سنوات من الحرب...قصص مأساوية تعيشها اليمنيات

يأتي يوم الثامن من آذار من كل عام للاحتفاء بالمرأة وتسليط الضوء على نجاحاتها وإنجازاتها على مستوى العالم، بينما يمر على أغلب النساء اليمنيات كتذكير بمعاناتهن والانتهاكات التي تتعرضن لها منذ عشر أعوام من الصراع.

رانيا عبد الله

اليمن ـ أكدت حقوقيات أن معظم نساء اليمن تتعرضن لانتهاكات جسيمة، حيث ظهرت أشكال من العنف ضدهن لم تكن موجودة في حقيقة المجتمع اليمني، ما يعتبر انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية.

في ظل قدوم يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار/مارس، تعيش نساء قرية الصياحي بمنطقة الضباب بمدينة تعز جنوب غرب اليمن حالةً من الخوف والفزع، نتيجة الاشتباكات التي تدار بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً.

تعذر على مراسلتنا الوصول إلى المنطقة لنقل أوضاع النساء هناك بسبب خطورة الوضع واستمرار المواجهات، إلا أنها استطاعت التواصل مع نساء القرية هاتفياً عن طريق إحدى الناشطات القاطنات في القرية.

تقول هنية قاسم إحدى نساء القرية "بينما كنا نحن نساء القرية والأطفال في الوادي نقوم بمهامنا اليومية، فجئنا بالرصاص من حولنا، فهرعنا جميعاً إلى منازلنا، ولم نتمكن حتى من التحرك داخل المنزل، حيث اختبأنا في إحدى الغرف الواقعة وسط المنزل".

كذلك الحال بالنسبة للمرأة الخمسينية صفية علي التي كانت تعيش في قرية الشقب إحدى قرى جبل صبر بمدينة تعز، فلم تتوقع أن تمر عليها عشرة أعوام وهي تعيش وسط قصف مستمر ونزوح  من مكان لآخر، فبعد أن كانت تمتلك منزلاً يأويها، ومحلاً في القرية بالإضافة إلى امتلاكها لمزارع، أصبحت بلا مأوى واضطرت مع أسرتها للفرار إلى المدينة في منطقة أقل ضرراً.

وخلال رحلة النزوح استهدفها قناص الحوثيين في كتفها ما تسبب في عجزها عن تحريك يدها اليسرى، بالإضافة إلى فقدانها عدداً من أفراد أسرتها الذين كانوا قد استهدفهم القناصة أو قتلوا بسبب الألغام الأرضية "عندما بدأت الحرب عام 2015، كانت قريتنا من القرى الأولى التي شهدت اشتباكات ومواجهات، وما زالت حتى اليوم مشتعلة، كما أن الأراضي مملوءة بالألغام".

وأوضحت أنه في بداية الحرب أصرت على البقاء في القرية بالرغم من نزوح أسرتها "لم أكن أرغب في النزوح وترك بيتي وأرضي"، مشيرةً إلى أنه "بين فترة وأخرى كان أولادي يأتون لزيارتي، وفي اليوم الذي جاءت فيه ابنتي لزيارتي انفجر بها لغم أرضي زرعه الحوثيين بالقرب من منزلنا، ما أدى إلى فقدانها أطرافها السفلية".

ولفتت إلى أنه بعد سنوات من إصابة ابنتها تعرضت هي الأخرى لرصاصة قناص بكتفها "أتمنى أن أعود إلى بيتي وأرضي وأعيش بقية حياتي في قريتي، متى ستنتهي الحرب ونعيش كما كنا بأمان؟".

 

يدفعن ثمن الاختطاف

من جهتها قالت عضوة رابطة أمهات المختطفين أسماء الراعي "في اليوم العالمي للمرأة يحتفي العالم أجمع بمكانة المرأة ونجاحها، إلا أن أغلب اليمنيات تعانين منذ اندلاع الحرب"، مضيفةً أن "من خلال عملي في رابطة أمهات المختطفين، وجدت أن النساء تتحملن ضريبة باهظة الثمن، فالأمهات والزوجات تعانين ألم ومعاناة فقدان أحد أفراد أسرهن".

وأوضحت أن النساء تضطررن إلى قطع مسافات طويلة في ظل انقطاع الطرقات الرئيسية للبحث أو السؤال عن أقاربهن، وأنهن تتحملن الكثير من الأعباء الاقتصادية، وأن بعضهن تقمن بالاقتراض لزيارة أقاربهن إذا حصلن على معلومات حول السجن الذي يقبعون فيه "هناك قصص مأساوية لنساء ما زلن تعانين في ظل اختفاء أولادهن أو أزواجهن، وبعضهن لم يتمكنّ من معرفة أماكن احتجاز أقاربهن حتى الآن".

 

استمرار العنف

وعن الأوضاع التي تعيشها النساء قالت المحامية هدى الصراري إنه "بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار، نسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها النساء في اليمن خلال سنوات الصراع المستمرة، تشير التقارير الحقوقية إلى تصاعد تلك الانتهاكات، مما يعكس وضعاً إنسانياً مقلقاً يستدعي اهتمام المجتمع الدولي". 

وأضافت أن "مع استمرار الحرب ازدادت معدلات القمع والعنف والانتهاكات ضد النساء، وظهرت أشكال من العنف لم تكن موجودة في مجتمعنا اليمني، كالابتزاز الإلكتروني، الذي صاحبه تحريض وشتم، وتعرض الفتيات والنساء للقتل وانتهاك حقهن في السلامة الجسدية وأمنهن وخصوصيتهن". 

ووثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات مقتل 2,786 امرأة وإصابة 4,369 أخريات جراء القصف المدفعي، وانفجارات الألغام، وأعمال القنص، منذ انقلاب الحوثيين في 21 أيلول/سبتمبر 2016 وحتى الأول من آذار/مارس 2024.