكال العوائق، لكنها أكدت أن أوضاع النساء العراقيات اليوم أصبحت مأساوية نتيجة لسياسات الترهيب والتنكيل الممنهج، منذ الاحتلال الأميركي وحتى الوقت الراهن.

وأضافت أن العراق لا يزال بلداً تتعرض فيه النساء لشتى أشكال التمييز والعنف، مشيرة بشكل خاص إلى التعديلات الأخيرة التي طالت قانون الأحوال الشخصية، والتي اعتبرتها انتهاكاً خطيراً لحقوق النساء والفتيات، إذ تكرّس التمييز وتحرمهن من المساواة أمام القانون، مما يعرضهن لانتهاكات إضافية.

وأوضحت أن هذه التعديلات، التي يشرف عليها رجال دين، تشكل "انتكاسة حقيقية" لمسار نضال النساء العراقيات، واصفة الوضع الحالي بأنه "تدهور نحو القاع"، كما انتقدت التشكيلة السياسية الطائفية والعرقية التي تهيمن على المشهد.

واعتبرت هيفاء زنكنة أن محاولات سن قوانين جديدة تستند إلى دستور لم يكتبه العراقيون والعراقيات أنفسهم، تهدف إلى تكريس الانقسام الطائفي الذي بدأ عام 2004، عقب تشكيل مجلس الحكم تحت إشراف الحاكم الأميركي.

وأوردت أن العراق كان معروفاً بتقدمه حيث كانت أول وزيرة عام 1959 في المنطقة العربية وكانت حقوق النساء متساوية مع الرجل وكل نص في قانون الأحوال الشخصية والدستور يساوي بين الجنسين، لكن جدت محاولات تغيير لإيجاد تشريع جديد يقصي النساء ويتطابق مع حالة الطائفية.

وأفادت بأن ما عاشته العراقيات مؤخراً من حرب ضد حقوقهن لاقى التضامن الواسع معهن أفريقياً وشرق أوسطياً وعالمياً، وكانت الحركات النسوية والحقوقية قد عبرت عن مساندتها الواسعة معهن في مقاومتهن ضد انتهاك حق الطفلات والفتيات وضرب حقوق النساء "كانت هناك مقاومة حقيقة ولازالت مستمرة حيث يتم إقصاء النساء وتعنيفهن بالقانون عبر تزويج القاصرات والزج بهن في قلب المعارك العرقية".

وتابعت "المجتمع المدني في منطقتنا قادر على إحداث التغيير بالتعاون والتشبيك، وهو قادر على تحقيق التضامن الواسع والتأثير الإيجابي في قضايا النساء العادلة".

وأشارت هيفاء زنكنة إلى أنه بفضل التضامن النسوي، ظهرت حركة تضامن قوية على الصعيدين الأوروبي والعربي مع النساء في المنطقة، وذلك في ظل الأحداث الكبرى مثل غزو العراق، وما عايشته غزة وسوريا والسودان، موضحة أن هناك منظمات تعمل بفعالية لدعم النساء، وتساهم في إيصال أصواتهن بالصوت والصورة، مما أثر بشكل كبير في تغيير مجريات الأمور، لا سيما في مقاومة السياسات الطائفية والعنصرية.